سوليوود «متابعات»
بعد تجربتيه الناجحتين «فنيًا» في هوليوود والمتمثلتين بفيلمه البوليسي الحاد Point Blank 1967 وبفيلمه الدرامي Hell in the Pacific الذي تقع أحداثه خلال الحرب العالمية الثانية 1968 وقبل أن يعود إلى إطار السينما الأميركية لإخراج فيلمه الأميركي الأهم «خلاص» Deliverance 1972، حقق جون بورمن «ليو الأخير» كدراما وكوميديا نافذة.
ووفقًا لما ذكره موقع الشرق الأوسط، يدور حول أمير أرستقراطي من مملكة أوروبية بائدة لا يزال يعيش حياة الثراء اسمه ليو «قام به الإيطالي مارشيللو ماسترويوني»، هوايته الوحيدة مراقبة الطيور. له باع طويل في ذلك وبل يبدو أن لا شيء آخر في الحياة، بما في ذلك أي شأن اجتماعي، يوازي تلك الهواية أهمية عنده. ذات يوم يصل ليو للندن في زيارة بدت عادية، لكنه سيكتشف ما يصبح بالتدريج أكثر أهميّـة من مراقبة العصافير وهو مراقبة امرأة سوداء اسمها سالامبو «غلينا فورستر جونز» تعيش معدمة وعلى حافة الجوع مع صديقها.
إنه أمر جديد عليه لم يكن شهده من قبل ويرقبه بفضول وتعجب، ينتقل الأمر به إلى الاهتمام ومن الاهتمام إلى الرغبة في المشاركة في حمايتها بعدما دخل صديقها السجن لقيامه بضرب صاحب دكان حاول اغتصابها وبعد أن أخذ قوّاد الحي «تدور الأحداث في نواحي نوتينغ هيل غيت التي كانت شهدت سنة 1958 اضطرابات عنصرية كبيرة» يحوم حولها ليحوّلها إلى واحدة من مومساته.
التجربة التي يتعرض إليها جون بورمن هي وضع ثري لا يعلم شيئًا عن حياة من هم دون مستواه الطبقي أمام فقيرة لا أمل لها في حياة أفضل، والنتيجة فيلم يعالج الفوارق الطبقية «والعنصرية» إنما من دون أجندة سياسية طاغية.
لم ينتم المخرج الآيرلندي بورمان إلى صانعي الأفلام التسجيلية الذين انتقلوا إلى رحى السينما الروائية ولا إلى المخرجين الذين قادوا، في الستينات، منهج السينما الحرّة وكانوا نواة ما عُـرف بـ«السينما البريطانية الجديدة»، لكنه حافظ على مسافة بينه وبين السينما الترفيهية ومنح كل أعماله سمة فنية واضحة حتى حين كانت بعض أفلامه ذات مواضيع شيّـقة، كان الناقد الراحل مايك وولنغتون على حق حين قال إن بورمن هو «ابن عم بعيد النسب لأنطونيوني» على الأقل في بعض أفلامه مثل «ليو الأخير».
وللصدفة البحتة، كان مايكل أنجلو أنطونيوني قد حقق قبل أشهر قليلة من هذا الفيلم «نقطة زابرسكي»«Zabriski’s Point» الذي انتقل من أجله إلى الولايات المتحدة ليقدّم نقداً لنظامها الاقتصادي، نلاحظ هنا أن النهايتين الماثلتين في «نقطة زابرسكي» و«ليو الأخير» متشابهتان، في الأول يتم تفجير قصر لشخص ثري يرمز الفيلم به إلى قطاع رجال الأعمال، وفي الثاني يقوم ليو بتدمير قصره مستخدمًا للغاية ألعابًا نارية، لكن معالجة بورمن أرق في كل الأحوال وغير مُسيّسة إلا بمقدار ما يختار المُشاهد استقباله من مفادات، هو اقتباس من مسرحية لجورج تابوري بعنوان «الأمير» أحاطت بحياة أرستقراطي معزول عن العالم وواقعه. ما يجعل الفيلم ناجحًا في مسعاه الساخر معالجته البصرية ولو أنها بدت تشبّهًا بتلك التي وفّرها فديريكو فيلليني في أفلامه.