سوليوود «خاص»
في عالم الرياضيات والأرقام كل ما يهم هو الكم وناتج الأعداد صعودًا وهبوطًا، ولكن يختلف الحال في عالم الإبداع والفن الذي يُنظر فيه إلى الكيف في عدد الأعمال التي قدمها ذلك الفنان، من حيث الموضوع والقيمة الفنية والأدبية لتلك الأعمال قلت أو كثرت، فالعبرة في الأخير بما يبقى في الأذهان وعلى مدار السنين، وليس ما يمر مرور الكرام وتعصف به الأيام ويمحى من ذاكرة الأجيال.
قليل هم من يتركون ذلك الأثر الذي تركه الفنان محمد حمزة على الرغم من قلة أعماله الفنية طوال مسيرته الفنية التي استمرت أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ولكن استحق من خلالها عمادة الدراما السعودية نظرًا لدوره البارز في وضع حجر الأساس لها ومشاركته بشكل كبير في بداياتها حتى اشتد وقوي عودها، وخرجت من النطاق المحلي لتصل إلى الآفاق الخليجية والعربية.
شهدت منطقة «زقاق الطيار» بالمدينة المنورة ولادة ونشأة الفنان محمد حمزة، مطلع شهر أغسطس لعام 1933، قبل أن ينتقل مع عائلته إلى مكة المكرمة، لاعبًا لكرة القدم ومهاجمًا مطوِّحًا بالمدافعين والخصوم مع ناديي الوحدة والأهلي، في مرحلة من مراحل حياته المتعددة المهام الوظيفية والوجهات المختلفة بين المدن والمناطق.
وكما تنقل محمد حمزة بين المدن الحجازية واحدة تلو الأخرى، فعل كذلك مع عدد من الوظائف التي بدأها لاعبًا لكرة القدم في ناديي الوحدة والأهلي، ومن ثم العمل في الطيران المدني، قبل أن يستقر على العمل في المجال الفني كاتبًا وممثلاً، بعد أن بدأ مشواره الإعلامي مذيعًا في التلفزيون والإذاعة في سبعينيات القرن الماضي.
تفرَّد محمد حمزة بلونه الخاص في الدراما السعودية التي طالما غلب عليها الجو الرومانسي في العديد من الأعمال التي شارك فيها وبلغت 11 مسلسلاً دراميًا، كان أشهرها مسلسلات «أصابع الزمن»، و«ليلة هروب»، و«قصر فوق الرمال»، و«أين الطريق»، و«أهل البلد»، و«جمال الدين الأفغاني»، و«الزير سالم».
لم يكن محمد حمزة مجرد ممثل ومؤدٍّ للأدوار التي تملى عليه من قبل المخرجين والمؤلفين، بل كان كاتبًا ومؤلفًا للكثير من الأعمال الدرامية والسهرات الفنية، وهي مسلسلات «دموع الرجال»، و«أين الطريق»، و«قصر فوق الرمال»، و«ليلة هروب»، و«أصابع الزمن»، بجانب تأليفه لسهرة تلفزيونية حملت عنوان «الزفاف».
وكما أطل محمد حمزة على الدنيا في شهر أغسطس فارقها في ذات الشهر لستة وعشرين يومًا مضت منه في عام 2020، بعد أن أقعده المرض عن المجال الذي أحب وتمنى لو أسعفه الوقت لتقديم المزيد من الأعمال الدرامية والهادفة التي حصل من خلالها على العديد من الإشادات والتكريم، التي كان أبرزها – بحسب ما أخبر – الاتصال الذي تلقاه من الملك فهد – رحمه الله – بعد عرض مسلسل «ليلة هروب» الذي ناقش من خلاله العديد من القضايا ومن ضمنها المخدرات. وتلقى الراحل العديد من التكريمات والجوائز، نظير ما قدمه من أعمال فنية مميزة، فنال لقب أفضل ممثل عن سهرة «آخر رسالة حب» بمهرجان البحرين. وكذلك تمَّ تكريمه في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2006م.