أحمد الملا
كلمة الدورة السادسة لمهرجان أفلام السعودية
نعم، عدنا في دورة سادسة، جوهرها الفن وهو يخترق جدران العزلة الفردية، الفن وهو يمد الجسور إلى أقصاها يصل الناس بعضهم ببعض ويقرّبهم، رغمًا عن البعد.
التحديات التي تواجهها البشرية، لم نستسلم أمامها، وانتهجنا بدائل متاحة، ابتكرنا حلولاً تفاعلية تستجيب لطموحاتنا في ظرف “عابر” مثل هذا. وهنا لا يسعنا في إدارة المهرجان إلا التأكيد على أن استجابة ومؤازرة صناع الأفلام السعوديين، كانت الحجر الصلب الذي بُنيت عليه هذه الدورة، ولولا مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) شريكًا أساسيًا في المهرجان لما تحققت، كما أن دعم هيئة الأفلام بوزارة الثقافة رسّخ لنا أهمية العمل الثقافي ورعاية الإنجاز الإبداعي السعودي لتخطي كل الصعوبات.
يشهد العالم تحولات عديدة، على كل المستويات، من الخاص إلى العام، من الفرد إلى البشرية جمعاء، هذه التحولات التي نثق بأن الفن ذروتها، وضامن معانيها. تلك الخطابات الفلسفية والثقافية الكبرى التي كانت حكرًا على النخب، مثل: القوة الناعمة، وأثر الفنون البصرية، واللغة المشتركة للبشرية، أفكار انتقلت من بطون الكتب وعقول المفكرين إلى سلوك عام، مما أتاح للمبدعين ومنهم صناع الأفلام مكانة متقدمة في فنون التعبير الإنساني. ومن علامات هذه التحولات في وطننا العزيز، إنشاء وزارة الثقافة وتشكل هيئاتها، التي تلقاها المجتمع السعودي بترحيب ولهفة.
وكعادتها قرأت أرامكو السعودية ذلك مبكرًا، رأته آتيًا، صاغته ثم وضعت حجر أساسه في عام 2008م، ليكون مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، جسرًا سعوديًا إلى العالم، منارة معرفية، تنسج تراث الفكر وراهن الإبداع برؤى المستقبل.
ليكن الفن مناهضًا للعزلة بكل أشكالها، ليكن الفن ضد الكراهية، ومع الحب. الفن هو الجسر المتصل دومًا تجاه الآخر. لربما جاءت هذه “الجائحة: كوفيد 19” لتنبه الإنسان على إعادة اعتباره للطبيعة وسلوكه في الحياة، ولربما يستفيد الفنان من استثمار شغفه في الابتكار والتجديد بأقصى ما لديه من حرية الفنان.
لنذهب بمخيلتنا عبر مغامرات بصرية تشبهنا، لنرحل بمعرفتنا عن أنفسنا أعمق مما يتناوله السائد والمعتاد، لنكشف عن إرثنا الممتد وقصصنا الحاضرة في التاريخ البشري، منطلقين من وطن أعمق مما يبدو، يمتد من أول دولة سعودية (1744م)، وهي تتكئ على كنوز من الإرث عبر القرون الغابرة، وحتى يومنا هذا، الذي نرى فيه المستقبل، يقبل مستبشرًا بذراعين مفتوحتين.
ومثلما الطبيعة تستعيد عافيتها، أثق أن صناع الأفلام السعوديين، صقلتهم عزلتهم بالمزيد من المعرفة والبحث والمشاهدة والاشتغال على مشاريع تتشكل ليتفتح وردها في وقت قريب.
هذه الدورة السادسة، وإن وصفت بأنها استثنائية، فإننا ننحاز للإيجابي من هذا الوصف، حيث تتعدد وتتنوع البرامج مع ما تستفيده من التقنية الحديثة، لتتواصل مع العالم كله.
باسم فريق العمل بإدارة المهرجان، وجمعية الثقافة والفنون بالدمام، ومن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، نتمنى لكم دورة سادسة ثرية ومفيدة.
كم ستفيدنا هذه التجربة، وكم سنحمل معكم من خبرات مضافة، فإلى وعد قريب، بالدورة السابعة نحتضنكم فيها بعد ما يشبه البعاد.