سوليوود «الرياض»
عصر جديد تشهده السينما السعودية بفضل التشريعات الجديدة ومتابعة المسؤولين والدعم اللامحدود من قبل الجهات المعنية، التي تعمل على قدم وساق لتحقيق التطلعات ومواكبة النهضة الثقافية والاقتصادية وعلى جميع المستويات التي تشهدها المملكة، لتحقيق رؤية المملكة 2030، بجانب إبداع مجموعة من المخرجين والممثلين والمنتجين، الذين طوعوا إبداعاتهم للارتقاء بالمستوى السينمائي في المملكة، وظل عدد الإنتاجات السينمائية في تصاعد مستمر لسنوات طويلة، وأكدت الأفلام التي نُفذت أن هناك بصمة خاصة تعبر عن طبيعة المجتمع السعودي، وكشفت عن قدرة على المنافسة مع السينما العربية والعالمية، ما يؤكد أن هناك مستقبلاً مشرقاً ينتظر هذه السينما، خصوصاً أن الإنتاجات الجديدة التي يشارك فيها الجيل الحالي تمتلك رؤية وأفكاراً مختلفة، ونجحت في خلق فضاءات جديدة تمزج بين الرؤية البصرية والقوة الإنتاجية وجودة المحتوى ، وتواكب العصر وتتماهى مع الواقع، وفقا لتقرير نشرته جريدة الاتحاد الإماراتية.
تطور وازدهار
المشهد السينمائي في المملكة بدأ في التطور وازدهار ملحوظ بعد إطلاق عدد من المهرجانات والمسابقات الخاصة بعالم الفن السابع، أبرزها مهرجان أفلام السعودية، الذي استحدثت إدارته جائزة للفيلم السينمائي الطويل عام 2018، ومسابقة للأفلام القصيرة، ومهرجان أفلام الأطفال، وملتقى ليالي الأفلام السعودية في الرياض، وتدشين «بيت السينما»، وكانت البداية الحقيقية للسينما السعودية وخصوصاً الشبابية في عام 2006، عندما أُنتج فيلم «كيف الحال» بطولة هشام عبد الرحمن وعلي السبع وميس حمدان وهند محمد، التي تعتبر أول ممثلة سينمائية سعودية، وبعد النجاح الذي حققه الفيلم، تحمس المنتجون السعوديون لإنتاج أفلام أخرى، أبرزها فيلم «مناحي» بطولة فايز المالكي عام 2009، وفيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور عام 2012، وفيلم «بركة يقابل بركة» لهشام فقيه وفاطمة البنوي في 2016، كما تم إنتاج أول فيلم رسوم متحركة سعودي بتقنية 3D بعنوان «بلال» عام 2015، وتوالت الأعمال السينمائية السعودية، وتم إنتاج عدد من الأفلام في الآونة الأخيرة، حصدت جوائز عربية ودولية وعالمية، فبعد أن حققت المخرجة السعودية هيفاء المنصور نجاحاً كبيراً وحصدت الجوائز في أفلامها السابقة «وجدة» و«ماري شيلي»، نافست بفيلمها الجديد «المرشحة المثالية» عالمياً على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السادس والسبعين، وتم ترشيحه لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار الثاني والتسعين، وتدور أحداثه حول طبيبة شابة تتحدى المجتمع الذكوري الذي تعيش فيه وتقرر خوض الانتخابات البلدية.
تاريخ
أُنتج أول فيلم سعودي عام 1950 وحمل عنوان «الذباب»، وكان من بطولة حسن الغانم الذي يعتبر أول ممثل سينمائي سعودي، وفي عام 1966 أُنتج فيلم «تأنيب الضمير» للمخرج السعودي سعد الفريح، وفي عام 1975 قام المخرج السعودي عبدالله المحيسن بإخراج فيلم عن «تطوير مدينة الرياض»، وتلته عدة أفلام أخرى ساهمت في تطور الحركة السينمائية في المملكة، من بينها: «موعد مع المجهول» عام 1980، وفيلم «الإسلام جسر المستقبل» عام 1982.
جوائز
أول فيلم سعودي حصل على جائزة دولية هو فيلم «اغتيال مدينة» للمخرج السعودي عبدالله المحيسن، وحاز حينها جائزة «نفرتيتي» لأفضل فيلم قصير عام 1977 في مهرجان القاهرة السينمائي، وتُوج فيلم «حرمة» بالجائزة الذهبية لمهرجان بيروت السينمائي عام 2013، وحينما أعلنت أكاديمية العلوم والفنون الأميركية وبشكل رسمي عن القائمة الإجمالية للأفلام المرشحة لجائزة أوسكار عن أفضل فيلم أجنبي لعام 2013، والتي ضمت 71 فيلماً من مختلف دول العالم، جاء من بينها الفيلم السعودي «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المملكة.
«نجد»
يعتبر فيلم «نجد» هو أول فيلم سعودي يُعرض في صالات السينما السعودية، وتلعب بطولته حياة الفهد ومريم الغامدي وإبراهيم الحربي وزهرة الخرجي وميساء مغربي، ومن تأليف خالد الراجح وإخراج سمير عارف، ويصور الفيلم عبق الماضي ومتعة الحاضر من خلال الحياة الاجتماعية في منطقة نجد في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، وصورت مشاهده بين الإمارات والرياض، وحصد الفيلم جائزة «الصقر الخليجي الطويل» في مهرجان العين السينمائي في دورته الثانية.
تجربة استثنائية
عن الانفتاح السينمائي في السعودية، وظهور عدد من المخرجات المتميزات، أوضحت هيفاء المنصور أنها سعيدة بالتطور الكبير الذي تشهده السينما السعودية، وحضور مخرجات في صناعة الفن السابع يعرضن إبداعاتهن أمام العالم كله، موضحة أنها منذ فيلمها «وجدة» وهي تتعلم وتكتسب الخبرات، حتى أتتها تجربة استثنائية في فيلم «ماري شيلي» الذي وصل إلى العالمية، ومن ثم «المرشحة المثالية»، فكان الأمر بالنسبة لها تحدياً كبيراً، لكنها قبلت التحدي وبدأت في تحقيق حلمها في عالم الفن السابع، منوهة إلى أنها تريد توجيه رسالة لكل امرأة بأن تستمر في السعي وراء الفرص، ولا تسمح للصعوبات والضغوطات أن تسيطر عليها وتحبطها، مشددة على ضرورة صناعة أفلام حقيقية تشبه الشباب، إلى جانب الاستثمار في الكتابة، وإيجاد ورش عمل جدية تنعكس على إثراء مستوى الكتابة، مشيرة إلى أن المناخ الحالي في المملكة أصبح أكثر ملاءمة لصناعة السينما في ظل افتتاح صالات عرض وإقامة مهرجانات ودخول الجيل الحالي في عملية صناعة السينما.
إنجازات وفخر
المخرجة السعودية شهد أمين التي فازت منذ فترة بجائزة «فيرونا» – الفيلم الأكثر إبداعاً، عن فيلمها «سيدة البحر»، أحدث الإنتاجات السينمائية من «إيمج نيشن أبوظبي» – وذلك في النسخة الـ 76 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، عقب عرضه ضمن مسابقة أسبوع النقاد المرموق، أكدت أنها فخورة بالإنجازات التي يحققها صناع السينما السعوديون، الذين ساهموا بإبداعاتهم في تنفيذ أفلام سعودية تنال انتشاراً وصدى كبيرين، وقالت إن صناعة السينما في السعودية مضت بقوة نحو آفاق أوسع من التطور المستمر والنجاح الملحوظ على مدى السنوات الماضية، موضحة أن مشاركة فيلمين سعوديين في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الماضي هما «المرشحة المثالية» و«سيدة البحر»، كفيلة بأن تتصدر السعودية المشهد السينمائي، مبينة أن هذه الخطوة تعد انتقالية وفي غاية الأهمية بالنسبة لمسيرة صناعة السينما الإقليمية والسعودية بشكل خاص.
تعاون مثمر
وترى شهد أمين أن التعاون المثمر بين الإمارات والسعودية في عمليات الإنتاج السينمائي والدرامي، من خلال شركات داعمة مثل «إيمج نيشن أبوظبي» و«twofour 54»، يعزز من قوة مشاريع الإنتاج المشترك، وقالت إن للشركات المنتجة دوراً مهماً في دعم الأفكار الجديدة ووصولها إلى أرض الواقع، وطرح سينما مختلفة ومتطورة، وفي ظل التطورات التي تشهدها المملكة، وفتح دور عرض للسينما، فهي تسير نحو آفاق من النجاح والتطور الإيجابي في ضوء هذا الانفتاح، مشيدة بـ«إيمج نيشن أبوظبي»، التي قدمت دعماً قيماً على مدار عمليات الإنتاج والتصوير لفيلمها «سيدة البحر».
نقطة تحول
الممثلة الإماراتية فاطمة الطائي، التي شاركت في بطولة فيلم «سيدة البحر» مع المخرجة شهد أمين، وتستعد لخوض تجربة جديدة في عالم الأفلام السعودية، من خلال عمل درامي اجتماعي تعلب بطولته وسيتم تصويره بالكامل في المملكة، فأكدت أنه مع التطور الذي تشهده المملكة في ظل رؤيتها وخططتها الاستراتيجية، وافتتاح صالات العرض السينمائي وتوجه الهيئات لدعم هذا المجال، تمر السينما السعودية بنقطة تحول مهمة، خصوصاً مع الإنتاجات التي تم تنفيذها مؤخراً، ونالت صدى وانتشاراً عربياً ودولياً، موضحة أن صناع السينما السعوديين يسعون من خلال قصصهم المختلفة وأفكارهم الجديدة في عالم الفن السابع إلى المنافسة الحقيقية عربياً ودولياً، وهذا ما حدث في «سيدة البحر» الذي يعتبر نقلة نوعية بالنسبة لها، منوهة بالعلاقات والتعاون المتميز بين الإمارات والمملكة في مجال السينما، والتي أسهمت في تنفيذ عدد من الأعمال المتفردة، مثل «من ألف إلى باء» و«كاميرا».