رياض المسلم
في مشهد لفيلم «هوليودي» يحاكي واقعنا “الكوروني”، فيتنبأ صنّاعه بخروج فيروس قاتل من الصين يقضي على العالم، فتظهر في الفيلم الذي صدر قبل سنوات عدة، مصطلحات مثل العزل 14 يومًا، ولبس الكمامات وغسل اليدين والمخالطة والحجر المنزلي، فكاتب قصة الفيلم من المؤكد أنه استعان بخبرات طبية لمعرفة مخاطر الفيروسات، فالبروتوكولات الاحترازية تبدو متشابهة، فمن غير المنطق أن يحمل أحدهم “الآر بي جي” من أجل قتل فيروس أو يدهسه بدبابة.
أكثر من ستة أفلام عالمية تحدثت عن خطر الفيروسات ودخلت في دهاليزها المخيفة، لكن هذا لا يعني أن الصيني أرسل “واتساب” لصناعها، وأبلغهم بأنه في ديسمبر 2019 سيتناول “مرقة الخفاش” مع قليل من المشروبات الغازية بعدها سيخرج فيروس اسمه كوفيد 19 سيحبس العالم، فكتب لهم القصة مسبقًا..
العقل البشري لا يزال غير مقتنع بأن ما شاهده في الأفلام مسبقًا يتحقق ويترجم إلى حقيقة، ولم يدرك سكان المعمورة بأن الأفلام التي شاهدوها سلفًا كانت من خيال الكاتب، سيكتب عليها لاحقًا عبارة “فيلم سيستوحى من قصة حقيقية”!!
نسب كورونا إلى نظرية المؤامرات وفسخه من فصيلته الكوراناويات المستقيمة لن يغيّر من الواقع الذي نعيشه بأن الفيروس أصبح محيطًا بنا ويرفرف حولنا، ومتعايشًا معنا حرًّا طليقًا طالما أن اللقاح لا يزال حبيسًا في المختبرات.. فهو ليس جاسوسًا سنمسك به عندما نتعرف على هويته.
تلك الأفلام التي يرى بعضنا أن كتّابها استعانوا بقارئة الفنجان في مصر قبل أن يدخلوا الاستديوهات، والمقاطع المقتصة منها تسبقها جملة منمقة متسقة تجعل الأمر يبدو حقيقة، أسرتني أيامًا فقرأت عن نظرية المؤامرة وأن الجائحة كانت بفعل فاعل، وكل يفتي على مزاجه، لحين كدت أخرج من المنزل غير مبالٍ بالتدابير الوقائية قبل أن أسمع وأشاهد أقارب وأصدقاء ومشاهير وقعوا ضحية الفيروس القاتل فلم يرحم الضعيف منهم.. وحرمنا منه.
صناع الأفلام يقرؤون المستقبل، والأذكياء منهم يدركون أن الناس متلهفون على معرفة ما ينتظرهم وليس ما فاتهم، وهنا تبدأ لعبة الجذب السينمائي، ولو حدث تشابه مع المستقبل الذي تبدل إلى حاضر فإنه من باب الصدفة.
للمهووسين بعالم السينما، كورونا بريء من خدعها، فهو وباء أسرنا وشل حركتنا وهزّ العالم.. وعلينا مكافحته ونترك أصحاب نظرية المؤامرة، فلو توقعوا ظهوره في 2020 لكان الأجدر بميشيل حايك أن يكون صاحب السبق، لكن كوفيد 19 وجه له ضربة قاضية دون أن يصيبه.. علينا أن نتعامل مع كورونا بأنه فيلم تراجيدي وليس كوميديًّا أو خياليًّا.
الرياضية