سوليوود «متابعات»
بعد نحو خمسة أعوام على إصدار الجزء الأول من فيلم «الفرقة الانتحارية»، الذي يعد امتدادا لـسلسلة كومكس التي بدأ نشرها 1959، قررت الشركة المنتجة «وارنر بروز» إطلاق جزء ثان، رغم أن الأول شابه كثير من الانتقادات، وحقق أقل من المتوقع من حيث الإيرادات، وبدل من أن تطمس ذكراه، قامت الشركة المنتجة بإصدار جزء ثان مستقل، لكن كيف عملت على تغيير الصورة النمطية للفيلم في عقل المشاهد؟.
تغيير المخرج
بداية التغيير كانت مع المخرج جايمس جان الذي سبق أن قدم فيلم «حراس المجرة» الذي يضاهي في قوته الفيلم الحالي، فارتقى إلى مستوى إتش آر جيجرى الفنان في مجالات المؤثرات السينمائية، أو بيار باولو بوسوليني المخرج والكاتب الإيطالي المبدع، وعلى الرغم من أن المخرج جايمس جان عاش منذ نحو عامين تدهورا جماهيريا، بسبب تغريداته المخلة بالمجتمع، التي عدها البعض قضت على حياته المهنية، إلا أن هذا الفيلم جاء بمنزلة المنقذ له، خاصة بعد أن عملت الشركة المنتجة على الترويج للفيلم من خلال وصفه بالأسلوب المروع، وبالتالي تحويل نظرة الرأي العام لجايمس من نقطة نفور إلى نقطة جذب، حسب صحيفة الاقتصادية.
مهمة وطنية للمجرمين
الفيلم الذي يشبه في حبكته فيلم the dirty dozen وفي فكاهته فيلم Ghostbusters يروي قصة فريق من المجرمين أصحاب القدرات الخارقة، يقومون بمهمات صعبة وقذرة لمصلحة الحكومة الأمريكية، مقابل تخفيض عدد أعوام أحكامهم، هذه المهمة تحتم على الفريق التوجه إلى جزيرة في أمريكا الجنوبية للسيطرة على معمل عملاق، تتم فيه تجارب تسليح خطيرة قبل أن يقع في يد النظام الحاكم الجديد، الذي تمكن من السيطرة على مقاليد الدولة بعد انقلاب عسكري، وليحارب الجزيرة بأكملها يجب على الفريق أن يتحد.
لا حصانات
في حين أننا اعتدنا أن تحافظ الحبكة على حياة الأبطال والأشرار لكي يظهروا في الجزء التالي من السلسلة، إلا أن شخصيات «الفرقة الانتحارية» لا تتمتع بهذه الحصانة، فلقد أوضح الفيلم تماما أن لا أحد في طاقم الشخصيات المتنوعة والعديدة في مأمن. وهذا يعطي شعورا نادرا بالخطر، مثل مسلسلGame of Thrones حيث يمكن أن يكون أي مشهد هو الأخير لشخصية المشاهد المفضلة.
بداية الفيلم كانت مشوقة، فعلى وقع أغنية جوني كاش Falsom Prison Blues، تجند فيولا دايفس، التي تجسد دور أماندا والا، مديرة فريق البحوث، قاتلا اسمه سافنت، يؤدي دوره مايكل روكر، في سجن “بيل راف” في فرقة متمردين أنشأتها تعرف بفرقة القوات إكس، وهي تتألف من مجرمين عنيفين، جمعتهم للقيام بمهمات قد تكلفهم حياتهم، وإن نجحت المهمة يتم حذف عشرة أعوام من حكمهم.
أي إنسان يمكن استبداله
إن «الفرقة الانتحارية» كما هي مجسدة، ليست فريقا من الأبطال الخارقين، بل هي شخصيات قابلة للاستبدال، وهذا هو فحوى فيلم the dirty dozen، فأي إنسان يمكن استبداله، أما من ناحية التمثيل فيأخذ إدريس ألبا وقتا ليظهر قوته، لكنه يرتقي إلى القيادة على مر الفيلم، وظهور جاذبيته مع مرور كل جريمة وكل تصفية. إضافة إلى ذلك، لقد تم اختيار جون سينا بطريقة ممتازة، فأدى دور الوضيع الوسيم الذي يرتدي زيا يشبه زي كابتن أمريكا، ويعتمر على رأسه خوذة حديد، شبهها بلودسبورت في مكان ما بالمرحاض، يقول سينا في أحد المشاهد إنني أحمل السلام في قلبي ولا أكترث لعدد الرجال، النساء أو الأطفال الذين سأقتلهم لتحقيقه. وهناك أيضا الرجل القرش، مخلوق يشبه القرش الأبيض وسمكة التونا ويتكلم بأصوات الأطفال، أدى صوته سيلفاستر ستالون، إلى جانب راتكاتشر2، الدور الذي أدته دانييلا مالكيور، التي يمكنها التحكم في أي جرذ، الأمر الذي يذعر بلودسبورت الذي يخاف من الجرذان.
الأقرب إلى بطل خارق من بين الشخصيات هو رجل البقع، يؤدي دوره دايفيد داستمالشيان، على الرغم من أنه مشوه بسبب اختبار أجرته عليه أمه العالمة، يمتلئ بالبقع الملونة القاتلة التي ينبغي له إخراجها مثل تيدلي وينكس مرتين في اليوم، كما يعاني أيضا عقدة أوديب، فيحول أي شخص يراه في عقله إلى أمه من أجل قتله، ولقد احتوت هذه المشاهد على كثير من الكوميديا، فالمرأة التي قامت بدور الأم هي الممثلة لين آش، وشكلها أسوأ من الساحرات.
أما هارلي كوين، النجمة الصاعدة في «الفرقة الانتحارية» والوحيدة التي حصلت على فيلم خاص بها، فهي الفرد الوحيد من الفرقة الذي يظهر من جديد، ويعود الفضل إلى تأدية مارجو روبي المتألقة للتذكير في سبب حصول كل ذلك. وهنا أيضا، تكون هارلي حسناء مجنونة من بروكلين، تعيش في اللحظة التي أمامها على حساب نسيان ما تبقى. منحت روبي – كاريزما الشخص المضطرب عقليا – نبضا مزدوجا من الهدوء والجنون، البراءة والتملك. فكان هربها من السجن باستخدام مقص ورجلين ثابتتين أشبه برقصة كلاسيكية متقنة.
مشاهد دموية
عندما تتعرض تلك الشخصيات للقتل، لا يكون المنظر جميلا، حيث يعود المخرج جيمس جان إلى أيام مجده السابقة كمخرج لا يخشى الدموية. فالشخصيات لا تموت فحسب، بل تتعرض للذبح والتقطيع والحرق والتفجير مع كثير من الدماء، ذاك النوع من الدموية التي قد ترى فيها قطعا من الأشلاء. يتم أحيانا تنفيذ لحظات القتل الوحشية هذه لتكون صادمة، وفي أحيان أخرى من أجل الفكاهة، وأحيانا لترك تأثير مؤلم في المشاهد. لكنها دائما ما ستثير نوعا من ردود الفعل المهمة، وهذا سبب نجاح الفيلم.
يعطي فيلم The Suicide Squad المخرج جان كامل الحرية ليقوم بكل الأشياء التي يبرع فيها للغاية، فيمزج ببراعة بين الأكشن والدراما وبين البراعة وحس الفكاهة، وهي الأمور التي بتنا نتوقعها من مخرج Guardians of the Galaxy، فلقد قام بتغيير الأبطال رغم أن نسخة 2016 ضمت كلا من الجوكر وويل سميث، إلا أن القصة بشكلها العام كانت فاشلة، لذلك حافظ جان على أكثر ما أشاد به الجمهور والنقاد من الفيلم الأول للفرقة الانتحارية، وهو مارجو روبي في دور هارلي كوين، واهتم بها بشكل خاص، سواء من حيث المشاهد الدرامية، أو من حيث مشاهد الأكشن الجنونية، وأضاف شخصيات جديدة أهمها الشخصية التي يلعبها إدريس ألبا، الموجودة في الأساس لعلاج غياب ويل سميث، إضافة إلى شخصيات سيلفستر ستالون وجون سينا.
وعودة على ذي بدء، احتل الفيلم صدارة إيرادات السينما في أمريكا الشمالية مسجلا 26.5 مليون دولار، فهل هذا الرقم الخجول يعني أن وسمة فشل الجزء الأول ما زالت تلاحق الثاني.