سوليوود «متابعات»
حمل الفيلم الروائي الثاني للمخرج والممثل فوزي بن سعيدي، «يا له من عالم رائع»، شكلاً مثيرًا من أشكال الفيلم البوليسي قل «إن لم يكن ندر» استخدامه في السينما العربية، هو فيلم تشويقي حول قاتل محترف وعاشق أقل احترافًا في عالم يشيده المخرج بمحطات عديدة تنقل الفيلم بين أجواء فنية بديعة وبسلاسة وقدر من الغرابة، وفقًا لما نشره موقع الشرق الأوسط.
من البداية، يطالعنا حي فقير من أحياء الدار البيضاء. قطعة ترابية، على خلفية من العمارات السكنية المتوسّطة وشارع يمتد عمقاً، بطلة الفيلم كنزة «نزهة رحيل» شرطية سير وفي ساعات فراغها تؤجّر هاتفها النقال لمن يود الاتصال، أحدهم «عبد الله شيشا» دائم الحديث مع محبوبته البعيدة، دائم القلق والغضب، واحدة من صديقاتها اللواتي يترددن على هذا الهاتف سعاد «فاطمة عاطف» تعمل خادمة بيوت و«مومس» معاً، ذات يوم يتصل قاتل محترف اسمه كامل «بن سعيدي» برقم سعاد المسجّل لديه فترد الشرطية كنزة، ما إن يسمع صوتها حتى يقع في حبها، تشترط عليه الكثير لكنه لا يُبالي، من أجلها مستعد لأي شيء بما في ذلك التخلّي عن حذره والمخاطرة بالظهور في وقت يحاول فيه أعداؤه النيل منه.
قبل ذلك، نرى كامل وهو ينفّذ عمليات القتل المطلوبة منه، إنه إنسان منفرد، يعمل وحيدًا ولن نراه يتكلّم «لكننا سنسمع صوته حين يتّصل بكنزة»، هناك شخصيات أخرى تملأ بعض الخانات الأصغر بينها شاب غارق في المواقع الإلكترونية الذي يكتشف شخصية القاتل «كون هذا يستلم مهامه عبر الإنترنت» لكن الأحداث تلتزم بمساعي القاتل البحث عن الشرطية الممتنعة عن مقابلته، ومرّتان يلتقيان دون أن يتأكد أحدهما من هويّة الآخر، إلى أن يلتقيا، بهويتين مفتوحتين، في المشهد الأخير.
هناك أكثر من بن سعيدي في هذا الفيلم، فهو كتب وأخرج وأشرف على توليف الفيلم كما قام بأداء الدور الرجالي الرئيسي فيه جامعًا كل المسؤوليات وماراً بكل النتائج بنجاح. «يا له من عالم رائع» مليء بالتصاميم الفنية الجميلة وبالنقل الموحي بين أساليب تعبيرية ثرية، وقصّة مثيرة الأحداث، علمًا بأنها لا تقول الكثير في النهاية، بن سعيدي يستخدم اللقطة المصاحبة بانوراميًا «Tracking Shot» بحب، من اللقطة الأولى لديه معرفة بيلا تار بفوائد ذلك النوع من اللقطات المتمهّلة التي تسير جنبًا إلى جنب الحياة التي تستعرضها، في واحد من أفضل تصاميم الفيلم الفنية، يضع المخرج الكاميرا على ارتفاع مساوٍ لأرض القطار ويلتقط بطل الفيلم وهو يسير في الممر بين «الكابينات»، كل كابين تلفظ نوعًا من الحياة كالموزاييك ولو من لون واحد، حياة لا مكان لها في القصة لكي يتوقّف عندها الفيلم، لكنها كاشفة.
الكثير من المشاهد مزروعة لتثير حب العين للسينما، والمخرج لا يهاب مزج التشويق باستراحات موسيقية راقصة وبمشاهد مبنية على تعاليم السينما الصامتة «بما في ذلك عناوين مكتوبة عوض أن تكون منطوقة أو مسموعة» وأخرى بالأبيض والأسود، بن سعيدي يذهب إلى حد استخدام الأنيميشن في أحد مواقع الفيلم، وهو إذ يفعل ذلك، يرفع جرعة المعالجة الكرتونية بكاملها، مثل المشهد الذي تمطر فيه فوق رأس بطله وحده، مشهد خليق بالكوميدي العبقري بستر كيتون «وهناك ملامح وجه متشابهة بين بن سعيدي وكيتون».
قراءة «يا له من عالم رائع» اجتماعيًا تتم استنتاجًا تقول بطلة الفيلم: «لا أعرف كيف أقول أحبّك في مدينة شوارعها من أرقام»، معظم الفيلم يرمي إلى تشكيل صورة كرونوغرافية لتلك الحياة، كاميرا غوردون سبونر «جديد باستثناء فيلمين طويلين سابقين» مستجيبة لرغبة بن سعيدي خلق حركة من كل شيء.