إبراهيم العزاز
هل شعرت يومًا ما بخيالك وهو يسافر بعيدًا إلى زمنٍ قد انقضى بالفعل، ولكنك تنتمي إليه بكل تفاصيله وذكرياته التي تحيط بك؟
هذا الفيلم يجعلك تحظى بهذه التجربة الخيالية حتى لو لم يسبق لك معرفة ذلك الشعور المزدوج بين الحب والموت، الفرح والحزن، الواقع والخيال.
عمل سينمائي يمثّل نظرة متأملة للموت والصمت، والشعور بالحزن والأسى، واستحضار الذكريات. نادرًا ما أشاهد فيلمًا يبقى أثره لمدة زمنية، حتى بتّ متأكدًا مع مرور ثلاث سنوات تقريبًا على عرض هذا الفيلم أنّه لم يفارقني، وسيحضر دائمًا في الخيال بصورة شبح، وفي الواقع بصورة الموت.
(قصة شبح) للمخرج David Lowery بشخصيات نموذجية لدرجة أنها لا تحمل أسماء، مجرد الأحرف الأولى (Casey Affleck (C هو موسيقي يعيش مع زوجته M) Rooney Mara) في منزل صغير محاط بممتلكات بسيطة في مكان ما في شقة واسعة من ولاية تكساس.
وفي وقت مبكر من القصة يظهر الشبح بملاءة بيضاء بعد حدثٍ مأساوي يجعله يتخبّط كثيرًا كشبحٍ، وينتقل إلى أزمنة سردية بين المستقبل والماضي ووصولًا إلى الحاضر، محدثًا فراغًا هائلًا من الحزن والصمت على زوجته، التي جسّدت طبيعة الحالة العاطفية بالتهامها فطيرة التفاح في خمس دقائق كاملة في مشهدٍ مذهل جدًا، في إطارٍ من الحزن الصامت، من الفراغ الروحي الذي توغّل من أول الموت إلى آخر قطعة من الفطيرة.
عند موت أحدٍ ما، يستدعي الموت العواطف حتى تظهر بشكل الحزن الصامت أو الغضب العارم ومحاولة فهم ما يحدث، وهذه النوعية من العواطف هي من اختصاص هذا الفيلم.
والذي يجعلك تعيش الحدث بالتحديق في المشاهد الصامتة، الشعور بالموسيقى التصويرية، التي كانت إحدى ركائز الفيلم بإحساس مرهف، وتناغمات تلامس الروح، وكل هذه التفاصيل تجعلك تفكّر في معاني هذه الأحداث والمشاهد وكيف تشعر حيالها، وهنا أستطيع استشعار كل ما يحدث، بشكلٍ مختلف ربّما، ولكنه يتقاطع مع الفكرة ذاتها التي طرحها الفيلم من خلال عناصر عديدة تكمن في طبيعتها في شكل الحياة بعد الموت. قد نرحل يومًا ما عن تلك الأماكن، دون أن تغادرنا. والشبح هو الإنسان، بعد كل شيء.
جريدة الرياض