سوليوود «الخرطوم»
إعلانات ‘أين تسهر هذا المساء’ تغزو شوارع العاصمة الخرطوم للترويج للأفلام السينمائية في دور العرض المختلفة التي منحتها الثورة قبلة الحياة.
بعد انقطاع دام لسنوات طويلة، ظهرت مرة أخرى في شوارع العاصمة الخرطوم، إعلانات “أين تسهر هذا المساء”، للترويج للأفلام السينمائية في دور العرض المختلفة التي منحتها الثورة قبلة الحياة.
وبحسب ما نُشر في middle east online ينتظر السودانيون مشاهدة الفيلم الروائي “ستموت في العشرين”، الذي عُرض لأول مرة بالعالم العربي، في مهرجان “الجونة” السينمائي في سبتمبر/أيلول الماضي بالعاصمة المصرية القاهرة.
وفاز الفيلم، لمخرجه السوداني أمجد أبو العلاء بجائزة مهرجان البندقية، وجرى اقتباس فكرته من قصة “النوم عند قدمي الجبل” للكاتب الروائي السوداني حمور زيادة.
ويولد بطل الفيلم “مزمل”، في قرية سودانية تسيطر عليها أفكار صوفية، ويواجه نبوءة أنه سوف يموت عندما يكمل العشرين من عمره.
وفي 31 أكتوبر/تشرين أول الماضي جرى افتتاح أول دار عرض سينمائي بالخرطوم بعد تعطيلها لعقود.
وعُرض الفيلم المصري “أبلة طمطم”، في افتتاح دار العرض السينمائي، الملحقة بقاعة الصداقة، التي تعتبر من أبرز معالم الخرطوم.
ويتجه السودان بحسب تصريحات لمسؤولين إلى بناء مسارح جديدة وتفعيل دور السينما وتنشيط مراكز الشباب والرياضة.
وعلى مدى عقد خلا، كان السودانيون يدمنون ارتياد دور السينما، ويرون فيها متنفساً ومصدراً للثقافة والمعرفة قبل أن تغلق أبوابها تدريجياً وتتحول إلى أماكن موحشة يرتع فيها الظلام خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير (1989- 2019).
العاصمة الخرطوم، كانت تضم سينما النيل الأزرق وكلوزيوم والوطنية غرب والخرطوم جنوب والنيلين وبرمبل وأمدرمان والعرضة وبانت، والثورة والوطنية بحرى، والحلفايا والصافية والوحدة كوبر.
ودور السينما السودانية، كانت تتميز بعرض أفلام بعينها، مثل الأفلام الهندية أو المصرية، لكن سينما “النيل الأزرق”، كانت لا تعرض أفلاما هندية أوعربية، بل أميركية أو أوروبية.
كما كانت هناك زاوية ثابتة في كافة صحف الخرطوم اليومية لعرض برنامج الأفلام بعنوان “أين تسهر هذا المساء” يطالعها عشاق السينما وعلى ضوءه يتحدد برنامج المشاهدة المسائي.
وفي نهاية الستينيات، وبداية السبعينيات، كانت تنتظم أسابيع ومهرجانات لأفلام الدول المختلفة، مثل أسبوع الفيلم الروسي والفيلم الفرنسي والفيلم التونسي.
وفي العام 2012، انطلق بالعاصمة الخرطوم، مهرجان نظمته مجموعة “سودان فلم فاكتوري” والتي تضم نخبة من السينمائيين الشباب، وهدف بحسب رؤيتهم، إلى تطوير صناعة السينما في البلاد.
لكن حاليا بإلقاء نظرة سريعة على دور العرض السينمائية بالعاصمة الخرطوم أو المدن الأخرى، سيساورك الشك بأن مدن السودان كانت لديها ذات يوم أنشطة سينمائية كبيرة.
الفنان الدرامي والموسيقي، محمود ميسرة السراج، حمل حكومة “نظام الإنقاذ” في السودان (1989- 2019)، المسؤولية عن هدم كل ما هو جميل في البلاد، بعنوان ضخم هو “التوجه الحضاري”، وعناوين أخرى مثل “التأصيل”، و”أسلمة الفنون”.
وأوضح السراج، أن النتيجة المباشرة فيما يخص السينما، كانت تجفيف مؤسسة الدولة للسينما، وتخريب دور العرض، وبروز شركات إنتاج فنية خاصة لتحل محل المؤسسات الرسمية المسؤولة عن إنتاج السينما، ضمن خطة “نظام الإنقاذ” لتوفير فرص عمل، واستثمار وأرباح لعناصره والمقربين منه.
وأضاف “الآن جاء الغوث من خارج الحدود، من السينمائيين الذين ولدوا خارج السودان، أو الذين تربوا بالخارج أو الذين هربوا إلى الخارج”.
وتابع “لأن الفنان الحقيقي لا يستطيع الانفصال عن بيئته ومجتمعه، فقد بدأت بعد الثورة الهجرة العكسية إلى داخل الوطن، وبدأت للتو تظهر إشراقات هنا وهناك على أمل أن تتطور الأمور بفضل الدولة المدنية إلى ما يشبه الصناعة الحقيقية للسينما في السودان وبالتأكيد في كل مجالات الفنون الأخرى”.
عودة السينما
ويتفق معه الكاتب الصحفي والناقد الفني، موسى حامد، إذ يرى أن سياسة حكومة “نظام الإنقاذ” كانت طيلة الثلاثين عاما الماضية، تنتهج العداء الصارخ لجميع الفنون من غناء، وموسيقى، ومسرح، وللسينما على وجه الخصوص.
وأوضح حامد، أن واحدة من سياسة الحكومة السابقة التي شكلت ضربة قاضية للسينما هي محاربتها بالتجفيف والإلغاء وفصل السينمائيين.
ونوَّه إلى أن السينما السودانية؛ شهدت ما يشبه بالعودة المتدرجة، في السنوات العشر الأخيرة من عمر الإنقاذ، وذلك عبر مبادرات لسينمائيين قدامى، ممثلين في “نادي السينما السوداني”، أو عبر مجموعات شبابية، محبة للسينما مثل، “سودان فيلم فاكتوري”.
وأضاف “ما تشهده الخرطوم، وبعض المدن السودانية الكبيرة كالأبيض وعطبرة هو أحد مظاهر عودة السينما، وإن بشكل أقل ومتواضع، بالرغم من النجاحات الكبيرة التي تحققت، عبر الأفلام القصيرة، والوثائقية، وبعض الأفلام الروائية، التي لقيت اهتماما وتقييما في الداخل والخارج”.
تاريخ الشاشة الذهبية
ويؤرخ لبداية السينما في السودان بالعام 1910، حيث شهد تصوير أول فيلم تسجيلي للمخرج السويسري “دم دافيد” عن رحلة صيد قام بها وعرض في مدينة الأبيض في 1912، كأول مدينة تشهد عرضا سينمائيا في البلاد.
بدأت السينما بعد ذلك في الإزدهار خاصة بعد استقلال البلاد عن الاستعمار الإنكليزي في 1956، فافتتحت عشرات دور العرض لكنها كانت تقتصر على عرض أفلام مصرية وأوروبية وأميركية دون أفلام سودانية تذكر.
وشهد العام 1970 إنتاج أول فيلم سوداني روائي طويل، بعنوان “أحلام وآمال” للمخرج إبراهيم ملاسي لكن هذا النوع لم يصل إلى 10 أفلام على مدار 40 عاما.