سوليوود «متابعات»
في الرابع عشر من مارس المقبل يحتفل عشاق السينما في كل مكان بمرور نصف قرن بالتمام على بدء عرض الجزء الأول من فيلم «العراب» Godfather للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، الذي قسم تاريخ السينما إلى ما قبل «العراب»، وما بعده.
الاحتفال لن يقتصر على تذكر الفيلم أو إعادة مشاهدته على نسخ الـ«دي في دي»، ولكن سينزل أيضاً إلى قاعات العرض في نسخة جديدة مرممة، بتقنية 4K ومن المتوقع أن يحقق الفيلم «العتيق» مشاهدات وإيرادات لا يستطيع تحقيقها كثير من الأفلام الحديثة هذه الأيام، فعلى مدار عقود كونت ثلاثية أفلام «العراب» قاعدة من المحبين والمريدين بالملايين، ومعظم هؤلاء لم تسنح لهم الفرصة لمشاهدة أي من الأفلام الثلاثة في دور العرض السينمائي، حيث عرض آخرهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً في 1991.
حقق الجزء الأول عند عرضه نجاحاً مدوياً، حيث أصبح واحداً من أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات في التاريخ، كما حقق أعلى الإيرادات في 1972 في أمريكا والعالم، محققاً ما يقرب من 135 مليون دولار من العرض المحلي في الولايات المتحدة وكندا، و142 مليون دولار من توزيعه العالمي، ليصبح أنجح فيلم في التاريخ حتى ذلك الحين، قبل أن يأتي فيلمJaws ليحتل المركز الأول بعد أربع سنوات. وبحلول 1997، وتوزيع الفيلم في دور العرض خمس مرات على مدار هذه السنوات وصلت إيراداته المحلية إلى 246 مليون دولار وإيراداته العالمية إلى 287 مليون دولار.
“العراب” حقق أرقاماً قياسية من العرض التليفزيوني أيضاً، وكانت NBC أول محطة تلفزيون تشتري حق عرضه مقابل 10 ملايين دولار لعرض واحد قامت بتقسيمه على ليلتي عرض. وبالمجمل حقق الفيلم أرقاماً غير مسبوقة لاستديوهات «بارامونت» المنتجة، لدرجة أن سعر سهم الشركة ارتفع في البورصة من 77 سنتاً إلى3.30 دولار.
وفي الملف الضخم الذي نشرته مجلةEmpire السينمائية في عددها الأخير احتفالاً بالذكرى الخمسين للفيلم يكشف كوبولا أن مغامرة إنتاج الفيلم لم تكن سهلة أبداً عليه أو على الشركة المنتجة، فهو لم يكن قد تجاوز الثلاثين وليس له اسم في عالم السينما، وعهد إليه بصنع فيلم ينتمي لنوع فني (العصابات) لا ينجح عادة في شباك التذاكر، وفريق عمل يضم عدداً من كبار النجوم على رأسهم براندو، وإنتاج ضخم للغاية، ولكن يبدو أن السر هو أنه أخذ رواية الكاتب ماريو بوزو المقتبس عنها الفيلم، وحولها إلى فيلم عن العائلة استلهم فيه تفاصيل كثيرة من عائلته كإيطالي أمريكي.
وبعيداً عن الإيرادات، فقد ترك «العراب» بأجزائه الثلاثة تأثيراً وإرثاً ثقافياً لا يمحى على تاريخ السينما الأمريكية والعالمية وذوق ومزاج الملايين من مشاهديه في كل مكان. من هذه التأثيرات انطلاق موجات متتالية من أفلام «المافيا» والعصابات، ومنها ترسيخ شعبية بطله مارلون براندو، في دور زعيم المافيا دون كوروليوني، كواحد من أعظم الممثلين في تاريخ السينما، وتدشين نجومية آل باتشينو (بطل الأجزاء الثلاثة) وروبرت دي نيرو (بطل الجزء الثاني في دور الدون كورليوني شابا). ولعل أهم أثر تركه «العراب»، كما يشير كوبولا في حواره لمجلة «إمباير»، هو أنه ساهم في تغيير ثقافة العنف الذكورية وبين هشاشتها وجنوحها نحو التدمير الذاتي.
“العراب” هو واحد من الأفلام القليلة التي حظيت بإعجاب الجمهور والنقاد معاً، وفنياً يعد في رأي معظم النقاد واحداً من أهم عشرة أفلام في تاريخ السينما، وفي قائمة مؤسسة الفيلم الأمريكيAFI يأتي الجزء الأول في المرتبة الثانية بعد فيلم «المواطن كين» لأورسون ويلز، بينما يأتي الجزء الثاني في المرتبة 32. وعلى موقعrotten tomatoes يحظى الفيلم بإجماع 98% من الجمهور، و97% من النقاد من واقع 133 مقالاً نقدياً عن الفيلم يضمهم الموقع.