«سوليوود» – «خاص »
أبرزت أوراق نقدية صعوبة المعالجة السينمائية والدرامية للرواية رغم المواءمة بينهما في بعض تجارب الكتاب العالميين، مستشهدة بالموقف المختلف بين النوبليين نجيب محفوظ، وغابريل غارسيا ماركيز، وذلك ضمن ندوة ملتقى الرياض الثقافي التي عنونت بـ”جدلية السينما والرواية” ونظمها نادي الكتاب الثقافي.
واستضافت الندوة الكاتبة حصة البيضاني، والكاتب عبدالله المطيري، والناقد المخرج فهد الأسطاء، وأدارها الدكتور شاهر النهاري، الذي أوضح في مبتدأ حديثه أن صناعة السينما هي اكتمال تحقق الأحلام من خلال صناعة التصوير المتحرك، مضيفًا أن قمة الفن أن تستطيع قراءة أفكار وإبداع وأحلام أحدهم، وأن تتمكن من جعلها حقيقة تسعى على الجدران.
وبيَّن “النهاري” أن صناع السينما منذ البدايات استغلوا خاصية الاتصال الشبكي، التي استغلها القدماء وهي نقطة الضعف في الإبصار الإنساني البشري، متسائلاً في الوقت نفسه: تُرى لو لم يكتشف الإنسان السينما فهل كانت عقولنا بهذا القدر من القدرة على التفكير واختلاق المواضيع والتخيل، أم أننا سنظل كما نحن بالضبط؟
وابتدأت كاتبة السيناريو والمحتوى السينمائي، طالبة الماجستير والباحثة في تاريخ الفن بفرع جامعة السوربون بالإمارات، حصة البيضاوي، بالقول: إنه قبل وجود السينما كانت الرواية هي الأكثر جماهيرية، مشيرة إلى أن الرواية تختلف تمامًا عن أدوات السينما، فهنا اللغة مختلفة وهنالك الكلمات، والاقتباس والبلاغة.
وبيَّنت أن الوسيط مختلف في طريقة السرد الروائي عن طريقة السرد السينمائي، وإن كان كلا المجالين استفاد بعضهما من بعض، فخلال تاريخ السينما كان بينهم منفعة متبادلة، فالسينمائيون استندوا على الرواية في أفلام كثيرة سواء نقلت حرفيًا أو بالاقتباس منها أو استلهامها.
ولفتت إلى رفض بعض الروائيين نقل الرواية إلى السينما، كما فعل غابرييل غارسيا ماركيز برفضه نقل رائعته “مئة عام من العزلة” إلى فيلم، على الرغم من العروض الكثيرة التي حصل عليها، فهو يحترم هذه الخصوصية التي نشأت بين القارئ وبين الرواية، فهو لا يفضل تحويلها إلى فيلم، مشيرة إلى أشكال متعددة لنقل الرواية إلى الشاشة.
من جانب آخر، أوضح كاتب المحتوى السينمائي وصانع الأفلام، عبدالله المطيري، أن هناك علاقة بين الرواية والسينما، فكثير من الروائع السينمائية كانت رواية أو قصة أدبية، وهذا الذي يجعلنا نقول إن السينما هي الفن السابع ووجودها بهذا المركز يستدعي استفادتها التامة من جميع الفنون بما فيها الأدبية كالقصة أو الرواية، وهناك جدلية أن جمهور الأدب قد يفضل القراءة على مشاهدة الفيلم والعكس كذلك، فكل منهم له نظرته.
وأضاف “المطيري” أن السينما قد لا تستطيع مجاراة السرد القصصي المحكي، والتفاصيل التي يرويها الكاتب، والتي بدورها تتضح كالصورة في الفيلم، مشيرًا إلى أن غياب السرد الوصفي الحميمي الذي ينشأ بين الكاتب والقاص، أو بين القارئ والمتلقي، لن تجده في الفيلم؛ لأن الصورة هي فقط من تحضر، وهذا ما يجعل بعض القراء ينفرون تمامًا من الأفلام المقتبسة أو المشتقة من الرواية.
وأورد “المطيري” تساؤلاً للكاتب أمين صالح في كتاب “الضوء” فيما يتعلق بموضوع السينما والرواية، وهل كل رواية تصلح أن تكون فيلمًا، مضيفًا أنه أورد بعدها عدة مقولات لمخرجين مشهورين منهم أندريه تاركوفسكي الذي يرى أنه ليس كل عمل نثري قابل للتحويل إلى الشاشة كرواية “مئة عام من العزلة” لأنها لا تستطيع أن تصل إلى إبداعها في فيلم.
واستدعى مقدم الندوة، الدكتور شاهر النهاري، تجربة نجيب محفوظ الذي حولت أكثر رواياته إلى السينما، وكان يرى نسبية تناول الفكرة بين الرواية والسينما، فعندما يسألونه هل لك اعتراض على الفيلم فيقول لا، هذه رؤية المخرج وإذا أردتم رؤيتي فانظروا إلى الرواية، مستدعيًا عقبها تجربة يوسف إدريس الذي كان أحد أجمل من كتب القصة القصيرة وأكثر من حولت له قصص قصيرة لا تزيد على صفحة أو صفحتين إلى أفلام، فالفكرة هي الأساس الذي يشعل خيال المخرج والسيناريست قد تأتي من صفحة أو صفحتين.
من جانبه تناول الناقد والمخرج، فهد الأسطاء، الربط بين مصادفة مرور 199 سنة على ميلاد أعظم العقول البشرية روائيًا، فيودور دوستويفسكي، المولود في 11 نوفمبر 1821، والذي يعد من أوجه مصادر السينما الروائية، مؤكدًا أنه ليس للرواية، فضلاً عن الأفلام، بل يجب أن نتعامل بينهما على كونهما فنين مختلفين، فكل فن له كيان قائم بذاته.
وأشار “الأسطاء” إلى ما أورده قيس الزبيدي في كتابه “تحويل الفيلم إلى وسيط أدبي”، إلى أن المشكلة بين الرواية والفيلم تكمن في الدلالة، فالروائي يعتمد بشكل مباشر على اللغة فقط، بينما دلالة السينمائي دلالة أكبر أو أكثر توسعًا سواء دلالة موسيقية أو صورية.