سوليوود «متابعات»
عندما تستحضر الجزيرة العربية أيام العرب في التاريخ، لا بد وأن ترد في الذكر أبرز ملاحم القرن السابع الميلادي، عندما كانت شبه الجزيرة العربية آنذاك تضم قبائل متفرقة تعيش صراعاً دائماً في ما بينهما، في حين تحيط بها إمبراطوريات ضخمة تتعاقب على ممارسة النفوذ عليها، قبل أن تستنهض هند بنت النعمان بن المنذر القبائل العربية للاتحاد معاً لمواجهة كسرى فارس، التي انتهت بأول انتصار للعرب على الفرس في معركة شهيرة باسم «ذي قار»، نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه.
وتبرز أهمية المعركة في الخصم الذي فاق العرب سلطة وعدداً، ولكونها إحدى المرات القلائل التي اتحدت فيها القبائل المتناثرة، مما جعل المؤرخين يعدونها ملحمة من ملاحم تاريخ المنطقة، وهو ما يسعى مجموعة من المنتجين إلى تحويله لفيلم سينمائي يتم تصويره الآن في السعودية.
ملحمة الملايين الـ 140
وتعمل مجموعة «إم بي سي» ممثلة في أستوديو الإنتاج الخاص بها، بالتعاون مع شركتي الإنتاج العالميتين «JB Pictures» و«AGC StudiosK»، على تصوير العمل تحت اسم «محارب الصحراء».
وبحسب «اندبندنت عربية»، فإن تحالف المنتجين الثلاثي قد خصص مبلغ 140 مليون دولار لتقديم العمل، وهو ما لم ينفه الرئيس التنفيذي لـ «AGC studios»، ستيوارت فورد، في الوقت الذي تحفظت فيه «إم بي سي على مناقشة أو تأكيد المعلومات الخاصة بالجانب المالي من المشروع.
ويضم العمل الذي يتم تصويره الآن في مدينتي «نيوم» وتبوك شمال السعودية، نخبة من الممثلين العالميين والعرب، في مقدمهم أنتوني ماكي، الذي لعب بطولة فيلم «كابتن أميركا» الشهير، وأيضاً الفنان السوري غسان مسعود الذي سيلعب دور الملك النعمان بن المنذر، وابنته هند التي سيتم تجسيدها من قبل الممثلة البريطانية – السعودية عائشة هارت، والممثل البريطاني بن كينغسلي في دور الشاه الساساني كسرى.
ويحمل العمل توقيع المخرج البريطاني روبرت ويات، صاحب أعمال «المقامر» و«”نهوض كوكب القردة» و«دولة أسيرة».
ويعد العمل الأضخم من حيث الإنتاج والموازنة في السعودية.
يذكر أن منطقة العلا، شمال غربي السعودية، انتهت قبل أسابيع من تصوير عمل ضخم آخر بعنوان «قندهار»، بطولة جيرارد بتلر، والذي يحكي قصة استخباراتية أميركية في أفغانستان، وتشارك إم بي سي في إنتاجه أيضاً.
قصص المنطقة بمواصفات عالمية
في السياق، قالت المديرة العامة لأستوديوهات إم بي سي في السعودية زينب أبو السمح، «نحن فخورون بهذا العمل الذي شهد تعاوناً مع كبرى الأسماء العالمية سواء في الإنتاج والإخراج والكتابة أو في التمثيل”.
وأضافت، «يأتي فيلما محارب الصحراء وقندهار ليجسدا عملياً استراتيجية الأستديو وتوجهه نحو إنتاج محتوى محلي رائد يروي قصص المنطقة ويحمل مواصفات عالمية، ليستهدف بذلك المشاهدين في كل مكان حول العالم”.
وختمت أبو السمح بالتشديد على القيمة المضافة للطاقم التمثيلي الذي يضم نخبة الأسماء العالمية والعربية، معتبرة ذلك بمثابة الحلم الذي تحقق، إذ اجتمعت كوكبة من النجوم العرب والعالميين في تجربة سينمائية ملحمية من شأنها أن تسلط الضوء على المخزون الحضاري والتراثي الغني لمنطقتنا، فضلاً عن وضع السعودية على خريطة الإنتاجات السينمائية العالمية الرائدة.
بدوره، قال المدير الإداري للصناعات الإعلامية في «نيوم» واين بورغ، «إن استقطاب مدينة نيوم لإنتاج سينمائي عالمي ضخم بحجم محارب الصحراء يعكس وفرة المواقع التي تحتضنها نيوم وتنوعها، إضافة إلى فريقنا الإنتاجي الخبير والمتمرس وفق أعلى المعايير العالمية، فضلاً عن الحوافز القيمة التي نقدمها، هي عوامل تجعل مدينة نيوم وجهة جاذبة لصناع الأفلام وشركات الإنتاج الرائدة حول العالم».
البدء بتصوير فيلم هندي في «نيوم»
ولم تكن هوليوود فقط هدف «نيوم» الوحيد، بل أغرت بوليوود أيضاً، حيث قالت صحيفة ذا إيكونوميك تايمز الهندية إن “نيوم” السعودية تقدم نفسها اليوم كوجهة تنافسية لصناعة الأفلام الهندية، وتوفر أيضاً تعليماً مهنياً يستهدف تطوير المواهب ذات المستوى العالمي، وإضافة إلى ذلك فهي تدعم رواد الأعمال بتمويل مبتدئ وقائم على الحوافز، وتوفر بنية تحتية عالمية المستوى كما تستغل التكنولوجيا لتوسيع العملية الإبداعية إلى ما وراء الحدود الحالية.
وقال تقرير الصحيفة إنه “لا تزال بوليوود واحدة من أكثر صناعات الأفلام ديناميكية على مستوى العالم، وتقدر قيمتها بنحو 2.4 مليار دولار في عام 2020، وتنتج سنوياً أفلاماً أكثر من أفلام هوليوود، بما في ذلك العديد من الأفلام المنتجة خارج الهند. ومثل أي صانع أفلام يبحث المنتجون الهنود دائماً عن مواقع جديدة توفر الدعم اللوجستي لمنح المنتجين ميزة تنافسية”.
وتابع التقرير، بينما تتمتع بوليوود بعلاقات وثيقة وتاريخية مع منطقة الخليج العربي، إلا أن السعودية تحديداً وبخاصة في نيوم، قامت بإنشاء أول مركز إعلامي متكامل في المنطقة، مما يوفر فرصة مثيرة للمنتجين الهنود مع مواقع فريدة ومتنوعة لم يتم استخدامها من قبل، إضافة إلى دعم خدمات الإنتاج”.
وتطمح السعودية إلى تحقيق قفزة في الإنتاج السينمائي، إذ استثمرت 64 مليار دولار في صناعة الترفيه الناشئة في السعودية كجزء من جهد أوسع هدفه التحول إلى مركز السينما “رقم واحد” في منطقة الشرق الأوسط.