سوليوود «خاص»
قليل من الكتاب من إذا وُوري الثرى يبقى لأقلامهم بريقه وعنفوانه، ويبدو أن «عبدالرحمن الوابلي» أحد أولئك الذين حملتهم رياح أقدارهم للخلود والبقاء لتشكل أوراقهم مداد أعمال وروحًا لـ«كركترات» لم تظهر على الشاشة، وملهمًا لأجيال تبحث عن انطلاقتها بين سطور مقالاته ومشاهده التي لا تنسى.
وعلى الرغم من تكوينه الأكاديمي الذي يكاد يغلب على مساره العملي، فإنه استطاع حجز مقعد له في مقدمة المؤثرين عبر الكتابة، حيث كانت مقالاته تتناول مختلف الموضوعات الاجتماعية، كما عالجها دراميًا عبر أشهر الأعمال المحلية التي خطفت أعلى المشاهدات.
تعود نشأة «عبدالرحمن بن محمد يوسف الوابلي» إلى مدينة بريدة في العاشر من أكتوبر عام 1958، وكانت تسمى سنة مولده بالهدام أو سنة الغرقى حينما أمطرت سحابة على مدينة بريدة 40 يومًا، درس مراحل تعليمه ببريدة، وكان مهتمًا منذ صغره بالقراءة والاطلاع على كتب الأدب والتاريخ، ونال البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في «التاريخ الإسلامي» بمدينة القصيم، ليبتعث بعدها لدراسة الماجستير في «التاريخ الأوروبي» في جامعة ولاية إمبوريا، كانسس، بالولايات المتحدة الأميركية، ويعود للوطن للحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة الملك سعود بالرياض في «التاريخ العربي الحديث».
وتشكلت بداية علاقته بالدراما بمرحلة الثانوية حينما كان يؤلف مونولوجات تعرض في الاحتفالات السنوية لنادي التعاون ببريدة، وعبر حضوره الإعلامي طرح كثيرًا من السلبيات في الأعمال الدرامية والمقالات الصحفية.
اشتهر «الوابلي» بخطابه الوطني وأفكاره الداعية إلى إذابة الحواجز بين أبناء الوطن الواحد، وعرفت عنه مقولة «الأزمة ليست في المكان، لا الصحراء أساءت إلينا، ولا الجبل أحسن إلينا، ابن البيئة هو المحسن والمسيء بفكره».
ساهم في الحراك الاجتماعي لسنوات طويلة مطالبًا بأهمية الوطن وأولوية الخطاب الوطني، وبحكم تخصصه في التاريخ طرح في مقالاته آراء جريئة من أبرزها: لماذا يتعنصرون ضد النساء، ومنك المال ومنها العيال، والمحنطون في الأرض.
وأسهم «الوابلي» بأعمال درامية مع نخبة نجوم المملكة، فظهر في أعماله «ناصر القصبي، وأسعد الزهراني، وعبدالإله السناني، وحبيب الحبيب، وريماس المنصور، ويوسف الجراح، ومريم الغامدي، ومحمد المفرح، وزارا البلوشي».
كتب «الوابلي» العديد من الأعمال المهمة ومن أبرزها: مسلسل «بيوت من تراب» وهو من إخراج «ندى إبراهيم»، ومن إنتاج مؤسسة نوافذ للإنتاج الفني. وشارك في كتابة عدد من حلقات من المسلسل الشهير «طاش ما طاش» ومسلسل «سلفي». وألف مسلسل «العاصوف» وهو من إخراج المثنى صبح، ومن إنتاج شركة O3 للإنتاج والتوزيع الدرامي والسينمائي.
توفي«عبد الرحمن بن محمد يوسف الوابلي»، صباح يوم الجمعة في 25 من مارس عام 2016، وكان أثر رحيله مفاجئًا للوسط الصحافي والفني بعد مسيرة حافلة بالإنتاج، وذلك بعد رحلة إبداعية كان فيها حاضرًا بمواقفه وقلمه وشجاعته الأدبية التي رفعت سقف الإبداع، ليرحل تاركًا الفجيعة لرفاق دربه ومخلفًا أعمالاً لا تزال تضج بها الساحة كلما استعيدت سيرة الكتابة والأعمال الإبداعية.