سوليوود «متابعات»
لم يكن المخرج السويدي فيكتور سيجوستروم، هو من ابتكر تركيب صورتين على بعضهما البعض في معمل التحميض، بحيث تكون إحداهما أكثر شفافية عن الأخرى «أقل كثافة»، بغرض تقديم رمز للأشباح أو للأرواح، فقد عرفت تلك الطريقة منذ العام 1870 في عالم التصوير الفوتوغرافي، وكانت مشهورة تحت اسم: «تأثير الأرواح» spirites، وفقًا لما نشره موقع صحيفة الأهرام المصرية.
كما أن الفرنسي «جورج ملييه» قد استخدمها في أفلامه، وكذلك رواد السينما الإنجليزية المعروفون باسم مدرسة بريتون Brighton، منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولكن ما تم عام 1921 في فيلم «العربة الشبح» لفيكتور سجوستروم أعطى للفيلم جماهيرية كبيرة في ذلك الوقت، وجعل من أسلوب طباعة صورة فوق صورة فى السينما يأخذ زخمًا كبيرًا عند صناع الأفلام.
التصوير مرتان
تستلزم عملية طباعة صورة فوق صورة، التصوير على الفيلم الخام مرتين قبل تحميضه، مرة في مع خلفية سوداء وإخفاء أي خلفية في الصورة، ليتم التصوير مرة ثانية باستخدام نفس الفيلم الخام، ليتم تركيب الصورة الأولى على الأشخاص والديكور والمناظر التي تظهر «تطبع» على الفيلم في المرة الثانية.
تقنية البزوغ
تعد عملية طباعة صورة فوق صورة، البداية لعملية «البزوغ» أو الظهور التدريجي fondu enchainé بالفرنسية، و dissolve بالإنجليزية، وهي عملية تلاشي الصورة في آخر مشهد، والظهور التدريجي لصورة المشهد التالي، بحيث تظهر صورة نهاية المشهد المنتهي فوق بداية المشهد التالي، وفي بعض الأحيان تتلاشى الصورة ليبان سواد على الشاشة قبل أن تُنير الشاشة من جديد مع الظهور التدريجي للمشهد التالي.
يعنى تقنية «البزوغ» أو الظهور التدريجي التغير في الزمان والمكان، ولكنه يمكن أن يكون تغيرًا في الزمان فقط، وكذلك في المكان فقط «نادر»، وعملية الظهور التدريجي طبقت منذ الفرنسي ميليه، واستخدمت في عملية «التحول» للأشخاص أو للديكور، ومن أشهر النماذج لعملية التحول شخصيات مثل «د. جيكل ومستر هيد» حيث يتم التحول بين الشخصيتين، وكذلك شخصية «الرجل الذئب»، حيث يتم التحول من إنسان لذئب، لم تعد عملية «البزوغ» أو التلاشي تستخدم في الخدع السينمائية وأصبحت جزءا من عملية المونتاج.
سيمفونية الرعب
أول ظهور لشخصية مصاص الدماء التي اشتهرت فيما بعد ذلك باسم دراكولا، والمأخوذة عن رواية الإنجليزي «برام ستوكر»، كان مع الفيلم الصامت الألماني «نوسفيراتو سيمفونية الرعب» من إخراج «فريدرش ويلهام مورنو» عام 1922، ويعد هذا الفيلم أحد أفلام المدرسة التعبيرية الألمانية، التي كانت تستخدم الإضاءة للتعبير عن أحاسيس الخوف والفزع، والفرح والسعادة، وقد استخدمت تلك المدرسة بمهارة التناقض بين الضوء والظل لتخلق لغة سينمائية خاصة تعوض نقص الصوت والحوار في السينما الصامتة.
وقد لجأ الفيلم لأسلوب الخدع المتمثل في أسلوب التلاشي، أو البزوغ، لإظهار عملية اختفاء مصاص الدماء بمجرد ظهور ضوء الشمس، لكن يعد المكياج في هذا الفيلم عنصرًا من عناصر الخدع، حيث تم عمل مكياج خاص للبطل الرئيسي للفيلم ليضفي عليه شكلًا من أشكال الرعب، ليكون هذا الفيلم فاتحة لاستخدام المكياج السينما لتغيير الشخصيات.
«بن هور» أغلى فيلم صامت في تاريخ السينما
كان فيلم «بن هور» من إنتاج شركة مترو جولدن ماير عام 1925، ومن إخراج فريد نيبلو، من أضخم الإنتاجات في تاريخ السينما الصامتة، بل أصبح أضخم إنتاج صامت في تاريخ السينما، حيث تكلف في ذلك الوقت حوالي 3.9 مليون دولار، محققًا 4.3 مليون دولار من الإيرادات، وهي مبالغ كبيرة بمعيار ذلك الوقت.
بدأ تصوير الفيلم في إيطاليا «في محاولة لتقليل التكاليف»، لكن وقع حادث أدى إلى أتخاذ «لويس بى ماير»، مدير شركة مترو جولدن ماير، قرارًا بتوقيف التصوير، والعودة إلى هوليود من أجل استكمال الفيلم في أميركا، كان الفيلم يتضمن مشهد معركة بحرية بين القراصنة وسفينة الرومان، وقامت الشركة بعمل مراكب خشبية عملاقة مشابهه لسفن ذلك الوقت، «متضمنة نماذج فعلية لكابينة تجديف العبيد»، حيث إن السفن كانت يتم دفعها للأمام من خلال التجديف من قبل عبيد الرومان، فى حالة توقف الرياح عن دفع الأشرعة، عند تمثيل مشهد اشتباك السفن، وضرب المدافع، احترقت السفن بالفعل، وبدأ الكومبارس في القفز في الماء من أجل النجاة بحياتهم، ولم يكن البعض منهم يجيد السباحة، وتؤكد بعض المصادر التاريخية وفاة البعض منهم، ودفع شركة مترو جولدن ماير لتعويضات لأهاليهم، وإن كانت الشركة لم تصرح بشيء.
واستخدمت بعض مشاهد المعارك البحرية التي صورت في إيطاليا، وبالتحديد تلك الت تحترق فيها السفن ويلقي البحارة بأنفسهم في البحر لينجوا، لكن المشاهد تم استكمالها عبر استخدام نماذج مصغرة للسفن في أحواض السباحة، المشهد الآخر الذي كان يعتبر في ذلك الوقت قمة من قمم الخدع السينمائية، مشهد سباق العربات الحربية، حيث أقامت شركة مترو نموذجًا لحلبة المصارعة الرومانية المعروفة باسم «كولوسيوم»، وقامت بدعوة نجوم هوليود في ذلك الوقت، الذين كانوا مرتبطين بعقود مع الشركة، لحضور هذا السباق في زي روماني كشكل من أشكال الدعاية للفيلم، وخصصت جائزة قدرها 5 آلاف دولار للفائز بسباق العجلات الحربية لتضمن جدية المشاركين، وبالفعل سيطرت الحماسة على السباق ووقعت العديد من الحوادث، وتم تصوير المشهد بالعديد من الكاميرات، «يقال 10 كاميرات أو 12 كاميرا»، وتم عرض المشهد بعد ذلك على شاشة من الخلف، ووضع بطل الفيلم راكبًا عجلة حربية أمام الشاشة، فبدا وكأنه مشارك في السباق.
ولإضفاء الواقعية على عملية التصوير، وضعت العجلة الحربية لبطل الفيلم على مشاية متحركة لتبدو وكأنها في حركة دائمة، كما لجأت الشركة إلى حيلة صنع نماذج مصغرة من الخشب للمشاهدين الحاضرين للسباق، وتم تحريكهم لإعطاء انطباع أن الجمهور متحمس لمشاهدة السباق.