سوليوود «الرياض»
مع بدء انتشار «كوفيد 19» المعروف ب «كورونا المستجد»، استعرضنا فيلم «العدوى» الذي قدمه المخرج ستيفن سوديربيرج والكاتب سكوت بيرنز عام 2011، ربما لأنه كان الأقرب إلى ذاكرتنا، ولأن ما ورد فيه يشبه إلى حد بعيد الأعراض التي تصيب البشر حالياً، وطريقة انتشار الفيروس وحالة الخوف التي يسببها حول العام، الفيروس كان دائماً هاجس صنّاع السينما، وذاكرتها تحمل الكثير من الأفلام التي تناولت أوبئة متنوعة، منها ما صُنع من خيال مؤلفين ومخرجين، ومنها ما تناول فيروسات حقيقية، وعشاق أفلام الرعب والخيال العلمي، قد يستمتعون بمشاهدة أو إعادة مشاهدة هذه الأعمال أثناء جلوسهم إلزامياً في المنزل، وفي ظل انتشار «كوفيد 19».
أرشيف «الفن السابع» مملوء بالأفلام التي تناولت تفشي فيروسات هددت البشرية، ولأن خيال السينمائيين يحلق عالياً، ويسعى إلى رفع نسبة «الأدرينالين» لدى المشاهدين، مع تحويل العلم إلى رعب، وعملية إنقاذ البشرية تصير مهمة أبطال لا علاقة لهم بالطب في كثير من الأحيان، نجد ما يمكن ربطه بالمنطق والواقع، وما يندرج في خانة «الرعب والإثارة» أكثر من العلم الحقيقي.
من الأفلام الجيدة التي يمكن مشاهدتها في المنزل، نختار مجموعة نستعرض نبذة عنها، وهي تعود إلى سنوات مختلفة، تؤكد أن صنّاع السينما انشغلوا منذ زمن بالأمراض والأوبئة التي تهدد حياة الإنسان على الأرض، وفقا لما نشرت صحيفة الخليج الإماراتية.
ننطلق من عام 1950 وفيلم «الذعر في الشوارع»، الذي يعد من أفلام الإثارة المهمة للمخرج العالمي إيليا كازان، العمل يركز على كيفية منع حدوث أزمة، أكثر من تركيزه على الوباء؛ منطلقاً من جريمة ارتكبها ثلاثة سفاحين في نيو أورليانز، قتلوا رجلاً دون علمهم بأنه مصاب بوباء رئوي، فيتعقبهم مسؤول الصحة العامة ورجال الشرطة؛ خوفاً من انتشار الوباء أكثر من حرصهم على تطبيق العدالة وإلقائهم في السجن.
فيلم «قناع الموت الأحمر» (1964) للمخرج روجر كورمان، يتناول أسطورة من العصور الوسطى تدور أحداثها في قرية إيطالية (لم يحدد اسمها)، والأمير السادي (فينسنت برايس) الذي يحكم سيطرته على القرويين الفقراء.
يجتاح الطاعون الأرض، فيأمر الأمير بإحراق القرية؛ منعاً لوصول الوباء إلى قصره، لكن الطاعون يخترق جدران القصر حاملاً معه الموت الأحمر، ليؤكد أن المرض والوباء لا يميزان بين الغني والفقير.
«تفاصيل الشيطان» (1965) يستمد أهميته من تناوله لفكرة الحرب البيولوجية، وخطورتها على البشرية جمعاء، إذ يتناول المخرج جون ستورجس قصة أنبوب مفقود من أحد مختبرات الأبحاث، يجري البحث عنه؛ لأنه قد يحمل الموت إلى العالم من خلال وباء لعين.
من الأفلام الحديثة نوعاً ما، نختار فيلم «12 قرداً» (1995) للمخرج تيري جيليام بطولة بروس ويليس وبراد بيت الحاصل عنه على جائزة «جولدن جلوب» لأفضل ممثل مساعد، وهو من أفلام الخيال العلمي التي تثير فضول الجمهور بما فيها من تشويق.
يعود جيليام في الفيلم بالزمن إلى الوراء، منطلقاً من عام 2035 إلى 1996، مرسلاً أحد السجناء في مهمة «إنسانية»، لإنقاذ البشرية؛ حيث قضى فيروس على الحضارة ولم يبق من البشرية سوى مجموعة قليلة تختبئ تحت الأرض. ومهمة السجين أخذ عينة من هذا الفيروس ليجري عليها العلماء أبحاثهم في المستقبل وإيجاد العلاج المناسب.
المخرج الرائع روبرت وايز استند إلى رواية مايكل كريشتون الأكثر مبيعاً لعام 1969، لتقديم فيلمه «سلالة أندروميدا» (1971). فيلم يميل إلى العلم والمنطق أكثر من الخيال، وتناول الجهود المضنية التي يبذلها أربعة علماء للتوصل إلى حل لغز فيروس وصل من خارج الأرض، وهو سريع التحور. والعلماء في سباق من أجل منع هذا الفيروس الغريب من الانتشار في جميع أنحاء العالم.
وقدم المخرج المبدع جورج روميرو (ليلة الموتى الأحياء) فيلم «المجانين» في 1973، حاصراً العمل في بلدة صغيرة دمرها سلاح بيولوجي، متعمداً إظهار فشل السلطة في احتواء فيروس صغير ومنعه من التفشي والقضاء على الناس، نسخة ثانية من الفيلم قدمها المخرج بريك آيزنر عام 2010، تناول فيها الأحداث نفسها، إنما بأسلوب سلس وأقل حدة من روميرو.
عام 1980 قدمت استوديوهات توهو اليابانية، فيلم «فيروس» أخرجه كينجي فوكاساكو، وكان أغلى فيلم في تاريخ السينما اليابانية، بكلفة إنتاج 3.351 مليار ين ياباني، وضم نجوماً مشهورين. الفيلم عن بحث مجموعة من العلماء لعلاج من فيروس قضى على البشرية كلها تقريباً، الفيلم كئيب إلى حد ما ويمتد لأكثر من ساعتين ونصف الساعة.
من الأفلام أيضاً في هذا السياق «تفشي الوباء» (1995) لوولفجانج بيترسون، حول نظرية المؤامرة ونوع من العنصرية في الطرح، مع انتقال فيروس من قرد إفريقي إلى سكان كاليفورنيا، وفيلم «28 يوماً لاحقاً» (2002)، من أفلام «الزومبي» التي تميل إلى الرعب أكثر من العلم. و«حمى الكابينة» (2003)، «أطفال الرجال» (2006)، ويعد من أكثر الأفلام رعباً في هذه القائمة، ثم فيلم «الحجر الصحي» (2008) وهو يثير الذعر أيضاً.
يعد فيلم «العمى» (2008) من الأفلام الجيدة، المملوءة بالتشويق، يستند إلى رواية خوسيه ساراماجو، وأخرجه فرناندو ميريليس (مخرج «الباباوان»)، بطولة جوليان مور ومارك روفالو، الفيلم عن مرض ينتقل بالعدوى، يصيب سكان العالم بالعمى، ميزة العمل أنه يركز على عمى البصيرة لدى الإنسان والأشد خطورة من عمى البصر، ويبحث عن حلول وسط انتشار الفوضى والخوف وسقوط القيم في مواجهة كارثة علمية مخيفة.
فيلم «ناقلات» (2009) يتناول فيروساً يتسبب بالقضاء على كثير من سكان الأرض، وفيلم «بونتيبول» (2009) من أفلام الزومبي أيضاً المرعبة، ويتناول الحجر الصحي داخل غرفة واحدة.
«العدوى» (2011) سبق أن تناولناه بالتفاصيل وهو الأقرب إلى ما نعيشه، وهو أقل رعباً من فيلم «الخليج» (2013) للمخرج باري ليفنسون الذي استند إلى حقائق لخلق قصة عن وباء بيئي مرعب.
ومن أفلام «الزومبي» الفيلم الكوري «قطار إلى بوسان» (2016)، الذي يركز على مدى سرعة انتشار الفيروس، داخل قطار من سيول إلى بوسان، حيث امرأة مصابة تستقل عربة سرعان ما يصاب كل ركابها بالفيروس، ويجب على البطل العمل مع الركاب الآخرين؛ لمحاولة إبقاء السيارات الصحية منفصلة عن تلك المصابة. الفيلم عاطفي نوعاً ما، وإيقاعه سريع.
أما فيلم «يأتي في الليل» (2017)، فهو يبدو أقل رعباً؛ لكنه يتحدث عن العدوى، والعزل.
يتجدد السؤال دائماً: هل كل ما هو فيروس وطريقة اقتحامه حياة الإنسان ووصوله بشكل مفاجئ من حيث لا ندري، يحث مخيلة صنّاع السينما على تناوله بأشكال مختلفة ضمن إطار الخيال العلمي والرعب، أم أن الخيال يسبق العلم أحياناً إلى تصور ما قد يحدث في العالم؟