سوليوود (لوس أنجلوس)
يتوقع أن يلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الأيام القادمة في زيارته الحالية لمدينة لوس أنجلوس كبار منتجي صناعة السينما في هوليوود؛ في إطار مساعي سموه لبناء صناعة سينما سعودية قوية تدعم قطاع الترفيه، الذي ينفق السعوديون في ممارسته مبالغ طائلة سنوياً في رحلاتهم السياحية الخارجية، وصلت في عام 2016 إلى 86.4 مليار ريال، بحسب البيانات التي أعلنها مركز الأبحاث والدراسات السياحية (ماس) الشهر الماضي.
الاكتفاء الذاتي
وتشكل ضخامة هذه الأموال التي تتسرب من الاقتصاد السعودي سنوياً إلى اقتصاديات دول أخرى، جزءا من الدوافع الأساسية لولي العهد في مسعاه لبناء صناعة سينما سعودية وتعزيز قطاع الترفيه ضمن رؤيته الشمولية لتحديث المجتمع السعودي، والوصول به إلى مستويات من الاكتفاء الذاتي في كل القطاعات بما في ذلك قطاع الترفيه، تحفظ للمملكة ثرواتها، وتضخ أموال السعوديين في عمليات اقتصادية يحصدون عوائدها بدلاً من أن يجنيها غيرهم عبر أنشطة الترفيه التي تقدم لهم في دول أخرى مجاورة أو في منطقة الشرق الأوسط.
إن السينما كفن وصناعة هي دائماً بنت مجتمعها، تحمل ملامحه وقيمه الدينية والثقافية وتعكس قضاياه ومشاكله وإنجازاته وتطلعاته، إذ أنها أداة محايدة تماماً تقوم على قواعد موحدة في الكتابة والإنتاج والنشاط التمثيلي الذي تتضمنه، وتختلف من مجتمع إلى آخر في المحتوى الذي تعكسه والتجارب الإنسانية التي تجسدها في موضوعاتها.
وتتيح السينما لكل مجتمع الحفاظ على خصوصيته الثقافية والاجتماعية؛ لأنها تترك له الحرية في توظيفها كما يشاء، وبناء على ذلك لا خشية من تأثيرات السينما ما دامت ستوظف ضمن ضوابط وأهداف تجعل منها أداة بناء لا هدم كما هو الحال في السعودية، التي تهدف إلى استخدام السينما ضمن تعميق رؤية المجتمع لنفسه عبر القضايا التي ستتناولها، بالإضافة إلى أغراض الترفيه عبر العروض الكوميدية.
المعتقدات الخاطئة
وفق مانشرت سبق الإلكترونية، يتخوف بعض السعوديين من تأثيرات السينما، انطلاقاً من معتقدات خاطئة تصور لهم أن السينما السعودية ستكون نسخة مطابقة للسينما الأمريكية في تناولها للموضوعات والعلاقات بين الأفراد، وتلك معتقدات ناتجة من طغيان السينما الأمريكية وقوة حضورها في العالم، لكن هذا الطغيان لا يحتم ولا يفرض على السينما السعودية أي تبعية للسينما الأمريكية، كما لا يمنعها من الحفاظ على خصوصية المجتمع السعودي، بدليل وجود سينمات منافسة للسينما الأمريكية منها السينما الهندية والسينما الفرنسية والسينما الإيطالية، وضمن إطار المنطقة السينما المصرية والسينما التركية وجميع هذه السينمات تحتفظ بخصوصيات مجتمعاتها.
وعلى غير ما يتخوف هؤلاء، فإن السينما السعودية ستقدم حلاً لمخاوفهم من خلال تقديم البديل الملائم الذي يغني عن اللجوء إلى خيارات أخرى، أو على الأقل يستحوذ على جزء من اهتمامات السعوديين بمشاهدة أعمال السينمات الأخرى، ما يعمق من تواصلهم مع مبادئهم الإسلامية وخطابهم الثقافي، ومن الأسباب التي تدعو إلى عدم التخوف أيضاً أن السينما لن تكون نشاطاً طارئا على المجتمع السعودي، فلقد كانت دور السينما موجودة في بعض مدن المملكة خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ضمن وسائل الترفيه ولم ينتج عنها ما يبرر الاستمرار في إلغائها من الخيارات الترفيهية للمواطنين.