سوليوود «خاص»
يُقال أن الموسيقى التصويرية تمثل نصف الصورة السينمائية، فهي تُساند قوة المشهد وتزيد من عمقه، ولكن لدى الموسيقار الألماني «هانز زيمر» فإن الموسيقى التصويرية تتحول إلى صورة سينمائية متكاملة، فتصبح قادرة على التأثير في النفوس، والصعود بها نحو مستويات أخرى.
وهذا بالضبط ما نجح «هانز زيمر» في تحقيقه من جملة الأفلام التي حلقت به في سماء الفن السابع، التي صارت أيقونات خالدة فاستحق عن جدارة لقب «ملك الموسيقى التصويرية» في هوليوود.
قوة موسيقى «هانز» تجلت في أفلام الخيال، ولعل ثلاثية «The Dark knight» للمخرج كريستوفر نولان، وأيقونته «انترستيلر» التي وُصفت بالجبارة، وذلك لما حملته من تحد لموهبته بجانب تأثيرها الكبير في المشاهد السينمائية، والتي استطاعت أن تقوده إلى جوائز «الأوسكار» وجوائز «غرامي» التي استحقها عن جدارة.
بدأ «هانز زيمر» مشواره في صناعة الموسيقى التصويرية، بتأليف الموسيقى التصويرية لأكثر من 150 فيلمًا منذ الثمانينيات، والتي تنوعت بين موسيقى أفلام سينمائية، وثائقية، وألعاب فيديو، ومقدمات بعض المسلسلات.
كما نجح الموسيقار العالمي «هانز زيمر»، في ابتكار بعض أشهر الأفلام وأكثرها تأثيرًا في عصرنا الحالي، حيث أعاد الملحن الذي حاز على ترشيحه الحادي عشر لجائزة الأوسكار في العام 2018 عن فيلم «كريستوفر نولان»، الذي حقق نجاحًا كبيرًا على شباك التذاكر في ابتكار وتنسيق الأداء الموسيقي الحي للأفلام.
مولده وبداياته في عالم الموسيقى
ولد في مدينة فرانكفورت بألمانيا الغربية في 12 سبتمبر عام 1957، لأم موسيقية تعشق الموسيقى وأب مهندس يُعرّفه «هانز» بأنه مخترع، وجميع المصادر التي تناولت مسيرته لا تذكر أن له إخوة، فيبدو أنه كان الطفل الوحيد في أسرته.
يحكي «هانز زيمر» عن طفولته وعن كونه أحبّ الموسيقى بسبب بيانو أهدته له والدته، والذي كان يتعلّم عليه العزف منذ أن كان عمرة 3 سنوات، كما أن والدته كانت تعلّمه عزف بعض المقطوعات القصيرة بطريقة صحيحة، وليس بمجرد ضربات متفرقة على المفاتيح، وقد تأثر «هانز» في طفولته وشبابه بموسيقى «إنيو موريكوني»، خصوصًا بالموسيقى التصويرية لفيلم «Once upon a time in the West»، التي ألهمته ليصبح مؤلفًا للموسيقى التصويرية للأفلام.
أكد «هانز زيمر» فخره بأنه تعلّم الموسيقى تعلّمًا ذاتيًا، كما أنه لم يدخل الجامعة ولم يكن يستطيع البقاء في 8 مدارس مختلفة، وذات مرة حصل على دروس في عزف البيانو لمدة أسبوعين فقط، وقد توفي والده وعمره 6 سنوات ، وكان يراقب حُزن والدته دائمًا ولم يجد سوى البيانو ليعزف عليه من أجلها، يتحدث عن ذلك بأنه كان يعتقد أنه إذا عزف على البيانو جيدًا، فإن ذلك سيجعل منه ولدًا صالحًا في نظر والدته وقد يُسعدها ذلك، وبحسب قوله فقد وجد أن العزف يساعده أيضًا على تخطي فقدان والده أو عدم تواجده في المنزل بشكلٍ ما، رغم أنه لم يكن يعِ تمامًا معنى الفقد في تلك السن الصغيرة.
انتقل «هانز زيمر» إلى إنجلترا في السبعينيات، وكانت بداياته في العمل مع العديد من الفرق الموسيقية الصغيرة مثل «The Buggles»، والفرقة الإيطالية «Krisma»، وفي الثمانينيات دخل «هانز» في شراكة مع «ستانلي مايرز» مؤلف الموسيقى التصويرية والملحن البريطاني الذي ألّف الموسيقى التصويرية لأكثر من 60 فيلمًا، وأسسّا معًا استوديو «Lillie Yard recording studio» لإنتاج وتسجيل الموسيقى التصويرية.
يعزف «هانز زيمر» منذ بداياته في السبعينيات بطريقة المزج «Synthesizer» «موسيقى إلكترونية»، إذ يستخدم آلة إلكترونية كلوحة مفاتيح لتوليد الأصوات التي يتم تعديلها إلكترونيًا باستخدام الكمبيوتر، ثم يحوّلها بعد ذلك إلى آلات لتُعزف.
ألّف «هانز» و«مايرز» الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام الشهيرة مثل: Moonlighting,Success is the Best Revenge, My Beautiful, Laundrette أمّا الموسيقى التصويرية الأولى لـ«هانز» منفردًا، فقد كانت لفيلم «Terminal Exposure» للمخرج «نيكو ماستوراكيس» عام 1987، وكان منتج الموسيقى التصويرية لفيلم «Last Emperor» عام 1987 الذي فاز بجائزة الأوسكار عن أفضل موسيقى أصلية، أمّا موسيقى فيلم «Rain Man» للمخرج «باري ليفينسون» فقد كانت نقطة تحول في مسيرة «هانز» وسببًا رئيسيًا في انتقاله لهوليوود.
انتقاله إلى هوليوود
حدثت نقطة تحول في مسيرة زيمر المهنية مع فيلم «رجل المطر» عام 1988، حيث كان المخرج «باري ليفينسون» يبحث عن مؤلف موسيقي لتأليف موسيقى الفيلم، وسمعت زوجته الموسيقى التصويرية لفيلم «عالم منفصل» المناهض للتفرقة العنصرية، الذي قام «هانز» بتأليف موسيقاه التصويرية، فأعجب «ليفينسون» بعمل «هانز» وكلفه بوضع موسيقى فيلم «رجل المطر».
ويستخدم «هانز» في ذلك الفيلم أجهزة «سانتيسايزر وهي غالبًا أجهزة فيرلايت سي إم آي» ممزوجة بطبول معدنية، وتحدث «هانز» عن ذلك الفيلم قائلًا «كان فيلم طريق، وعادة ما تحتوي أفلام الطريق على جيتارات من نوع جانغلي أو مجموعة من الآلات الوترية، وظللت أفكر في ألا تكون الموسيقى أكبر من الشخصيات، وأن تحاول الاحتفاظ بشخصية ريموند التي لا تعرف في الواقع مكانها، فالعالم مختلف جدًا بالنسبة له، قد يكون أيضًا على سطح المريخ، فلماذا لا نبتكر الموسيقى العالمية الخاصة بنا لعالم غير موجود حقًا؟»، وتم ترشيح موسيقى «هانز» لفيلم «رجل المطر» لجائزة الأوسكار في عام 1989، وفاز الفيلم بأربع جوائز أوسكار بما في ذلك جائزة أفضل فيلم.
الجوائز التي حصدها «هانز زيمر»
تلقى «هانز» الكثير من الجوائز والتكريمات، منها جائزة «إنجاز العمر في التأليف الموسيقي» من «المجلس الوطني للمراجعة»، وجائزة «فريدريك لو» عام 2003 من مهرجان «بالم سبرينغز السينمائي»، وجائزة «هنري مانسيني لإنجاز العمر» من «الجمعية الأمريكية للملحنين والمؤلفين والناشرين»، وجائزة «ريتشارد كيرك لإنجاز العمر» من مؤسسة «بي إم آي» عام 1996.
وفي ديسمبر 2010 حصل على نجمة في ممر المشاهير في هوليوود، وأهدى الجائزة إلى ناشره وصديقه المقرب «روني تشيسن» الذي قتل بالرصاص في بيفرلي هيلز في الشهر الماضي.
وفي عام 2016، كان من الفائزين بميدالية «ستيفن هوكنغ للتواصل العلمي».
وفي نوفمبر 2107، أطلق اسمه على كويكب في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، الذي اكتشفه عالما الفلك البولنديين «ميشيل كوساك» و«ميشال زول نوفسكي».
وترشح «هانز» إحدى عشرة مرة لجائزة الأوسكار عن أفضل موسيقى أصلية حتى عام 2018، وفاز بها مرة واحدة في عام 1994 عن موسيقى فيلم «الأسد الملك».
وفي 2 أكتوبر 2018، حصل «هانز» على وسام الاستحقاق من جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وفي عام 2019 تم منحه لقب «أسطورة ديزني».
كما حصد «هانز زيمر» الكثير من الجوائز من أبرزها جوائز «الأكاديمية»، وجوائز «جرامي»، وجائزة «ستالايت»، وجوائز «ساتيرن»، وجوائز «بريت الكلاسيكية»، وجوائز «جمعية نقاد السينما بواشنطن»، وجوائز «جمعية نقاد السينما في دالاس فورت وورث»، وجوائز «ورلد ساوندتراك»، وميدالية «ستيفن هوكينغ».