سوليوود ( وكالات )
يبدأ فيلم “أثرياء أسيويون مجانين” بقول مأثور لنابليون عن الصين: “دعوا الصين لسباتها، فما إن تستفيق إلا ويستفيق العالم بأسره”. والفيلم حيوي واعد يخطف الأبصار والألباب بكوميديا رومانسية عن أستاذة اقتصاد صينية-أمريكية تلتقي أسرة حبيبها الثري في سنغافورة كما ذكر موقع بي بي سي .
ويتأنق الفيلم بحيوية بفضل طاقم متميز من ممثلين أسيويين وأمريكيين وإنجليز من أصول أسيوية، ليعكس فضلا عن إبهار الشكل مضمونا عن الهوية العرقية والتجاذب بين الثقافة والطبقات؛ بين محدثي الغنى وذوي الأصل الثري، وبين الرغبة في تحقيق الذات والواجب تجاه الأسرة.
يعتمد الفيلم على رواية ناجحة للمؤلف كيفين كوان كأنها أعدت للشاشة الفضية، تضمنت عناصر الكوميديا الرومانسية بدءا بالبطلة الجميلة ريتشيل تشو (تمثيل كونستانس وو) الذكية الراجحة العملية التي تخفي شخصيتها مخاوفها الخاصة، ما يرق له قلب المشاهد.
تعيش البطلة حياة سعيدة في نيويورك برفقة نيك يونغ (هنري غولدينغ) الأستاذ خريج أوكسفورد شديد الوسامة، الذي يقدم على خطوة شديدة الغباء بأخذه ريتشيل في رحلة إلى وطنه الأم لحضور زفاف صديقه المقرب، ناسيا أن يذكر أن أسرته وأصدقاءه جميعا أثرياء بشكل فاحش، فهم لا يتورعون عن شراء فستان بآلاف الدولارات أو بناية لمجرد أنها استهوتهم.
في الكثير من أفلام الكوميديا الرومانسية يكون دور الممثلة المساعدة للبطلة مجرد إضافة معتادة، أما في هذا الفيلم فقد أدت الممثلة ومغنية الراب أكوافينا دورا محوريا كصديقة ريتشل أيام الجامعة، بيك لين، ذات الشعر الأصفر الجريء، الذي يليق بشخصية متسرعة كوميدية ومقدامة من أسرة سنغافورية طيبة، وحديثة العهد بالثراء.
وحينما تستعرض أمها أمام ريتشيل غرفة المعيشة المذهبة فوق الطاقة، وتقول إنها مستوحاة من قصر فرساي، تتمتم بيك لين قائلة: “ومن حمام دونالد ترامب”.
تجد ريتشيل أن عليها تجاوز العقبة الكؤود التي تعترض طريق كل بطلات قصص العشق الكوميدية، وهي رفض حماتها لها. تمثل ميشال يو، النجمة الأسطورية لفيلم “النمر الرابض والتنين المخفي”، دور الأم الأنيقة إلينور يونغ، المتسلحة بعزم خفي للحيلولة دون انضمام تلك الأمريكية عديمة الحسب والنسب إلى أسرتها العريقة، ولإعادة نيك لأحضان الأسرة وإدارة ثروتها.
خلال لقائها الأول بريتشيل، تبادر الأم بالقول بهدوء: “حين يطول المقام كثيرا بالأنجال بعيدا عن الأسرة كأنهم ينسون أصلهم وفصلهم”، في طلقة أولى تحذيرية من أم مخلصة لا تتخلى أبدا عما برأسها، صوابا كان أم خطأ.
كل يؤدي في الفيلم دوره ببراعة، كابنة العم الجميلة المتألقة أستريد (الممثلة جيما تشان) التي يتهاوى زواجها من رجل متوسط الثراء. ويلعب كين جيونغ دور والد بيك لين المبتهج، وهناك أيضا حفنة الفتيات الوقحات اللاتي يضايقن ريتشيل خلال الحفل. الجميل في الفيلم خلو أدواره من الصور النمطية للصينيين.
أخرج جون م تشو مشاهد الفيلم الضخمة بيسر وسهولة، وإن ازدحم الفيلم ببعضها أحيانا. في أحد المشاهد يحول صديق العريس برنارد (جيمي أو يانغ) حفل الرجال على متن سفينة شحن إلى قطعة عائمة من لاس فيغاس في أقبح صورها، في مشهد مختصر لحسن الحظ.
هناك أيضا مشهد ريتشيل تجرب الفستان تلو الآخر على وقع موسيقى أغنية مادونا “Material Girl” (فتاة مادية) – وهو مشهد متوقع.
الفيلم يتفوق بمشاهده العاطفية الصغيرة، كلقاء ريتشل وأمها كيري (تان كينغ هوا) قبل سفر الابنة إلى سنغافورة حين تضع كيري وجه ابنتها بين راحتيها وتقول إن ريتشيل ربما تبدو صينية في نيويورك، ولكن الأمر شيء آخر حين تكون صينية-أمريكية في أسرة صينية.
يبلغ الفيلم ذروة التوتر بمشاهد البطلة والحماة أداء كونستانس وو، وميشال يو، إذ تبدي ريتشيل تحديا دون الخروج عن اللياقة بينما تفكر ألف مرة إذا كان بمقدورها أن تصبح يوما جزءا من حياة نيك.
يجمع زفاف صديق نيك بشكل رائع بين الفخامة واللمسات العاطفية الصغيرة، بينما تخطو العروس خطواتها على صفحة ما بدا جدول ماء تطفو فوقه الأزهار.
وتغني كينا غرانيس توزيعا رومانسيا لأغنية “Can’t Help Falling in Love” أو (لا أقوى على مقاومة الحب)، بين عدة أغاني من أداء مغنيين آسيويين، مما يزيد الفيلم قوة وبهجة.
“أثرياء أسيويون مجانين” فيلم قائم بذاته دون الرواية، وإن بدا أحيانا متعجلا بسرد المشاهد. ويعود الفيلم بالذاكرة في بدايته لنرى عائلة نيك وقد تبلل أفرادها بالمطر، واضطروا لترك أحد فنادق لندن بعد رفض مديره المتعالي استقبالهم.
ولو كانت قد توافرت فسحة أكثر للمشهد لزاد تأثيره، خاصة وأنه مشهد محكم ومفرح في نهايته. تضيف جيما تشان ما أمكنها من عمق لشخصية أستريد، ومع ذلك لا يوضح الفيلم سبب تعلق نيك بها بين أقربائه.
وحين يلمحها أحد ضيوف العرس في مشهد ختامي يمهد لفيلم تابع، لا يعرف سوى من قرأ الرواية أن علاقة عاطفية ممتدة ربطت هذا الشخص بها.
سقف التوقعات عال لهذا الفيلم، فهو أول فيلم ضخم تنتجه هوليوود منذ 25 عاما يؤديه ممثلون أسيويون. والسؤال ليس ما إذا كان الفيلم سيجتذب مشاهدين غير آسيويين (فهو سيجتذب الأسيوي وغير الأسيوي بالتأكيد)، بل ما إذا كان سيجتذب قطاعات أخرى غير عشاق الكوميديا الرومانسية، هنا المسألة غير محسومة.
وبينما يعرض الفيلم كافة أدوات الكوميديا الرومانسية الواحدة تلو الأخرى، تكاد تشعر بالمخرج والممثلين يحبسون أنفاسهم من وراء الكواليس وقد حرصوا ألا يهفوا أحدهم هفوة حتى ينتهي آخر مشهد، ليتنفسوا الصعداء معا وقد حاذوا إعجاب الجمهور