في مضمار سباق دراما رمضان، حضرت المسلسلات متوسطة الطول، ولا تزال تحاول فرض ظلها عليه، لتبدو وكأنها «محاولة تمرد» من شركات الإنتاج على قالب الـ 30 حلقة، الذي فرض سطوته على الدراما الرمضانية منذ عقود، وبات «مقياساً» تفضل على طوله المسلسلات، لتظل متناسقة مع عدد أيام الشهر الكريم، بحسب ما نشره موقع البيان.
وفي رمضان الحالي، أطلت علينا 4 أعمال، لم تتجاوز في عددها حاجز 15 حلقة، بعضها رأى النور مع بداية الشهر الكريم، في حين أن بعضها أطلق العنان لحلقاته مع انتصاف الشهر، ورغم مضي نصف المدة، إلا أن شركات الإنتاج وضعت عليها «رهاناً عالياً»، كتعبير عن ثقتها بقدرة هذه الأعمال على الفوز بالسباق.
أشهر هذه الأعمال، حملت عنوان «كوفيد 25»، الذي يلعب بطولته يوسف الشريف، حيث بدت إطلالة العمل الذي مضت منه 3 حلقات فقط «ساخنة»، ونجحت في احتلال «ترند التواصل الاجتماعي»، نظراً لطبيعة الحبكة والفكرة الجديدة، التي توسدت فيروس «كوفيد» كحبكة درامية، فبدا «كوفيد 25» أشبه بمسلسلات «الخيال العلمي» الغربية، في المقابل، لم تنجح الأعمال المتوسطة الأخرى كما «بين السما والأرض» و«أحسن أب» و«عالم موازي» في حجز مكانة متقدمة في ذاكرة المشاهد العربي، فكانت الأقرب إلى حافة السقوط من أجندته، مفضلاً عليها أعمالاً أخرى توصف بكونها «ثقيلة الوزن» في حبكتها ونجومها، وحتى صناعها.
وجود 4 أعمال متوسطة الطول في دفاتر الدراما العربية، بدا مؤشراً لسلوك الشركات لسياسة جديدة في الإنتاج الدرامي العربي، والتي تتناسب مع متطلبات المنصات الرقمية، التي فتحت أبوابها واسعة أمام الأعمال المتوسطة والقصيرة أيضاً، علماً بأن تطبيق سياسة المسلسلات القصيرة والمتوسطة في رمضان بدأت بوادرها في رمضان الماضي، وتحديداً مع مسلسلي «النحات» و«الساحر»، والتي اختصرت عدد حلقاتها إلى النصف بسبب انتشار فيروس «كورونا» في بقاع الأرض، وإغلاق مواقع التصوير.
وفي ظل هذا التوجه، يبقى السؤال إن كانت المسلسلات ذات 15 حلقة، تشكل بداية لتصدع عصر دراما 30 حلقة، أم هي مجرد «موضة» سيخبو بريقها لاحقاً؟
في نظر الناقد الكويتي عبد الستار ناجي، يبدو أن عصر الـ 30 حلقة، في طريقه للاندثار، حيث قال لـ «البيان»، إن «السبب المباشر وراء ظاهرة مسلسلات الـ 30 حلقة، يعود أصلاً للدراما العربية المصرية وشهر رمضان، ويبدو أن نهاية ذلك العصر قد بدأت، مع توجه شركات الإنتاج نحو المسلسلات المتوسطة، التي تتوافق تماماً مع منهجية الإنتاج العالمية التي لا تتعامل مع الصيغ الموجودة لدينا».
عبد الستار ناجي يعتقد أن القنوات والمنصات الرقمية، بدأت تؤسس لصيغ إنتاجية أخرى، تمتاز بالإيقاع الفني الذي اعتمد الثلاثيات والخماسيات والسباعيات وغيرها، مشيراً إلى أن إحداثيات الإنتاج تغيرت.
وقال: «منهجية الإنتاج باتت تعتمد قصصاً وروايات وفكراً فنياً مكثفاً يذهب للمشاهد حول العالم. بدلاً من التقيد في قناة واحدة أو اثنتين، حتى صناع المطولات باتوا اليوم يفكرون بأعمال سريعة، وذات مواصفات إنتاجية ثرية وعميقة وقريبة من ذهنية المشاهد في كل مكان».
ويؤكد ناجي أن «صناعة الإنتاج الفني أمام عاصفة من المتغيرات، لن تستطيع الصمود أمامها شركات الإنتاج الخليجية والعربية»، معللاً ذلك بأن «عقلية الملتقي تغيرت وكذلك قيادات القنوات والمنصات، التي باتت تفضل الحصول على جرعة فنية مكثفة وثرية قادرة على تجاوز حدود التطويل في الدراما».