سوليوود «خاص»
تعد سنة 2020 نقطة تحول في مسيرة السينما السعودية على الرغم من الظروف الاستثنائية التي مرت بها الصناعة على مستوى العالم، بسبب أزمة فيروس كورونا التي أدت إلى تعطيل الإنتاج وإغلاق دور السينما، في مختلف أنحاء العالم، إذ شهدت نموا ملحوظا من خلال زيادة الإنتاج ومستوى الإيرادات ومبيعات شباك التذاكر.
وبالرغم من إغلاق صالات السينما لفترة تجاوزت أكثر من 3 أشهر إلا أن السينما السعودية وبحسب الأرقام الصادرة عن مؤتمر العارضين بمنتدى META CINEMA كانت هي الأكثر ربحًا في المنطقة، حيث بلغت مبيعات تذاكر السينما والمسرح أكثر من 73 مليون دولار، وعلى صعيد الإنتاج استطاعت كذلك أن تضيف إلى مكتبة الأفلام السعودية التي عرضت على شاشات السينما ومنصات البث الإلكتروني 7 أفلام جديدة حظيت بالإشادة من قبل المتابعين، وردود فعل إيجابية من النقاد، بجانب الحضور المتميز في المهرجانات الدولية السينمائية، ما جعلها تحقق أصداء واسعة على صعيد الجهات والمتخصصين في عالم الفن السابع.
سوق ملياري
يشير «ديفيد هانكوك»، المحلل في OMDIA ومقرها لندن إلى أن 5 سنوات بعد التعافي من جائحة كورونا التي تسببت في انخفاض إيرادات تذاكر السينما من حول العالم كافية لسوق السينما السعودية إلى أن تصبح مليارية، ومؤكدا على أن السينما السعودية تتجه لأن تصبح السوق المهيمن بالشرق الأوسط، كما ستصبح واحدًا من أكبر 10 أو 15 سوقًا بالعالم.
مادة للدراسة والبحث
استقطبت السينما السعودية مراكز البحوث العالمية لإجراء عدد من الدراسات حول مستقبلها وأبرز ما يميزها عن غيرها من مثيلاتها في المنطقة، إذ أطلق المجلس الثقافي البريطاني في السعودية أول بحث متعمق حول مهارات صناعة الأفلام في المملكة العربية السعودية، والذي يحدد المهارات والقدرات اللازمة لتعزيز وتنمية هذا القطاع في المستقبل. حيث تم إعداد البحث لتقييم المشهد الحالي لصناعة السينما السعودية، وفي حديثها عن التقرير قالت إيلي كينيدي ماكلين، مديرة المجلس الثقافي البريطاني «يسعد المجلس الثقافي البريطاني دعمه بحث مهارات الأفلام ، والمساعدة في تحديد احتياجات المهارات في المملكة العربية السعودية في لحظة مهمة في رحلة المملكة الثقافية»، مؤكدة أن التقرير يقدم عددًا من التوصيات التي تأمل أن تساعد في دعم الفرص لمزيد من التدريب والتطوير لتقديم قطاع أفلام نابض بالحياة وناجح تجاريا، مبيّنة أنه سيسهل أيضًا المشاركة مع المنظمات في المملكة المتحدة، وتحديد فرص التعاون والشراكات لتعزيز تنمية قطاع الأفلام السعودي، وخلق فرص جديدة لصانعي الأفلام، ووظائف جديدة، ومهن وفرص للأجيال القادمة.
بيئة جاذبة للاستثمار
لم تتأخر أشهر منصات البث الإلكتروني في اقتحام سوق السينما السعودية، بعد النجاحات التي حققتها في وقت قصير نظرا لإمتلاكها جميع أسس وإمكانيات النجاح على جميع المستويات، إذا سارعت منصة البث العالمية نتفليكس إلى إبرام عدد من العقود مع مؤسسات وصناع السينما لعرض وإنتاج أعمال سعودية تعرض حصريا على الشبكة الأكثر إنتشارا حول العالم، ومن ضمن تلك الاتفاقيات، التوقيع مع شركة ميركوت لإنتاج أفلام وحلقات من المسلسل الشهير «مسامير» بالإضافة كذلك التوقيع شركة تلفاز11 لإنتاج كذلك أعمال سينمائية ودرامية، بجانب عرض المنصة لأفلام شبابيك الصحراء، وفيلم المسافة صفر، وأسوة بنتفليكس كانت شبكة OSN العالمية كذلك حاضرة من خلال استحواذها على حقوق العرض الحصري لفيلمي «سيدة البحر» و «المرشحة المثالية» على منصتها الخاصة، الأمر الذي يعطي انطباعا جيدا حول مستقبل صناعة السينما السعودية والاستثمار فيها.
مواهب متميزة
«خلال السنوات الأخيرة أبهرتني السينما العربية بما حققته من إنجازات، وأتطلع لاكتشاف هذه المشاريع السينمائية من السعودية والعالم العربي وما تحمله من إمكانات واعدة»، بهذه الكلمات شرح الكاتب والمنتج العالمي مينولف زورهوست إعجابه بالسينما السعودية والمواهب التي قدمتها خلال الفترة الماضية، والتي عمل على تطوير ما يصل إلى 300 مشروع فني تابع لها من خلال تعاونه مع مؤسسة مهرجان البحر السينمائي، الأمر الذي أكّدته المديرة التنفيدية لمؤسسة تورينو فيلم لاب سافينا نيروتي، من خلال تأكيدها على أهمية التعاون مع معمل البحر الأحمر السينمائي، الذي يقدم العديد من المواهب التي لا شك أن مشاريعها ستتحول إلى أعمال سينمائية نظرا لجودتها وإمكانياتها الفنية العالية.
إشادات عربية
بدورها أشادت الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد بالمواهب السعودية من خلال تجربتها في فيلم نجد، وقالت «هناك إبداع ملحوظ وتألق من الفنانين والفنانات في السعودية، وأتمنى أن يستمر هذا التألق المذهل».
وكما أشادت حياة الفهد بالمواهب السعودية كان كذلك للفنانة التونسية هند صبري إشادة أخرى على إثر ترأسها للجنة تحكيم مسابقة تحدي صناعة فيلم في 48 ساعة والتي أطلقها مهرجان البحر الأحمر السينمائي، إذ أكدت أنها تفاجأت بمستوى الأعمال التي شاركت في المسابقة، نظرا لصعوبة التحدي الذي تم تحديده في نطاق ضيق لا يتجاوز 48 ساعة لإنجاز فيلم قصير.
مستقبل واعد
الشواهد والإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية تمنح صناع السينما السعودية ثقة كبيرة حول مستقبلها الواعد من التطور والإزدهار، كما جاء على لسان مدير مسابقة آفاق السينما العربية في مهرجان القاهرة السينمائي، الناقد رامي عبدالرزاق، الذي أكد أن السعودية قادمة بقوة على مستوى التجارب السينمائية ويمكن بالأكثر على مستوى الكيف وليس الكم، كما أنهم يحاولون تحقيق تجارب جيدة ومتقنة في السينما السعودية بشكل عام بالتجربة المحلية والبيئة المحلية، ويحاولون إظهار مجتمعهم بعيدًا عن الصورة النمطية للشخصية الخليجية السعودية.
تحديات عديدة تجاوزتها السينما السعودية وهي تخطو خطواتها الأولى نحو الريادة والتواجد العالمي، ليس أقلها مواجهة الجائحة التي ألقت بظلالها على مفاصل الصناعة في عام 2020، ما يجعلها تدخل للعام الجديد بتطلعات وآمال للاستمرار في النجاح المتصاعد والحفاظ على المكانة التي استحقتها ونالتها بجدارة في ما سبق.