سوليوود «الرياض»
خلال الـ 3 سنوات الأخيرة، طرأت الكثير من العادات الجديدة؛ المتأثرة بالظواهر التكنولوجية الحديثة ومدى تطورها وتجاوب صناع الميديا والفن معها؛ أبرزها طغيان اهتمام الشباب بمتابعة الأعمال الدرامية العصرية، التي تطرح باستمرار عَبر المنصات الرقمية، على تفضيل سلوك المشاهدة الجماعية المتعارف عليه في صالات السينما.
وفي وسط تداول السؤال الأشهر بين أطراف الصناعة سواء جمهورها أو فنانيها: ماذا عن المفاضلة بين العرض تلفزيونيًا ورقميًا؟ وما هي الوسيلة الأسرع على الإطلاق؟.. وما بين مؤيد لهذا ومعارض لذاك، زادت حدة التنافس بين المنصتين (التلفزيون والإنترنت).
يتجه كلاهما نحو التجديد والابتكار على طريقته الخاصة، البعض ينجح في اكتساب شرائح عمرية جديدة وآخر يفشل في المحافظة على إخلاص مستهلكيه؛ (Consumer loyalty) المحطة التسويقية التي يدرك أهميتها جيدًا كل متمرسي ودارسي القواعد الأساسية المتحكمة في التأثير على العُمر المتبقي لأي منتج في العالم، بحسب ما نشر موقع أراجيك.
منافسة مستمرة بين العرض التلفزيوني والرقمي
أثبتت التجربة أن الجمهور بغض النظر عن ثقافته؛ ذات الخلفية العربية أو الغربية، ينجذب للمحتوى الثري فنيًا؛ فيما يخص الموضوعات المطروحة في الأفلام والمسلسلات، أو التقنيات الحديثة المستخدمة في تقديم الحبكات والمعالجات الدرامية المعاصرة، والجديدة، والغريبة أيضًا
بدأ الأمر يظهر بوضوح خلال ماراثون دراما رمضان لعام 2019، والذي عُرضت به لأول مرة مسلسلات عربية متميزة على منصات رقمية ثم تلاها العرض التلفزيوني كعرض ثانِ لها؛ وجاءت أبرزهم الموسم الأول للمسلسل المصري زودياك المأخوذة عن أعمال أحمد خالد توفيق، وعُرض على منصة فيو ، والمسلسل اللبناني الكاتب من بطولة السوري باسل خياط واللبنانية دانييلا رحمة بالإشتراك مع نخبة من الفنانين العرب، وعُرض على منصة نتفليكس .
ووفقًا لـ نجاح التجربة، تضاعفت أعداد المسلسلات العربية الحديثة المطروحة عَبر المنصات الرقمية، حتى بعد انتهاء موسم دراما رمضان، وظهرت موجة عرض مسلسلات أخرى جيدة، تنافس في موسم خاص خارج هذا الشهر الفضيل، كما ظهر جليًا في أحدث العروض الحصرية لمنصة شاهد.نت العربية؛ والتي جاء منها مسلسلا في كل أسبوع يوم جمعة ، و مملكة إبليس واللذان أثرا في المشهد الفني، وحققا نسبة مشاهدة عالية وردود أفعال واسعة ما بين النقاد والجمهور.
محاولات ابتكار المنصات الرقمية الترفيهية تربح
لكن في المرحلة الراهنة، في ظل تكثيف مجهودات الحكومات المختلفة في العالم وصدور قرارات، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 ؛ سواء بتقليل التجمعات أو الاعتماد على التعليم الإلكتروني والعمل عن بُعد والتواصل من خلال الإنترنت فقط، تعزز دور المنصات الرقمية الترفيهية من جديد، ولجأ إليها الكثيرون من أجل الاستمتاع بأوقاتهم في المنزل دون ملل، ونشط الإقبال ما منحته هذه المواقع الإلكترونية من اشتراكات وعروض خاصة مجانية كنوع من مساهماتها في مواجهة الوباء العالمي.
والمُلاحظ على مستوى المُشاهد العربي والمصري، هو انجذاب شرائح عمرية جديدة لهذه المنصات بجانب الشباب، فضلًا عن طرح تساؤلات حول إمكانية عرض الأفلام السينمائية المصرية الجديدة حصريًا عَبر المنصات الرقمية؟ على غرار الخطوة المسبقة التي اتبعتها الدراما العربية أيضًا، وجاء ذلك بالتحديد فيما يخص الأفلام المصرية التي كان من المفترض طرحها في موسم أفلام الصيف المقبل من خلال عيدي الفطر أو الأضحى لعام 2020
اقتراحات جمهور السينما المصرية لبدائل العرض
صالات دور العرض السينمائية المصرية كان من المفترض أن تستقبل في هذا الموسم، مجموعة من الأفلام العربية لنجوم ثقال؛ منهم: البعض لا يذهب للمأذون مرتين بطولة كريم عبد العزيز وماجد الكدواني ودينا الشربيني، و صاحب المقام لـ يسرا وآسر ياسين وريهام عبد الغفور، و العارف لـ أحمد عز وكارمن بصيبص، و العنكبوت لـ أحمد السقا ومنى زكي، و يوم 13 لـ أحمد داوود ودينا الشربيني، و ديدو لـ كريم فهمي وبيومي فؤاد ومحمد ثروت، و الغسالة لـ محمود حميدة وأحمد حاتم وهنا الزاهد.
وكان البعض لا يذهب للمأذون مرتين من الأفلام التي أعلن صناعها رسميًا قبل ثلاثة أسابيع ماضية، عن طرحها في موسم عيد الفطر لعام 2020 بدور عرض السينما التجارية، لكن أثيرت الشكوك بتأجيله، بعدما أعلن مؤخرًا، أحد منتجي العمل وائل عبد الله، عن اقتراب صدوره لكنه لم يعرف موعد طرحه المؤكد بالضبط، خاصة بعد قرار غلق دور العرض الثقافية والسينمائية والمسرحية في إطار الإجراءات الاحترازية التي تتبعها البلاد في الوقت الراهن.
وكتب عبد الله معلقًا على إحدى الصور الدعائية للفيلم التي تحمل صورة الفنان بيومي فؤاد، عَبر حسابه الرسمي الخاص على موقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام ، في إشارة إلى حظر التجوال الجزئي المطبق في كافة المحافظات المصرية خلال الفترة الحالية: الحقيقة مالقتش أفضل منه ينزل في الحظر ،البعض لا يذهب للمأذون مرتين، قريبًا ان شاء الله، بس إمتى الله أعلم.
واقترح عليه أحد متابعيه من الجمهور، نفس الاقتراح الذي تداوله الكثير من رواد موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك أثناء تبادل الآراء والمناقشات حول تداعيات هذه الفترة وتأثيرها فيما بعد، على أن يتم صدور هذه الأفلام الروائية الطويلة على المنصات الرقمية أو تطبيق إلكتروني مخصص لذلك خلال الفترة المقبلة؛ ويتم تحميله بنفس سعر تذكرة السينما، متسائلًا عما إذا كان من الممكن أن يبدأها صناع البعض لا يذهب للمأذون مرتين ، ليشاهده الجمهور وقت الحظر.
أبحاث سينمائية صينية وحلول بديلة للتغلب على أزمة كورونا
الحقيقة أن هذه المخاطرة الإنتاجية، طبقتها الصين بالفعل في أواخر يناير الماضي، لتفادي الخسائر في صناعة السينما عقب تفشي فيروس كورونا ولجوئها لغلق صالات السينما والمسارح أيضًا، وكان ذلك مع الفيلم الصيني الكوميدي Lost in Russia للمخرج Xu Zheng ، الذي كان من المتوقع تحقيقه لنجاح كبير في شباك تذاكر السينمات، ولكن صناعه قرروا عرضه مجانًا أونلاين، من خلال منصة البث الرقمية الصينية Huanxi Premium ؛ بحسب المنشور في موقع
حرصت Maoyan ماويان وكالة التذاكر الصينية على إجراء بحثًا متخصصًا في قياس مدى اهتمام الشعب الصيني بمشاهدة الأفلام الروائية الطويلة عقب قرار إغلاق السينمات والخسائر الفادحة التي تعرضت لها شباك تذاكر السينما العالمية، والذي كشف بدوره عن استمرارية شغفهم في رؤية الأفلام
وجاء في تقرير نشرته مجلة في شهر مارس المنصرم، أن حوالي 97% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع كانوا يشاهدون الأفلام في المنزل، أما بعد الالتزام بالجلوس في منازلهم لأسابيع، أكثر من النصف 54 % أكثر شغفًا مما كانوا عليه قبل توقف لمشاهدة الأفلام مرة أخرى في صالات السينما
إذن الصين تدرس جيدًا مدى ارتباط جمهور السينما المعاصر بمشاهدة الأفلام والتي لم تتأثر في ظل القلق من الوباء العالمي الجديد، كما قدمت محاولة أولية لتعويض جمهورها ببديل آخر للاستمتاع بأفلامهم المفضلة لحين فتح صالات السينما بشكل موسع، والذي يرجح بعضهم أنه سيكون في أوائل أبريل 2020 وآخرون يقترحون أنه سيظل الحال كما هو حتى أواخر مايو أو يونيو 2020، لكن حتى الاَن لم تصدر أية مواعيد بشكل رسمي عن عودة فتح صالات السينما والمسارح بها
خليك بالبيت .. إليك قائمة بأبرز أفلام الرسوم المتحركة المتاحة عبر نتفليكس Netflix
إتاحة العروض الحصرية ومزايا المشاهدة الجماعية
ولا أحد يعلم حتى الآن هل سيقرر صناع فيلم Lost in Russia عرضه كعرض ثانِ في السينمات، بعد انتهاء هذه الأزمة؛ على أن يتاح مشاهدته مثل بعض الأفلام الأجنبية الشهيرة التي كانت تعرض من خلال منصة نتفليكس ، بالتزامن مع طرحه بدور العرض السينمائية، وعلى سبيل المثال ما حدث مع فيلم The Irishman للمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، وهو من إنتاج المنصة الأمريكية الشهيرة، والذي عُرض لأول مرة في الشرق الأوسط خلال فعاليات الدورة الـ 41 لمهرجان القاهرة السينمائي في نوفمبر الماضي
وفي ظل المصير المجهول الذي تواجه دراما رمضان 2020، ما بين طرح بعض بروموهات المصورة لهذه المسلسلات؛ منهم سلطانة المعز بطولة الفنانة المصرية غادة عبد الرازق و الساحر بطولة الفنان السوري عابد فهد، وقرار اَخرين بتعليق تصوير الحلقات المتبقية حتى تستقر الأوضاع في مصر مثلما يحدث في البلدان العربية المجاورة، تثير مطالب الجمهور وتجربة الصين التساؤلات حول جدوى تطبيقها على الأفلام السينمائية المصرية
خاصة أن منصات بث محتوى الفيديو على حسب الطلب الترفيهية الشهيرة، والتي لها قاعدة جماهيرية لا بأس بها في مصر والوطن العربي، سواء Watch it، شاهد.نت، فيو، نتفليكس، هولو مهيئة لذلك بعد اهتمامها بإثراء محتواها العربي بدرجة كبيرة خلال السنوات الأخيرة
جاء ذلك بإنتاج أعمال أصلية تعرض حصريًا بجانب تعاقدات متنوعة مع صناع الأعمال العرب لإتاحة العروض الأولى لأعمالهم الفنية من خلالها، وطال ذلك بعض الأفلام السعودية؛ مثلما أعلنت نتفليكس مؤخرًا في فبراير 2020، عن عرض 6 أفلام قصيرة سعودية للعالم بلغات مختلفة؛ من إخراج ستوديو تلفاز 11، تحت اسم ستة شبابيك في الصحراء
إذن ما بين توافر منصات متخصصة لعرض المحتوى بصريًا، متضمنًا إعلانات أو بدون أية فواصل عن المشاهدة، هل ستحفز الظروف الحالية منتجي السينما المصرية نحو المخاطرة واللجوء للعرض أونلاين في إطار عروض خواص المشاهدات الجماعية التي طرحتها منصات بث المحتوى مؤخرًا خلال الأزمة العالمية الحالية؟
سنرى معًا جديد الظواهر الفنية التي ستفرضها توابع كورونا في الأوساط المجتمعية خلال الأيام القليلة المقبلة والتي ربما تكون حاسمة في تاريخ صناعة الفن!