سوليوود «الرياض»
قد تبدو مصادفة جميلة بأن يعرض الفيلم السعودي “ولد ملكاً” للمخرج الإسباني أجوستي فيلارونجا، في دبي، بالتزامن مع الاحتفالات باليوم الوطني السعودي، وذلك كما ورد في العين الإخبارية.
ويأتي الفيلم ليكمل مشهد الاحتفال بذكرى اليوم الوطني السعودي الـ87 عاماً، فيما يستعيد الفيلم رحلة الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى العاصمة البريطانية لندن، عام 1919، عندما كان في الـ13 من عمره، لتثمر الرحلة عن نتائج فاعلة على الأرض، ساهمت في تغيير تاريخ المملكة العربية السعودية، والمنطقة العربية أيضاً، التي كانت تمر آنذاك بظروف صعبة، عقب الحرب العالمية الأولى.
تلك الرحلة، لم تكن مثمرة فقط من حيث التأسيس لعلاقة متينة بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا، وإنما كشفت عن شخصية الملك فيصل وحنكته، وقدمته كخبير في الدبلوماسية قادر على إحداث التوازن في العلاقات، ولفت انتباه الجميع وكسب ودهم في الوقت نفسه، كما يتمثل ذلك في مشاهد كثيرة بالفيلم الذي استضافت دبي، الإثنين، عرضه الخاص في صالات فوكس سينما بمول الإمارات، بتنظيم من مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية.
“الفيلم يمنحنا الفرصة لأن نعبر عن ثقافتنا وأن نقدم أنفسنا أمام العالم”، بهذا الوصف بدأ الأمير سعود بن تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، حديثه، قائلاً: “أعتقد أننا وفقنا في اختيار شخصية الملك فيصل، لتقديمها في عمل سينمائي ضخم، وقد ساعدنا في ذلك توفر كم كبير من المعلومات عنه، ليس في المملكة فقط، وإنما في معظم الدول التي زرناها لإنجاز هذا العمل”.
وأضاف: “أعتقد أن الفيلم يشكل وثيقة جميلة جداً، تستعيد جانباً من مسيرة الملك فيصل، وتلقي الضوء على فترة قصيرة وهي رحلته إلى العاصمة لندن في 1919، وما أحدثه من نتائج أدت إلى تغيير الخريطة ومجرى التاريخ أيضاً”.
وتابع: “واجهتنا العديد من الصعوبات في إنجاز الفيلم، لعل أبرزها ما شهده السيناريو الذي كتبه بدر السماوي، من تغييرات كثيرة، كان الهدف منها تقديم مادة حية عن الملك فيصل، والحرص على تقديم فيلم سينمائي وليس مادة دعائية، بحيث يمكن للفيلم أن يكون مصدراً للمعلومة الصحيحة التي يمكن الاستناد إليها”.
وأكد الأمير سعود بن تركي الفيصل أن الفيلم سيشكل نواة لأفلام أخرى.
وقال: “أتمنى في المستقبل أن نتمكن من تقديم أعمال سينمائية تحكي تاريخ مجموعة من الشخصيات المؤثرة في التاريخ العربي والإسلامي، كما أتمنى أيضاً أن تكون هذه فرصة جيدة للسينما السعودية لأن تثبت مكانتها على الأرض”.
بلغت تكلفة إنتاج الفيلم نحو 20 مليون دولار، وستبدأ عروضه في دور العرض المحلية والسعودية، الخميس، وفق ما أكده المنتج الإسباني أندريس جوميز.
وقال “جوميز”: العمل احتاج إلى مجهود كبير، واستغرق نحو 3 سنوات من التحضير، ولم يكن بالإمكان أن نجمع سيرة الملك فيصل بأكملها في إطار هذا الفيلم، ولذلك آثرنا التركيز فقط على رحلته إلى لندن، والتي أسست لاكتشاف شخصية الملك فيصل، فضلاً عن كونها مثلت الحدث الأهم في بداية حياته، والذي أدى إلى إحداث التغيير على أرض الواقع”.
وتابع: “عندما بدأنا العمل في المشروع لم نكن نعلم أن السينما ستكون متاحة في السعودية، وأعتقد أن تغير هذا الواقع بلا شك يصب في مصلحة الفيلم، بأن يجد فرصته في العرض داخل المملكة، بحيث تتعرف الأجيال الحالية على إنجازات الملك فيصل”.
تركيز الفيلم على فترة معينة من مسيرة الملك فيصل، كان له أثر إيجابي، بأن قدم عملاً ثرياً بالمعلومات والتفاصيل المتعلقة بالزيارة التي مثلت الرحلة الأولى للملك فيصل إلى خارج البلاد.
استطاع المخرج أن يتعامل مع الحكاية بذكاء لافت، وفضل أن يروي جانبا من الأحداث بطريقة “فلاش باك”، مستعيناً بذاكرة الملك فيصل (الطفل)، خلال مقاومته المرض الذي أصيب به، أثناء وجوده على متن السفينة التي أقلته إلى لندن، وهو ما قدم صورة متكاملة عن مولده وعلاقته بوالده وإخوته، وكيف اشتد عوده، ورغبته في أن يكون محارباً شجاعاً ليقف إلى جانب والده في حماية منطقته.
ولكن يبدو أن القدر قد ساق إليه تلك الرحلة، ليتحول إلى سفير سلام، قادر على المفاوضات وتحقيق نتائج فاعلة تصب في مصلحة بلاده.
ورغم أن الجانب الأكبر من الفيلم يدور في لندن، إلا أن المخرج لم يغفل الاستناد إلى مجموعة من صور الأبيض والأسود التي مثلت هي الأخرى دليلاً قوياً على صدق الرواية.