تغريد الطاسان
نحمد الله نحن السعوديين على نعمة العيش في وطن بات معروفا بإنجازاته المتلاحقة، والمتعددة الاتجاهات والرؤى، التي شهدها ويشهدها في ظل «رؤية المملكة 2030» التي تؤسس لنا نحو الانطلاق باتجاه مستقبل زاهر واعد. ولعل أحدث تلك الإنجازات ما شاهدناه وقرأنا عنه الفترة الماضي في وسائل الإعلام المختلفة المحلية والعالمية عن عرض فيلم الرسوم المتحركة «الرحلة» أمام الجمهور العالمي والعربي بتقنية 4 DX، التي تحاكي مؤثرات العالم الحقيقي.
لا شك أن هذا الفيلم يعكس عدة تطلعات في المملكة، ليس لكونه أول فيلم «أنيميشن» سعودي – ياباني فحسب، بل لكونه أول فيلم رسوم متحركة سعودي بروح عالمية، ستطرح له منتجات في السوق مبنية على شخصياته، في تجربة نوعية جديدة لصناعة الأفلام السعودية والعربية.
لطالما أثبتت المملكة، طيلة مسيرتها التنموية الممتدة على مدى أكثر من تسعين عاما، قدرتها على تحقيق الإنجازات والتفوق والتميز والريادة، لتخلق تجربة هي الأنجح إقليميا وعربيا، جعلتها من بين الدول الأكثر تطورا ونموا واستقرارا بفضل الرؤية التنموية الشاملة، القائمة على التخطيط السليم، المدعوم بكوادر وطنية من المبدعين والموهوبين الذين يحرصون على بذل الجهود لصناعة محتوى سعودي إبداعي على أعلى مستوى، قادر على التعريف بثقافة المملكة، والإسهام في بناء منظومة صناعة المحتوى السعودية، وتصدير إبداع أبنائها إلى الأسواق العالمية.
ولعل المملكة، وبعد عرض فيلم «الرحلة» الذي حقق مقطعه التشويقي، الذي أُطلق في مارس الماضي، ثلاثين مليون مشاهدة عالمية، تكون قد دخلت عصرا جديدا في صناعة السينما، ليبدأ قطاع جديد بالكامل في الظهور بعد إنهاء حظره طيلة 35 عاما، ليفتح بذلك آفاقا جديدة، ليس فقط في مجال الثقافة، وإنما أيضا في دعم التنمية الاقتصادية، وبالتالي فنحن اليوم أمام مجال عمل خصب، يحتاج إلى كل من هو جاد لغرس بذور نبتة جديدة في تاريخ المملكة، وهو ما جسده وترجمه بالفعل كل المشاركين والقائمين على «الرحلة» من الشباب السعودي الذين تم تدريبهم ككوادر سعودية في مجال فن الـ«أنيميشن» بمنبعه في اليابان، ليُفيدوا بلادهم، ويصلوا بها إلى الريادة العالمية في صناعة المحتوى الإبداعي.
لقد نجح فيلم «الرحلة»، بعد عرضه في تسع دول عربية، وينتظر عرضه خلال أيام في اليابان وعدد من دول العالم الأخرى، في أن يقدم للمشاهد تجربة مميزة وفريدة من نوعها، حيث تم إخراجه وإنتاجه بجودة عالية من قِبل فريق متخصص من الخبراء في اليابان والمواهب السعودية، ليكون إحدى ثمار التعاون المشترك الذي بدأ في 2017 بين أستوديوهات الرسوم المتحركة في شركة «مانجا»، التابعة لمؤسسة «مسك» التي يشرف عليها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله، وأستوديوهات الرسوم المتحركة بشركة «توئي أنيميشن» اليابانية.
وفي رأيي البسيط، يعد «الرحلة»، الذي يقوم على الموروث السعودي والعربي، نقلة نوعية وتجربة متميزة وعظيمة في تاريخ المملكة، ولعل تميزه يكمن في أحداثه المتخيلة التي تدور في شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط، التي تنعم بثقافات وأنماط حياة وعادات مختلفة، حيث يقدم الفيلم رحلة ثرية ومشوقة عن تاريخ شبه منطقة الجزيرة العربية والشرق الأوسط في قالب جذاب وجودة عالية، وهي تجربة جديدة بالتأكيد لم يرها الجمهور من قبل. لذا، فأنا على يقين بأن العمل سيترك المشاهدين متشوقين للمزيد من الأعمال الفنية التي تسهم في عرض جمال وثقافتنا وتراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة.
كلي فخر كسعودية تحب بلادها بهذا الفيلم، الذي يعد أول إنتاج سعودي – ياباني مشترك، وكم أشعر بالسعادة أيضا وأنا أشاهده يعرض على مستوى المنطقة، وأيضا عالميا، لنصدر به ثقافتنا السعودية وقصصنا التاريخية، وأبارك لشبابنا وشاباتنا المبدعين الذين عملوا على الفيلم هذا التكامل والإتقان، الذي أثبتوا من خلاله قدرتهم وتمكّنهم من صناعة محتوى إبداعي احترافي، يحمل رسالة عميقة وملهمة، هي الدفاع عن الوطن الحبيب وثقافاته وقيمه من أعدائه، وأتطلع بشوق إلى تكرار ومشاهدة مثل تلك التجارب السينمائية الاستثنائية كثيرا في المستقبل، لتكون البداية لانطلاقتنا في دور السينما بالشرق الأوسط والعالم بشكل يعكس المستوى العالي للفنانين الموهوبين من المملكة، وما تزخر به من تنوع وثراء، من أجل رفع اسمها عاليا في جميع المحافل الإقليمية والعربية والدولية في سياق الأهداف الأوسع والأشمل لـ«رؤية 2030».
صحيفة الوطن