أحمد سهيل
منذ أن عهد المشاهد العربي الدراما الخليجية والسعودية تحديدا، بدأ معها علاقته الناشئة على فهم لهجة واحدة ليست بيضاء حتى بقدر ما هي رمادية تميل إلى لون بعيد منبوذ في كل المناسبات.
في كل مرة أتلقى فيها الدعابة من أحد أصدقائي من بعض البلدان العربية الذين لم يسبق لهم زيارة المملكة العربية السعودية، تكون الدعابة محصورة في بضع كلمات علقت في أذهانهم بسبب بعض مخلفات الدراما التي سبقت، كلمات ولهجة واحدة لا غير، هي التي سعى لتوحيدها بعض أصحاب الرؤى الفنية وحرص على تطبيقها المخرجون العرب بالوصاية.
«اللهجة البيضاء»
هل لهجة الدراما أو السينما السعودية بيضاء فعلا وسهلة؟
حسنا، لا يسعنا إلا أن نحترم كل المحاولات التي سبق بها الممثلون العرب والخليجيون على وجه الخصوص لعكس لهجة سعودية سليمة، وبالرغم من أن هؤلاء مجتمعين لم ينالوا نصيبا من الحظ أن يلتقوا بمخرجين سعوديين في أعمالهم للتعديل على أدائهم أو بمدقق أو منتج ذي رؤية فنية، إلا أن ذلك لا يعفيهم من أنهم كانوا في يوم (حايسيين) اللهجة السعودية مخفقين أمام المجتمع نفسه، المجتمع الذي خرج منه أخيرا أصحاب موجة جديدة.
وجه الدراما والسينما السعودية الجديد
المجددون أو أصحاب الموجة الجديدة جاؤوا لإنقاذ الفن في المملكة العربية السعودية، جاؤوا لمحو كل ما بني على غير أصل ودثر كل جديد خاو، أخذوا على عاتقهم محو تلك اللهجة البيضاء، كونها أحد أهم أسباب تدهور الذائقة الفنية في كل الأعمال المطروحة التي سبق انتقادها سلبا (دراما وسينما)، اتفقوا أنه ليس هناك ما يسمى باللهجة البيضاء، فالمجتمع الذي ننتمي إليه أكبر من أن يحصر وأعمق من أن يختزل أو يساء تمثيله.
ولعلي أبين رؤية هذا التوجه بدعوتك عزيزي القارئ للتفكر في أمر ما. حيث يسكن ناسك وتتربع قبيلتك في منطقة ما بين مكة المكرمة ومدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كم لهجة بإمكانك حصرها؟ وعندما تجاوب نفسك، كيف تتخيل وقع تلك اللهجات الجديدة عليك وعلى سمع ومرأى المشاهد السعودي نفسه قبل غيره؟ تلك هي فكرة جديدة نابعة من سخط واستنكار حال إذا ما كان بيانها بهذه القوة وهذه الرؤية الحضارية التي ترى في الموروث إظهار عراقة هذا المجتمع وامتداده في الدراما والسينما المنتمية إليه.
صحيفة مكة