عماد العباد
قبل عدة أيام كتب صانع الأفلام السعودي عبدالمحسن المطيري تغريدة على منصة تويتر، عبر من خلالها عن رغبته في التواصل مع العوائل والأفراد الذين كانوا متواجدين في مدينة حفر الباطن أثناء حرب الخليج 1990؛ وذلك لاستضافتهم في فيلم يتناول تلك الحقبة المهمة في تاريخ الخليج.
لا أعلم حتى الآن ما إذا كان الفيلم الذي ينوي المطيري العمل عليه وثائقياً أم درامياً، ولكم أتمنى أن يكون الخيار الأول، لكي يوثق تلك الحقبة قبل أن يلتهم النسيان التفاصيل التي بدأت تتلاشى من ذاكرة أبطالها.
الأفلام الوثائقية هي أحد أرقى الفنون التي تحظى باهتمام جمهور عريض ومتنوع حول العالم، وهي أشبه ما تكون بكتاب مصور وناطق، يشارك في محتواها الخبراء وتوثق الأحداث وتبسط المعلومات، وبذلك لا تقل أهمية عن المكتبات وعالم التأليف والنشر.
ولم تعد الأفلام الوثائقية ذلك المنتج الطويل الممل، بل طال هذا الفن نقلات نوعية في الحبكة والسرد والمؤثرات وجودة التصوير، ما جعلها صناعة تحظى باحترام كبير وتدر مليارات الدولارات سنوياً، ولذلك أصبحت منصات عرض الأفلام الشهيرة تحرص على وجود تشكيلة واسعة منها ضمن قائمة خيارات المشاهدة.
المملكة بمساحاتها الشاسعة وثرائها الثقافي والتراثي والجغرافي، والأحداث الكبيرة التي مرت بها تعد منجماً هائلاً للأفلام الوثائقية، لكن صناع هذا الفن لدينا نادرون ويعملون بمبادرات شخصية، ومازالت مكتبتنا المرئية من هذه الأفلام التي صنعها أبناؤنا وتروي قصصنا وتوثق لأحداثنا، فقيرة جداً إن لم تكن شبه فارغة.
وليس هذا القحط في عدد صناع الأفلام الوثائقية في المملكة عائد إلى قلة اهتمام من الصانع أو من جمهوره، بل يعود إلى ما تتطلبه هذه الصناعة من دعم يمكن المنتجين والمخرجين من التفرغ لهذا الفن والارتقاء به إلى مستوى احترافي يليق به، ولذلك من المهم أن تكثف وزارة الثقافة اهتمامها بهذا الفن الجميل وصُنّاعه وأن تقوم بدعمهم وتمكينهم والأخذ بهم نحو العالمية، خصوصاً وأن هذه الوزارة المهمة والواعدة تبحث دائماً عن الأجزاء الناقصة في العمل الثقافي السعودي وتقوم بإكمالها، وقد أثبتت في فترة وجيزة قدرتها الكبيرة على ذلك.
المجتمع الدولي مهتم بمعرفة هذا الجزء الجميل والغامض من العالم، والكثير من الأحداث التي شهدناها وشهدها آباؤنا من قبل، مرت وطمر النسيان ذاكرة أبطالها دون أن تجد من يوثقها ويرويها، وأعتقد أنه حان الوقت لدعم وتمكين وتوجيه صناع الأفلام الوثائقية السعوديين لكي نروي حكايتنا للعالم بأنفسنا.
صحيفة الرياض