سوليوود «متابعات»
«سيلكوود» هو واحد من الأفلام التي مُنحت أكثر مما يجب من مباركة النقاد وإعجابهم، لكنه حال المخرج مايك نيكولز الذي كثيراً ما تمتعت أفلامه بتقدير أعلى من مستواها الفعلي. لكن ما يجعل هذا الفيلم محط اهتمامنا هنا هو تعامله مع الموضوع النووي وخطره، خصوصاً أن الفيلم قائم على حادثة حقيقية (ولو أن معايير الخيال تدخلت في صياغتها على الشاشة)، نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط.
كارن سيلكوود (ميريل ستريب( تعمل في مختبر نووي في ولاية أوكلاهوما. لديها صديقان يعملان معها هما درو (كيرت راسل) ودولي (دور جيد للممثلة والمغنية شير).
تتعرّض كارن خلال عملها للإشعاع وتقرر أن تطلب من نقابات العمّـال المساعدة في الوقت الذي تنصرف فيه لتحذير زملائها في المختبر من مخاطر التعرض للإشعاعات. هذا لا يرضي رئيسها في العمل (بروس ماكجيل) ويجهر بموقفه مما يدفع عمّال المختبر، بغالبيّتهم، لتجنبها خوفاً من أن يفقدوا وظائفهم. بذلك تواجه محاولات كارن دفع المختبر للقيام بمزيد من الاحتياطات لحماية العمّـال والموظفين ورغبتها في تجنيب رفاقها في العمل ما تعرّضت له، الرفض والعداء وخسرانها صديقها درو الذي بات يفضل تجاهل الأمر على الوقوف إلى جانبها في هذه المحنة.
يذكرنا «سيلكوود» بفيلم سابق عنوانه «المرض الصيني» The China Syndrom أخرجه جيمس بردجز (1979) دار حول رفض موقع نووي آخر إجراءات السلامة وتعرّض صحافية اسمها كمبرلي (جين فوندا) للتهديد بغية منعها من المضي قدماً في تحقيقاتها أو التواصل مع نافخ صفارة التحذير (جاك ليمون).
لكن في حين أن «مرض صيني» خيالي صرف (ينتمي إلى جملة أفلام التشويق السياسية) فإن فيلم مايك نيكولز دار حول شخصية حقيقية زاد من غموض قضيّتها أنها ماتت سنة 1974 فيما وُصف بـ«حادث سير» بعدما بدأت تلفت الاهتمام الإعلامي صوب قضيتها.
سيناريو نورا إفرون وأليس أرلين جيّد في فحصه الشخصيات كلها بعين دارسة. لذلك تأتي الشخصيات الثانوية واضحة، ويبتعد العمل عن تقسيم الشخوص إلى أبيض وأسود لإرضاء المشاهدين. هذا ما يجعل المخرج قادراً على الانصراف إلى الاهتمام بالأجواء وبإيقاع يميل إلى التأني على غير عادة الأفلام التي تدور حول مثل هذا الوضع شبه السياسي.
يسمح هذا الإيقاع لميريل ستريب بتأدية شخصيّـتها بهدوء والانتقال من فتاة تشبه ملايين النساء العاملات في شتى ضروب الحياة. ستريب ليست غريبة على أداء الشخصيات الصعبة بطلاقة وهذه إحداها. لكن ما هو أقوى تأثيراً حقيقة أن المخرج صاغ الفيلم ببرودة غير مناسبة، مما جعله أقل وقعاً وتأثيراً مما كان يجب أن يكون عليه.
كبداية، يفتقد «سيلكوود» أي عنصر لغزي وبالتالي تشويقي. حكايته تمضي بلا مفاجآت وإيقاعه المتأني يُصيب المشاهد بالإحباط أكثر من مرّة. الحكاية ذاتها، على أهميّتها، ليست كافية للاحتفاء بها كما فعل البعض مستخدمين عبارات مثل «ويطرح الفيلم قضية المختبرات النووية الأميركية والخطر التي تجسده على البشر». هذا النقد السياسي وعدم ولوج الفيلم منطقة سياسية فعلية وجهان لعملة واحدة.
يختار نيكولز التعامل مع موضوعه بحذر. وهو لم يكن مخرج مواقف سياسية كما حال سيدني بولاك أو هال أشبي أو آلان ج. باكولا، لذا انتمى هنا إلى نفسه مكتفياً بالمضامين الإيجابية (مع صيانة وحماية أفضل للعاملين في المواقع النووية) من دون نقد أو الكتابة بحبر أحمر.