سوليوود «متابعات»
لم يؤدّ السيناريو الكارثي لجائحة كوفيد-19 إلى القضاء على قطاع إنتاج الأفلام والمسلسلات البريطاني الذي يُعتبر من الأقوى في العالم، بل هو يحاول الإفادة من طفرة البث التدفقي في محاولة لطرح نفسه بديلاً من هوليوود، نقلا عن الجريدة الكويتية.
فبفضل مناظرها الخلابة وقلاعها التاريخية واستوديوهاتها الطليعية، تمكنت بريطانيا على مر السنوات من جذب عدد متزايد من الإنتاجات العالمية.
وتتهافت شركات الإنتاج السينمائية الأميركية العملاقة ومنصات الفيديو عند الطلب على تصوير أفلامها ومسلسلاتها في بريطانيا، كمسلسل “غيم أوف ثرونز” والأفلام ذات الشعبية الكبيرة كسلسلتي “جيمس بوند” و”ستار وورز”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “سكاي ستوديوز” غاري ديفي لوكالة فرانس برس إن “الصناعات السمعية والبصرية في بريطانيا تحقق نجاحاً كبيراً وهي مساهم رئيسي في اقتصاد الثقافة” على المستوى الأوروبي.
ويعمل نحو 140 ألف شخص في هذا القطاع الذي يبلغ حجمه مليارات الجنيهات الاسترلينية، ويساهم في تعزيز حضور بريطانيا الثقافي رغم السيطرة الأميركية الساحقة في هذا المجال.
وفي خطوة تعبّر عن أهمية القطاع، سمحت الحكومة البريطانية في مطلع يوليو بمعاودة تصوير فيلم “ميشن إمبوسيبل 7″، ومنحت طواقم الفيلم إعفاء من الحجر الصحي. حتى أن وزير الثقافة أوليفر دودن تحدث إلى النجم توم كروز لطمأنته.
وعاود القطاع العمل بسرعة بعد مرحلة الحجر و”تم الإعداد بدقّة لمعاودة تصوير” الأعمال، على ما قال مدير العمليات في استوديوهات “آي تي في” ديفيد ماكغرينور.
لكنّ هذه العودة مشروطة بالتزام شروط صحية صارمة للغاية نصّت عليها بالتفاصيل لائحة من 50 صفحة، تحدّ من عدد الأشخاص الموجودين في موقع التصوير، ومن التقاء الممثلين وجهاً لوجه.
ولاحظ ديفي أن “المنتجين اضطروا إلى أن يصبحوا أكثر ابداعاً، من خلال إعادة صوغ أحداث القصة واللجوء إلى تقنيات جديدة كالتوليف مِن بُعد، لكي يتمكنوا من إنجاز الأعمال في الوقت المحدد مع التزام الموازنات المحددة”.
وقد سمحت السلطات البريطانية بالاستمرار في تصوير الأعمال خلال مرحلة الحجر الجديدة المقررة أن تستمر حتى مطلع ديسمبر المقبل.
وإذا كانت دور السينما خالية أو مغلقة، إن بسبب الجائحة أو نظراً إلى عدم إطلاق أفلام جاذبة فيها كفيلم جيمس بوند الجديد الذي أرجئ إطلاقه أكثر من مرّة، “سارعت الحكومة البريطانية إلى التصرّف، ما يجعل بريطانيا أكثر جاذبية” في هذا المجال، على ما لاحظ ، المدير العام لشركة “أبودانتيا إنترتينمنت” الهندية فيكرام مالهوترا.
وقال المنتج البوليوودي لوكالة فرانس برس إن “بريطانيا كانت دائماً موقع التصوير المفضل للكثير من الأفلام الهندية”.
فبالإضافة إلى عامل اللغة الإنكليزية، ثمة عناصر استقطاب أخرى منها وفرة عدد الممثلين الكفوءين، والمهارة التقنية، فضلاً عن نظام ضريبي مناسب للإنتاجات، وائتمان ضريبي منذ العام 2007.
وقد تساهم الأزمة الصحية في إعطاء دفع قوي لأن مكوث الناس في منازلهم أمام الشاشات بسبب الحجر يسرّع استهلاك الأفلام والمسلسلات. وأدى التحول إلى البث التدفقي في السنوات الأخيرة إلى الإقبال على الاستوديوهات.
وأعطت “سكاي” الضوء الأخضر في يوليو الفائت لتشييد استوديوهات “سكاي استوديوز إلستري” التي يتوقع أن تُفتتح سنة 2022، وتقع قرب استوديوهات “إلستري” الشهيرة التي شهدت تصوير “ستار وورز” و”إنديانا جونز”.
وفي شرق العاصمة البريطانية، وافقت السلطات المحلية على إنشاء استوديوهات عملاقة ضمن مشروع بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني يرى النور سنة 2022 ويطمح إلى أن يصبح “هوليوود لندن”.
وتوفر العاصمة البريطانية تسهيلات إلى أقصى حد لعمليات الإنتاج، خصوصاً أنها مصدر للوظائف. ففي العام الفائت، ساعدت في تحويل مصنع مهجور إلى موقع تصوير لعمل لصالح “إتش بي أو”، من إنتاج جوس ويدون، مخرج عدد من أفلام “أفنجرز” الجماهيرية.
وأبرمت “نتفليكس” التي تعرض مسلسل “ذي كراون” عن الملكة إليزابيث الثانية اتفاقاً مع استوديوهات “شيبرتون” في غرب لندن، فيما أقامت “ديزني” شراكة مع استوديوهات “باينوود” الشهيرة التي تتوسع وتعتزم فتح نشاطات ترفيهية للجمهور.
وبلغ الإنفاق على الإنتاج السمعي البصري في بريطانيا 3,7 مليارات جنيه عام 2019 بينها ملياران للسينما. والرقم الأخير هو ضعف رقم الإنفاق في فرنسا (1,1 مليار يورو أو مليار جنيه إسترليني بسعر الصرف الحالي) لكنه أقل بكثير من إنفاق لوس أنجليس (7,6 مليارات دولار في 2017 أو 5,7 مليارات جنيه إسترليني).
وتوقع المدير العام للجنة الأفلام البريطانية أدريان ووتون في مؤتمر عقد في سبتمبر أن تزيد بريطانيا حجم الإنتاج “إلى ستة مليارات بحلول 2024-2025” إذا تمكنت من تجيير هذا الازدهار في إنتاج المحتوى لصالحها.
وقال “كل هذا لا يتوقف مع كوفيد-19. في الواقع ثمة رغبة أكبر”