سوليوود «متابعات»
«من قتل مالكوم إكس» Who Killed Malcom X ذلك الناشط الأمريكي الأفريقي المسلم، الذي ألهب حماس الملايين من أبناء جلدته خلال ستينيات القرن الماضي، هو عنوان أحدث برنامج وثائقي على منصة «نتفليكس» حالياً.
وبحسب صحيفة الرؤية البرنامج يتكون من 6 حلقات، بإجمالي 4 ساعات ونصف الساعة تقريباً، من إخراج ريتشل دريتزن وفيل بيرتلسين، وقد بدأ بث الحلقات في فبراير الماضي مع حلول الذكرى الـ55 لاغتيال مالكوم إكس في 21 فبراير، 1965.
طوال هذه السنوات، ولأكثر من نصف قرن، لم تزل ذكرى مالكوم إكس حية في ذاكرة الملايين من الأمريكيين الأفارقة والمناضلين ضد كل أشكال العنصرية والاضطهاد العرقي في العالم، ولم تزل السلطات القضائية والمخابراتية والأمنية الأمريكية ترفض إعادة فتح القضية أو إعادة التحقيق في عملية الاغتيال الوحشية التي تعرض لها مالكوم إكس.
قتل مالكوم إكس وسط الناس. كان يستعد لإلقاء كلمة في إحدى القاعات العامة في مانهاتن، عندما انطلق الرصاص نحوه من 3 اتجاهات فسقط مضرجاً في دمائه، بينما فر الجناة هاربين، ولكن أحدهم سقط بعد أن قام أحد الحراس بضربه بكرسي، فأمسك به الجمهور في الشارع وكادوا يفتكون به لولا تدخل الشرطة.
اعترف القاتل، واسمه تالمادج هاير، بضلوعه في الجريمة ولكن رفض ذكر أسماء شركائه، واعتقلت الشرطة لاحقاً 2 من خصوم مالكوم إكس، وتم إدانة الثلاثة والحكم عليهم بالسجن لمدة 20 عاماً.
ورغم عشرات الدلائل، بما فيها اعترافات هاير اللاحقة والبيان الذي ذكر فيه أسماء شركائه الأربعة الآخرين، إلا أن القضاء رفض فتح القضية أو الأمر بالتحقيق مجدداً.
واحد من عشاق مالكوم إكس، اسمه عبدالرحمن محمد، يعمل كمرشد سياحي في واشنطن العاصمة، ظل طوال سنوات يجمع الأدلة والشهادات ويلتقي بكل من يستطيع من الشخصيات التي لديها معلومات عن الاغتيال، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك، حتى الآن، أن الأسماء التي ذكرها هاير حقيقية وأن الاثنين اللذين أدينا معه كانا بريئين تماماً، والأكثر من ذلك أثبت أن هناك المئات، بل الآلاف من الناس، يعرفون هذه الحقيقة، ولم يفكر أحد منهم أن يتقدم بالشهادة، وأن المباحث الفيدرالية نفسها كانت تعرف أن المدانين بريئان ولم تتدخل لحمايتهما.
باختصار شديد، هذه بعض المعلومات والحقائق المذهلة التي يثبتها مسلسل «من قتل مالكوم إكس». يرصد البرنامج سيرة مالكوم إكس، منذ أن كان شاباً عابثاً مجرماً دخل السجن بعدة تهم، وفي السجن تعرف على الإسلام وبالتحديد على جماعة «أمة الإسلام» ذائعة الصيت آنذاك، التي كان يرأسها إليجيا محمد.
انضم مالكوم بعد خروجه من السجن إلى المنظمة وأصبح خلال فترة محدودة الرجل الثاني بها، والزعيم المفوه باسمها، وهو ما أثار حقد عدد كبير من أتباعها عليه، ومنهم أبناء إليجيا محمد أنفسهم.
كان مالكوم إكس يطالب باستخدام القوة والعنف ضد ممارسات الشرطة ضد السود، وهو ما أثار ضده السلطات، التي راحت تتربص به، واستطاعت من خلال رجالها المنبثين في منظمة «أمة الإسلام» أن يوقعوا بينه وبين إليجيا محمد، حتى دب نزاع شديد بينهما، وتم فصل مالكوم إكس من المنظمة وطرده من البيت الذي منحوه له.
وراح مالكوم إكس من ناحيته يكشف مخالفات وفضائح المنظمة، وفي هذه الفترة بات واضحاً أن المنظمة أباحت دمه، وأنهم سوف يقتلونه، تحت سمع وبصر رجال الأمن، الذين لم يكتفوا بالمراقبة ولكنهم ساعدوا على تدبير المؤامرة بشكل غير مباشر.
يصور الفيلم تفاصيل واقعة الاغتيال، ويرصد تفاصيل مهمة تغاضى المحققون عنها، ويجري المخرجان لقاءات مع عدد كبير من الذين عاصروا الأحداث، ويتتبع بشكل خاص رحلة عبدالرحمن محمد للكشف عن الأسرار التي لا يعلمها معظم الناس، والأسرار المعلومة، ولكن المسكوت عنها، من قبل الجهات المختلفة، وينجح عبد الرحمن محمد بالفعل في الوصول إلى أحد القتلة الحقيقيين، حسب ما يبين الفيلم، ولكن يتوقف التحقيق عند هذا الحد.
عقب عرض الفيلم مباشرة وبناء على الطلب الذي تقدمت به إحدى بنات مالكوم إكس، بسبب المعلومات الواردة في الفيلم، وبسبب اعترافات أحد رجال الأمن السابقين، وهو على فراش الموت، بأن رؤساءه طلبوا منه اعتقال عدد من الحراس الشخصيين لمالكوم إكس قبل اغتياله مباشرة، فمن المنتظر أن يعاد التحقيق في واقعة الاغتيال مجدداً، بعد أكثر من نصف قرن من التجاهل.. فهل تعلن الحقائق أخيراً؟ هذا ما سوف تسفر عنه الأيام المقبلة.