سوليوود «الرياض»
شهدت صناعة السينما في العالم الكثير من التطورات والتغييرات منذ نشأتها وحتى الآن، إلا أن بداية السينما الحقيقية، ووجود ذلك الفن الساحر بتأثيره الهام الذي غير العالم، يعود الفضل فيه لتلك الاختراعات والتقنيات، التي عكف كثير من العلماء والباحثين والفنانين الأوائل على اكتشافها وتطويرها.
فكانت هي النواة لكل أدوات هذه الصناعة في زماننا الحالي، وحجر الأساس الذي بُنيت عليه أشكال التوثيق والعرض السينمائي فيما بعد.
وكما هو معروف للكثيرين، فإن بداية ظهور السينما في الأساس كان قائمًا على اختراع التصوير الضوئي، إلى جانب الكثير من النظريات وتطبيقاتها، التي استخدمها العلماء في تطوير آلية التصوير والتسجيل، وكذلك أشكال عرض المواد الفيلمية.
وعلى مدار سنوات طويلة، ظهرت العديد من الاختراعات التقنية، التي كانت جميعها مراحل أساسية تمهد لظهور كاميرات التصوير السينمائي وأدوات العرض والمونتاج، وفي هذا المقال نقدم لكم أهم الاختراعات التقنية التي ساهمت في صناعة فن السينما.
ثاﻭماترﻭب
فى عام 1825 قام الباحث ﺍلفرنسي ﺍلدكتور (باريس) بصنع لعبة (الثاوماتروب)، وهي ﺃول لعبة تعد تطبيقًا لنظرية هامة خاصة بالرؤية البصرية تسمى بـ (نظرية بقاء الصورة)، وتفسير هذه النظرية هي أن العين تحتاج إلى 10/1 من الثانية للاحتفاظ بالصورة الثابتة التي تراها، فإذا قمنا بوضع عدة صور متتالية في نفس المدة، فإن العين لن تميز بين تلك الصور وستراها تتحرك، وقد اعتُمد على هذه النظرية في الأساس في صناعة الصور المتحركة وتصوير الفيديو فيما بعد.
ولعبة (الثاوماتروب) هي عبارة عن قرﺹ دﺍئري من ﻭرﻕ كارتوﻥ سميك، توضع على ﺃحد جانبيه صوﺭة لطائر، وعلى الجانب ﺍلخلفي توضع صورﺓ قفص، ثم يتم ربط طرفَي القرص بقطعتين من الأستيك المطاط، وعندما نقوم بشد الأستيك من كلا الجانبين فإن القرص يدور بسرعة وتبدأ الصورة في الحركة على جانبيها بسرعة، فتتكامل الرسمتان وتصبح كأنها صورة واحدة، فنرى الطائر وكأنه محبوس داخل القفص. Bird and Cage Thaumatrope
الفانتاسكوب
جهاز الفانتاسكوب أو كما يُطلق عليه بإسطوانة (بلاتو)، ﻫو أيضًا تطبيق لنظرية بقاء الصورة، وقد اخترعه (جوزيف بلاتو) عام 1832، وهو ﻳتكون من قرص من الكرتون مثبت على خلفيته عمود، ﻭمرسوم على محيطه الخارجي ﺭسوم متتابعة لحركة حصان، وعلى محيطه الداخلي يوجد فتحات طولية تواجه الرسوم.
وعندما نقوم بإدارة القرص أمام المرآة، فإننا سنرى حركة الحصان وكأنه يجري، عن طريق الصورة المعكوسة على المرآة من خلال الفتحات، ويعد هذا الجهاز هو البداية، أو الأساس الأول لطريقة التصوير والعرض السينمائي المعروفة الآن. 1833 “McLean’s Optical Illusions; or, Magic Panorama” (early animations)
الزيتروب
فى عام 1833 ابتكر ﺍلعالم ﺍلإنجليزي (ويليام هورتر) جهاز الزيتروب، ويتركب هذا الجهاز من إسطوانة دائرية، بها فتحات رأسية من الخارج، وفي الداخل يوجد مجموعة من الصور، إذا قمنا بإدارة هذه الإسطوانة أو السلندر، ونظرنا من خلال الفتحات فإننا سنرى الصور تتحرك.
ولكن من الضروري أن تكون كل صورة في المجموعة ثابتة، في اللحظة التي تراها العين، وأن يتوقف بصر المتفرج مؤقتًا بينما تتحرك كل صورة منهم بعيدًا عن مدى نظره، فتحتل الصورة التالية لها مكان أمام عينيه، فبينما تدور اللعبة فإن الفتحات تمر أمام عينه، وتبدو من خلال كل فتحة الصورة المقابلة لها داخل الإسطوانة، أما إذا مرت هذه الصور بشكل مستمر أمام عين المتفرج، فإنه سيرى فقط مجموعة من الصور غير الواضحة تزغلل العين.
وقد كان (هورتر) يطلق على هذه اللعبة “عجلة الشيطان”، لأن الصور الأولى التي كانت مرسومة على العجلة، كانت صور الشيطان. Zoetrope Animation Toy Of A Galloping Horse | Zoetrope
زوبراكس سكوب
فى عام 1872 خطر بباﻝ “ليلاند ستانفورد” حاكم ولاية كاليفورنيا بأمريكا، أن يقوم برهان قدره 25 ألف دولار، ليكون هو الوسيلة التي تثبت وجهة نظره التي تقول بأن الحصان وهو يركض في سباقات الخيل، تأتي عليه لحظات تكون فيه أرجل الحصان الأربعة مرفوعة عن الأرض في وقت واحد، وقرر إثبات ذلك عن طريق التصوير الفوتوغرافي.
وعلى هذا استعان بمصور فوتوغرافي من ولاية سان فرانسيسكو يُدعى “إدورود مايبردج”، ليتلقط مجموعة من الصور للسباق، إلا أن النتيجة لم تكن مُشجعة، حيث جاءت الصور غير واضحة ولا تحسم الرهان، إلا أن ذلك لم يمنع “مايبردج” من مواصلة محاولاته، وبعد 5 سنوات أعاد تلك التجربة مرة أخرى، حيث وضع على طول مجرى السباق 24 آلة تصوير فوتوغرافي، تبعد كل منها عن الأخرى مسافة 30 سم تقريبًا.
وبوسيلة كهربية ابتكرها، استطاع أن يجعل آلات التصوير تقوم بالتقاط الصور بشكل متتابع، واحدة تلو الأخرى أثناء جري الحصان، ونجحت التجربة، واستطاع الحصول على صور واضحة لأقدام الحصان، وكانت بالفعل إحدى هذه الصور تُظهر أقدام الحصان الأربعة وقد ارتفعت عن الأرض. madberg
الكينتوسكوب
جهاز الكينتوسكوب هو أحد أهم اختراعات “توماس أديسون” عام 1891، والذي واصل ما بدأه غيره من المخترعين، واستطاع تركيب آلة تجمع بين التصوير السينمائي، والعرض السينمائي في جهاز واحد.
فبعد محاولات كثيرة قام بها “أديسون” مع مساعده “ديكسون” استمرت 10 سنوات، نجح فيها باختراع آلة (الفونوغراف)، وهي آلة تسجل وتدير الصوت على اسطوانات مصنوعة من الشمع، ولكن فيما بعد خطرت له فكرة، وهي أنه بالإمكان صناعة جهاز يمكنه الجمع بين الصوت والصورة معًا في جهاز واحد، في التسجيل والعرض.
وبالفعل توصل لصناعة جهاز (الكينتوسكوب)، وهو عبارة عن سلندر مطابق في حجمه لسلندر الفونوغراﻑ، ﻳحتوى على صور فوتوغرافية، ويتم وضعه جنبًا إلى جنب على نفس المحور الخاص بسلندر الفونوغراف، والذي تم تسجيل الصوت عليه، بحيث يكون الصوت مطابق قدر الإمكان للصورة، إلا أن الصورة جاءت أقل جودة من الصوت.
السينماتوغراف
وبحسب صحيفة العبدلي نيوز يعود هذا الاختراع إلى صُناع السينما الأوائل الأهم والأشهر في تاريخ الصناعة وهم الأخوان (لوميير)، وقد اخترعوها عام 1895، والسينماتوغراف هي آلة للتصوير والعرض معًا، أي تشبه إلى حد كبير كاميرا الفيديو، ليحقق معها (لوميير) آلة تفوقت على مثيلاتها، وتأتي تسميتها بالسينماتوغراف، ثم يُشتق منها بعد ذلك لفظ (سينما) المُستخدم في العالم، وهي كلمة يونانية الأصل.
وكان اهتمام الأخوان (لوميير) موجه ناحية تسجيل الحركة، فكان أي شيء يتحرك يصلح لأن يكون موضوعًا لأفلامهم، وكان عملهم بأن يقوموا بوضع آلة التصوير في الهواء الطلق، ويثبتونها على الحامل، ثم يستمرون في التصوير حتى ينتهي شريط الفيلم الخام.
فيلتقطون صورًا متحركة بواسطة (السينماتوغراف) بسرعة 16 صورة في الثانية لأي شيء يروق لهم، ولم يكن يتجاوز طول أي من هذه الأفلام خمسون قدم. Lumiere Cinematograph
الفيتافون
كانت كل الأفلام التي تُقدم في هذه الفترة صامتة، إلى أن جاء عام 1927 حيث عُرض أول فيلم ناطق تحت اسم “مغني الجاز”، وهو من إنتاج شركة (وارنر)، والذي شهد بداية ظهور الممثل العالمي “أل جونسون”.
ويعود الفضل في ذلك لجهاز (الفيتافون)، وهو جهاز يسمح بتسجيل صوت الممثل على أسطوانة من الشمع، تُدار مع جهاز العرض السينمائي بطريقة ميكانيكية مطابقة للصورة، فتظهر صورة الممثل وفي نفس الوقت نسمع صوته أثناء حديثه أو غنائه، وكانت هذه هي البداية لصناعة الأفلام بشكلها المعروف في الوقت الحالي، وبداية عصر جديد وهو عصر الصوت في الأفلام، وانتهاء الأفلام الصامتة.