سوليوود «متابعات»
تعرض بعض المسلسلات المصرية المشاركة في ماراثون دراما رمضان الجاري، لانتقادات حادة بسبب اقتباس أفكارها وخطوطها الدرامية من أعمال مصرية قديمة وأعمال أجنبية حديثة، وتصاعدت حالة الجدل مع اكتشاف أن الاقتباس لم يكن مقتصراً فقط على الفكرة، بل انتقل أيضاً إلى كادرات وزوايا التصوير، وحتى بعض الديكورات، ليتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من الأعمال الأجنبية الشبيهة.
بدأ الجدل مع عرض أولى حلقات مسلسل «نجيب زاهي زركش»، من تأليف الكاتب عبد الرحيم كمال، وبطولة الفنان يحيى الفخراني، حيث كشف عدد من النقاد أن فكرة المسلسل منقولة من مسرحية إيطالية اسمها «جوازة طلياني» لإدوارد دي فليبو، وبعد هجوم شديد اضطر الكاتب عبد الرحيم كمال للرد، مؤكداً أن عدم الإشارة للاقتباس كان «خطأ غير مقصود»، وبالفعل تم تدارك الخطأ، ووضع اسم العمل الذي اقتُبست منه الفكرة على تترات المسلسل يوم 26 أبريل (نيسان) الماضي.
ولا تعارض الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس فكرة الاقتباس، لكنها تشترط ذكر ذلك بوضوح للجمهور، وتقول لـصحيفة «الشرق الأوسط»: «من الممكن استعادة قصص قديمة وإعادة تقديمها بشكل عصري، يتناسب مع الزمن، لكن المهم أن نذكر ذلك بوضوح، أما إخفاء الاقتباس أو إنكاره فهو خطأ»، مشيرة إلى أن «بعض الأعمال تتدارك هذا الخطأ بعد أن ينبهها الجمهور كما فعل عبد الرحيم كمال».
وتضيف موريس أن «الإنكار يضع الكاتب وصناع العمل في حرج، ويصبحون في موقف المتهم، وربما يؤثر على العمل»، مشيرة إلى أن «مسلسل نجيب زاهي زركش عمل جيد يناقش مسألة الأجيال والطبقات الاجتماعية، وكيف يتعامل نجيب الغني العجوز الذي لم يخرج خارج أسوار قصره مع الشباب، ومع العالم خارج القصر».
ويشارك في الماراثون الدرامي في مصر بموسم 2021 نحو 25 مسلسلاً، يتناول بعضها الدراما الصعيدية، ودراما مجابهة التطرف والإرهاب ويُبرز بعضها الآخر ملفات مخابراتية مصرية.
بدوره يؤكد الناقد الفني مجدي الطيب في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «صناع الدراما الآن لا يعترفون بأنهم يغرّرون بالجمهور، ويتجاهلون حقه ويتعاملون معه كأنه جاهل، رغم أن الاعتراف بالاقتباس سيجنّبهم كثيراً من الانتقادات، ويؤكد احترامهم للمتلقي، بكلمة بسيطة توضع على التتر، لكن يبدو أن الدراما أصبح بها شكل من أشكال الفهلوة، وأصبح الاقتباس سطواً مشروعاً».
ومن مسلسل يحيى الفخراني انتقل الجدل إلى مسلسل آخر وهو «ملوك الجدعنة» تأليف عبير سليمان، وبطولة مصطفى شعبان وعمرو سعد، لكن الاقتباس هذه المرة كان من فيلم مصري وهو فيلم «سلام يا صاحبي»، بطولة عادل إمام وسعيد صالح.
وأعرب الطيب عن دهشته من استلهام فكرة فيلم «سلام يا صحابي» في مسلسل «ملوك الجدعنة»، وقال: «هل الواقع المصري نضب لدرجة استدعاء عمل قديم وإعادة تقديمه بالشخصيات والتفاصيل نفسها؟»، مشيراً إلى أن «(ملوك الجدعنة) أخذ شخصيات بالكامل من فيلم (سلام يا صاحبي)، وفيلم (ليه يا بنفسج)».
ومن الأعمال المصرية التراثية اقتُبس بعض الأفكار الموجودة في مسلسل «موسى»، بطولة محمد رمضان، ويقول الطيب إن «بعض الأفكار في المسلسل مستوحاة من قصة (شفيقة ومتولي) و(أدهم الشرقاوي) بالفعل، لكن يمكن التغاضي عن ذلك ما دام تم توظيف القصص التراثية بشكل جيد، فالتراث غنيّ والاقتباس منه له ما يبرره».
لكن الجدل الأكبر كان مع بدء عرض مسلسل «كوفيد – 25» بطولة يوسف الشريف، وتأليف زوجته إنجي علاء، وهو أول عمل لها، فهي متخصصة في الأزياء، حيث كشف رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع بدء عرض المسلسل المكون من 15 حلقة أنه مقتبس من بعض الأفلام الأجنبية مثل «bird box» الذي يتحدث عن فيروس ينتقل بالرؤية، و«world war z»، الذي يتناول فكرة تحول البشر إلى زومبي، لكن أسرة المسلسل لم تردّ على هذه الاتهامات.
وتقول موريس إنه «من العار أن تقتبس فكرة عمل من أفلام حديثة، شاهدها الجمهور»، محمّلةً الشركة المنتجة للعمل المسؤولية، حيث كان عليها أن تراجع العمل لتتأكد من صلاحيته وأصالته، لا سيما أن مؤلفة مسلسل (كوفيد – 25) حديثة العهد في هذا المجال وكان عملها في السابق مرتبطاً بالديكور، مشيرةً إلى أن «التلفزيون المصري كان به في السابق لجنة متخصصة تراجع جميع الأعمال الدرامية، ولو كانت هذه اللجنة تعمل الآن لما حدث ما نشاهده من اقتباس دون ذكر المصدر أو حتى وقف تصوير أعمال قبل عرضها».
ولم يكتفِ الجمهور بكشف الأعمال التي اقتُبست منها أفكار المسلسلات، بل تداول كذلك صور على مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد من الأعمال الدرامية المصرية، والمشاهد المماثلة لها في الأفلام الأجنبية ليثبت نقل المشهد بتفاصيله، من بينها مشاهد الطائرة في مسلسل «كوفيد – 25»، ومثيلتها من فيلم «world war z».
وظاهرة الاقتباس ليست جديدة على الدراما المصرية، فكثير من الأعمال القديمة كان مقتبَساً من أفلام أجنبية، حسب الطيب، الذي يقول إنه «في تلك الفترة كان يستخدم مصطلح تمصير، وكان يتم اقتباس الفكرة وإسقاطها على الواقع المصري، مع ذكر المصدر، على عكس ما يحدث الآن»، مشيراً إلى أن «السبب في الإحجام عن ذكر اسم المصدر كما شرحه له أحد المؤلفين هي كثرة الإجراءات المتعلقة بالحصول على موافقات من أصحاب العمل الأصليين على نقل الفكرة في مصر».