أحمد سهيل
قرأت مقولة نسبت إلى الوردي يقول فيها «يا ويل القراء من أولئك الكتاب الذين لا يقرؤون» فتبسمت عطفا على حالي.
قبل أيام كنت في تجمع افتراضي خاص بالسينما في أحد برامج التواصل، غرفة محادثات مليئة بكتاب السيناريو ذوي الخبرات المتفاوتة، أبحث فيها عن سبب، عندما أكتب لا أتوقف، وعندما لا أجد ما أكتب، أنظر إلى كل سطر كتبه غيري بنية النقد وأنا لست بناقد، ملول لا أجد من يتضجر من ثرثراتي، حتى تحدث مثقف بيننا يصحح لي وصفا كتبته بقصد التوضيح.، لم أكن في لحظة سبقت تلك اللحظة بذلك الصفو من قبل، سعيد ظفر بجدال وثائر نال منه أحدهم في غير وقته.
كنت قد كتبت واصفا شكل هيكل السيناريو الخارجي بنمط معين نقلا عن المخرج العماني الجميل داؤود الكيومي، وكان من المفترض أن يراه بعض الأصدقاء المتواجدين لمناقشة سلاسة النمط وتحديد زمن صفحات النص السينمائي. وجدت أن ما أخذ علي إنما هو في ترتيب عنوان المشهد على نحو رآه صديقي المثقف في بعض النصوص العالمية مصرا «أن عنوان المشهد يكتب كما عرفناه في الطريقة العالمية – داخلي أم خارجي – المكان – تحديد المكان – الزمن (الوقت) كما كنت دوما أقول في محاضراتي عن كتابة السيناريو».
لم يتفق كتاب السيناريو في كل العالم حتى الآن على طريقة موحدة لكتابة النص السينمائي، ليس في العنوان دون شك ولا في وصف المشهد وحركته وعدد شخصياته، لذلك بالتأكيد لم يتفقوا بإصرار على أن الزمن هو آخر ما يكتب في عنوان المشهد. إن جدلية الكتابة الإبداعية في السينما خيط يسعى وراءه القراء من الدرجة الأولى في الصناعة والثانية أيضا، وذلك خوفا من تمرد الكاتب على ما عهد في البناء، والفكرة هي أن هؤلاء نسوا أن القواعد إنما وضعت لتكسر.
كان ذلك الخلاف الجميل بيني وبينه مثمرا، بنى رؤية وفتح لي نافذة تنبثق كلما أراد أن يفرغ ما في رأسه من علم في تلك الغرفة، وفي يوم كان الأخير بالنسبة لي في غرفة المحادثات تلك، وجدت أن سياسة الحديث قد تغيرت وباتت حصرا على هم كان الأكبر بالنسبة للغالبية العظمى في الغرفة -من بعده- هو (الإنتاج)، فبعد أن تم حصر المواضيع المتعلقة بالسيناريو والسينما بشكل عام في الإنتاج، كتبت إلى من يهمه الأمر هناك بأن هدف الملتقى هو الإثراء وأن هذا الحصر جاء مبكرا، فكان الرد أن المشاركين يؤمنون بأن جميع المتواجدين في هذه الغرفة كتاب محترفون أو ممارسون على الأقل وذلك ما أثبته التصويت.
رحت أبحث في سجل الأسماء في هاتفي عن رقم جهة إنتاج وأرسلته إلى المجموعة ثم غادرت على الفور، متسائلا هل وصلت السينما السعودية إلى هذا الحد من التقدم كي يجتمع 20% من كوادرها على مبدأ الحصر؟، فجاءني الرد بعد ثوان من خروجي من الغرفة حيث تلقيت رسائل من بعض المشاركين ممن لا أتخير عنهم فكرا ولا خبرة يسألونني عن بعض الأمور في بعض جزئيات السيناريو.
صحيفة مكة