سوليوود «دبي»
تعتمد صناعة السينما دائمًا على التقنيات الجديدة؛ حيث اتجهت استوديوهات الأفلام إلى استخدام أحدث التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لزيادة أرباحها إلى أقصى حد؛ وقد شاهدنا هذا مؤخرًا في فيلم “الإيرلندي” The Irishman للمخرج الكبير “مارتن سكورسيزي” Martin Scorsese.
لقد استثمرت منصة “نتفليكس” Netflix ما يقرب من 200 مليون دولارِِ في إنتاج فيلم The Irishman الذي يشارك في بطولته “روبرت دي نيرو” De Niro إلى جانب “آل باتشينو” Al Pacino، و”جو بيشي” Joe Pesci.
وما يزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لمشرف التأثيرات البصرية (بابلو هيلمان) Pablo Helman هو حقيقة أن فرانك شيران (دي نيرو)، وجيمي هوفا (آل باتشينو)، وراسل بوفالينو (جو بيشي) يظهروا خلال 300 مشهد في مختلف أعمارهم، ولم يرغب سكورسيزي في الاعتماد على التقنيات التقليدية حيث شعر أنها ستعيق تنفيذ رؤيته للفليم.
يستند فيلم The Irishman إلى كتاب تشارلز براندت الذي يحمل اسم (I Heard You Paint Houses) والذي تدور قصته حول رجل العصابات ومقاتل الحرب العالمية الثانية (فرانك شيران) Frank Sheeran، الذي قتل رئيس اتحاد العمال (جيمي هوفا) ولكن المشكلة في أن الأحداث تدور في الفترة الزمنية من عام 1949 إلى عام 2000، ويريد سكورسيزي أن يكون قادرًا على تصوير فيلمه بالطريقة التي يريدها بدون الاعتماد على التقنيات التقليدية.
كان على هيلمان السعي لإيجاد التقنية الفعالة التي تجعل بها هوليوود نجومها يمثلون في أي سن بدون صعوبة. بعدها طلب هيلمان من سكورسيزي ودي نيرو الحضور إلى نيويورك عام 2015 لتصوير مشهد من فيلم (Goodfellas) الذي صدر سابقًا عام 1990.
واستطاع هيلمان أن يجعل دي نيرو يظهر كما كان قبل 25 عامًا. ولكن إعادة صنع مشهد واحد تعتبر أمرًا سهلًا، بينما صنع فيلم مدته ثلاث ساعات ونصف يمتليء بشخصيات فاعلة من مختلف الأعمار يعتبر أمرًا في غاية الصعوبة. وبذلك أصبح لدى هيلمان نظرية العمل، ولكنه ما زال بحاجة إلى تطوير تقنية للسماح لسكورسيزي بتصوير فيلمه بالطريقة التي يريدها.
ما جاء به هيلمان كان غير مسبوق؛ حيث ابتكر نوعًا جديدًا من أجهزة التصوير التي تسمح لسكورسيزي بالتصوير كما يفعل عادةً بالإضافة إلى التقاط جميع البيانات التي سيحتاج إليها فريق المؤثرات البصرية في شركة Industrial Light & Magic لتصغير أعمار الممثلين للعمر الذي يجب أن يكونوا عليه في المشهد.
كانت منصة التصوير مكونة من ثلاث كاميرات مقسمة كالتالي: كاميرا المخرج الأساسية في الوسط، وعلى كلا الجانبين توجد كاميرتين من طراز (Alexa Mini) تم تجهيزهما لتصوير صور بالأشعة تحت الحمراء للمشاهد من ثلاثة زوايا بحيث تُتيح تكوين صورة هندسية عن كل نقطة وخط في وجه الممثل.
التقطت كاميرات هيلمان ساعات من مقاطع الفيديو والكثير من البيانات، وأصبح بحاجة إلى تحويلها إلى فيلم. ولتنفيذ ذلك؛ قاموا بتطوير برنامج يُسمى (Flux) ويجمع معلومات الأشعة تحت الحمراء مع الصور من الكاميرا الرئيسية لإنشاء صور رقمية لكل ممثل حسب السن المطلوب في المشهد.
ولمحاكاة الأعمار المختلفة للأبطال كان لابد من جمع مكتبة كبيرة من الصور لكل منهم في مراحل عمره المختلفة؛ فعلي سبيل المثال إنشاء الأعمار المختلفة لشخص مثل: (فرانك شيران) الذي ينتقل من أوائل الأربعينيات إلى الثمانينات من عمره في الفيلم تطلب من الفريق فهرسة آلاف الصور من أفلام دي نيرو القديمة تتراوح من Goodfellas إلى Casino.
وبحسب مانشرت بوابة العربية لأخبارالتقنية، قام فريق المؤثرات البصرية أيضًا بتطوير نظام ذكاء اصطناعي يأخذ أي إطار قاموا بإنشائه ويقوم بمسح مكتبة الصور الكاملة في لحظة، لمنحهم صورًا مرجعية لما ينبغي أن يكون عليه الممثل حتى يتمكن الفريق من التحقق من عملهم.
والنتيجة هي فيلم يمتد على مدار خمسة عقود يؤدي كل من بيشي ودي نيرو وآل باتشينو أدوارهم طوال الوقت. كما حصل فيلم The Irishman على جائزة أفضل صورة من قبل دائرة نقاد السينما في نيويورك.
جاء فيلم The Irishman أيضًا في المرتبة الثانية في قائمة ترشيحات جوائز الأوسكار لعام 2020 حيث حصد عشرة ترشيحات. وسيقام حفل جوائز الأوسكار في هوليوود في التاسع من فبراير /شباط القادم.