هناء حجازي
فيلم قصة زواج للمخرج نواه بومباك، بطولة آدم درايفر وسكارليت جوهانسون، من أرق وأجمل الأفلام التي شاهدتها مؤخرا.
وسط أفلام حروب الفضاء والأبطال الخارقين والعنف والخيال العلمي والشخصيات الغريبة، يأتي هذا الفيلم الرقيق البسيط الذي يحكي بعذوبة قصة طلاق. لا أعرف كيف تجتمع العذوبة والطلاق في جملة واحدة، لكن هذا ما استطاع مخرج الفيلم إيصاله. الألم والحيرة والمعاناة والحب والكره واليأس والمرح كل هذه المشاعر وأكثر يمكنك أن تشاهدها وتشعر بها في هذا الفيلم ومن خلال – يا للمفارقة – قصة طلاق.
في بداية الفيلم، وأنت تستمع إلى صوت الزوج يتحدث عن الحياة الجميلة وصفات الزوجة الرائعة حتى أخطائها المحببة، ثم صوت الزوجة وهي تفعل المثل، تسترخي في مقعدك وتتوقع فيلمًا عن زواج سعيد كما يشي العنوان. لكن، في اللقطة التي تلي، تعرف أن هذا كان تمرينًا وضعه المدرب النفسي الذي يساعدهما على الانفصال.
الفيلم يميل قليلاً إلى التعاطف مع الزوج؛ لأن صانع الفيلم رجل وهو يحكي عن تجربة تشبه التجربة التي مر بها في حياته، لكنه في الوقت ذاته يمنح التعاطف المرأة أيضًا، التي تغيرت مع الأيام ولم تعد راضية بما يقدمه لها زوجها، الذي ينغمس أكثر وأكثر في مسرحياته، ورغم أنها بطلة مسرحياته، لكنه يمعن في انتقادها وتوجيه الملاحظات لها حتى في المنزل، وبدون سبب.
آدم درايفر، يقدم الشخصية بشكل بارع، صادق، شفاف، يجعلك تحزن لحزنه وتتألم لألمه وتحار معه، أي محام يجب أن يختار، ولماذا يغير حياته، وكيف يمكنه أن يكسب قضية الوصاية، حين يبكي وحين يصرخ وحين ينحني؛ لأنه لا يفهم ولا يعرف كيف ينتهي الحب، وكيف ينبغي أن يستخدم الأمور التي أحبها يومًا في زوجته كي تصبح سلاحًا يمكن من خلاله أن يهزمها في قضية الطلاق.
سكارلت جوهانسن، أعتقد أن هذا الدور الذي قامت به هو دورها المفضل عندي. سكارليت هنا، تلبس بشكل مختلف، تمثل بشكل مختلف، رقيقة، مترددة، حزينة، أم. كان الانفصال وديًا، لكن الاستعانة بمحام أمر محتم؛ لأنها تريد بعد الطلاق الأمور التي لا يريدها زوجها. كيف يمكن الانتقال إلى مدينة أخرى، والاحتفاظ بولدها، هو لا يسمع ولا يعترف باحتياجاتها، أو بالأحرى لا يفهم.
كل الشخصيات في الفيلم كان وجودها وأداؤها في منتهى البراعة، الأم، الأخت، المحامي اللين، المحامي الشرس، المحامية التي لا تبارى.
فيلم يحصد الجوائز على الرغم من قصته البسيطة والمعروفة والمكررة. الأفلام كالأدب، القصص ملقاة على الأرصفة، المهم كيف يحولها المخرج إلى سيناريو وشخصيات.
المصدر: جريدة الرياض