سوليوود «خاص»
تظل حكايات “ألف ليلة وليلة” مصدر إلهام لكل صناع السينما والدراما بما تذخر به من حكايات وأساطير وفنتازيا مشوقة حتى قبل اكتشاف الكثير من الاختراعات. فقد جذبت حكايات الخيال ما قبل العلمي الصناع لعرضها على الشاشة الكبيرة باعتبار السينما هي الوريث الأول لعالم الحكي والسرد والسير المختلفة وجميع الفنون الشعبية القديمة.
ويعدُّ فيلم “علاء الدين” أو “Aladdin” طبقًا للترجمة الإنجليزية هو النسخة الأحدث من تلك الحكايات التي تتداولها السينما لأكثر من قرن من الزمان، ولكنه لم يكن الأول. وسنتعرف هنا على أهم محطات تلك الحكايات، وكيف صاغها رواد السينما الأوائل.
١- فيلم “الموت المتعب” أو “المصير”
هو أول فيلم يصنع عن “ألف ليلة” للمخرج الألماني الكبير “فريتز لانج”، واسم الفيلم “الموت المتعب”، وفقًا لاسمه الأصلي بالألمانية، أو “المصير”، وفقًا لترجمته الإنجليزية بعد طبع نسخة حديثة منه على dvd، حيث اعتمد المخرج على المؤثرات الخاصة واللعب بالظلال وزوايا الكاميرا الغريبة.
تدور قصة الفيلم حول امرأة تمنح ثلاث فرص لإنقاذ حياة الشاب الذي تحبه، وكل فرصة تحتوي على قصة في زمن ومكان مختلفين. القصة الأولى منها تدور في إيران، وهي مقتبسة من بعض مغامرات ألف ليلة، بينما الثانية تدور في أوروبا عصر النهضة، والثالثة في الصين.
٢- فيلم “مغامرات الأمير أحمد” عام ١٩٢٦
هو ثاني أفلام “ألف ليلة” عرض عام 1926، وهو ألماني أيضًا، ويعدُّ أقدم فيلم تحريك طويل في تاريخ السينما، وهو من إخراج فنانة التحريك “لوته راينيجر”، وقد فقدت نسخ الفيلم منذ زمن طويل، ولكن تمَّ العثور أخيرًا على نسخة “بوزيتيف” فتمَّ ترميمها وطبع نسخة “نيجاتيف” منها، وتمَّ إصدار نسخة (دي في دي) منه، وكانت حدثًا هامًا في ألمانيا منذ عدة سنوات.
يعتمد الفيلم على تقنية خيال الظل الشرقية، أو “السيلويت”، كما أنه يحتوي على بعض المشاهد الملونة باليد.
وتدور قصة الفيلم حول الأميرة “دينارزاده” التي تقرر الهرب من الساحر الشرير الذي يتقدم للزواج بها، فتلجأ مع أخيها الأمير أحمد إلى البلاط الصيني. وهناك يقع الأمير أحمد في حب صينية جميلة، لكن الإمبراطور الصيني يود الزواج بها. ويهرب أحمد وشقيقته والصينية عائدين في الوقت الذي يتصدى فيه علاء الدين، الواقع في حب الأميرة شقيقة أحمد، للساحر الشرير ويقضي عليه. وحين يعود الأمير إلى بغداد يكتشف أن المغول استولوا على الحكم فيقود حملة لإنقاذ الخليفة وينتصر عليهم.
٣- فيلم “لص بغداد” عام ١٩٢٦
انتقلت الصناعة إلى هوليوود التي نهلت من ” ألف ليلة وليلة” أيضًا، فصنعت فيلمها الأول عن الكتاب بعنوان “لص بغداد” عام ١٩٢٦م، من إخراج “راؤول وولش”، وبطولة نجم الحركة والأكروبات “دوجلاس فيربانكس”.
ويرجع الفضل لهذا الفيلم في وضع الصورة النمطية التي أصبحت عليها معظم أفلام “ألف ليلة” اللاحقة، مثل الجن الضخم الأصلع ذي الحواجب الغليظة الذي يخرج من المصباح، والسجادة السحرية الطائرة والمطاردات في الأسواق وعلى أسطح البيوت… إلى آخره.
٤_ فيلم “لص بغداد” في بريطانيا
جاءت النسخة البريطانية للفيلم هذه المرة بالألوان، شارك في إخراجها خمسة مخرجين، منهم المخرج الكبير “مايكل باول”، وتحت إشراف المنتج والمخرج “ألكسندر كوردا”، وهو واحد من أفضل الأفلام التي صنعت عن “ألف ليلة” من ناحية التقنيات المبهرة والمبهجة والطابع الترفيهي الشعبي للمغامرات. وقد تصدرت أفيش الفيلم عبارة “تقنيات التلوين العملاقة” وتحتها صورة الجن العملاق يحمل علاء الدين على كفه.
٥- أفلام “مغامرات البحار بوباي”
انتقلت هوليوود هنا لصنع الأفلام للأطفال من قصص “ألف ليلة”، فمع أواخر الثلاثينيات قامت شركة “بارامونت” بتمويل صنع ثلاثة أفلام تحريك ملونة قصيرة من مغامرات البحار بوباي، وهي “البحار بوباي يلتقي البحار سندباد”، و”البحار بوباي يلتقي علي بابا والأربعين حرامي”، و”علاء الدين والمصباح السحري”.
٦_ فيلم ” الليالي العربية” عام ١٩٤٢
مع نجاح “لص
بغداد” البريطاني وأفلام “بوباي” قررت هوليوود الدخول بقوةٍ على
“ألف ليلة” فأنتجت فيلم “الليالي العربية” – الاسم الذي تعرف
به في الغرب منذ ظهور أول ترجمة لبعض قصص الكتاب بالإنجليزية.
والفيلم من إخراج “جون
رولينز” عام 1942 الذي طور التقنيات التي ظهرت في “لص بغداد”، كما
استعان بالممثل الكوميدي صغير الحجم “سابو” الذي ظهر في الفيلم
البريطاني، وشاركه البطولة “جون هول” في دور هارون الرشيد (خلف شهريار)،
والممثلة الدومينيكية “ماريا مونتيز” التي شهدت نجومية سريعة في دور
شهرزاد.
في ذلك الفيلم نجد هارون الرشيد ضحية مؤامرة أخيه لقلب نظام حكمه، مما يجعله لاجئًا مع جماعة من الممثلين والمهرجين قبل أن يعود إلى سدة الحكم بفضل أعوانه المخلصين.
تظهر شهرزاد لأول مرة في السينما، ولكنها تختلف عن شهرزاد الكتاب، فهي ليست زوجة شهريار راوية القصص، ولكنها راقصة تحاول الإطاحة بالسلطان هارون الرشيد والزواج بأخيه، وعندما تفشل محاولتها يتم بيعها كجارية.
٧_ فيلم “علي بابا والأربعين حرامي” عام ١٩٤٤
شجعت النجاحات المتتالية لقصص “ألف ليلة”، هوليوود على إنتاج المزيد، أولها “علي بابا والأربعين حرامي” 1944 الذي شارك في بطولته “ماريا مونتيز” و”جون هال” بطلا فيلم “الليالي العربية”.
٨- فيلم “السيف الذهبي.. هارون الرشيد”
الفيلم لعب بطولته “روك هدسون”، ويضم أيضًا القصة التقليدية للملك الطيب هارون الرشيد، ووزيره الشرير جعفر البرمكي، والفارس الذي يحرر البلاد من قبضة الوزير الشرير ويفوز بقلب الأميرة الجميلة، وهي القصة التي تمّت إعادتها في فيلم التحريك الشهير “علاء الدين” عام 1992، الذي يعدُّ أنجح فيلم صنع عن “ألف ليلة” على الإطلاق، وقد أعقبه سلسلة أخرى من أفلام التحريك الموجهة للأطفال بالأساس.
٩- أفلام “رحلات السندباد السبعة” عام ١٩٥٨
يعدُّ هذا الفيلم من أشهر أفلام هوليوود التي صنعت عن “ألف ليلة” عام 1958، وقام بصنع المؤثرات الخاصة فيه رائد التحريك “راي هاريهاوزن”، الذي شارك بعد ذلك في صنع فيلمين آخرين عن “ألف ليلة”، هما “رحلة السندباد الذهبية” عام 1974 و”السندباد وعين النمر” عام 1977.
١٠- فيلم “السيد ماجو” عام ١٩٥٩
تمَّ إنتاج فيلم التحريك “السيد ماجو” عام 1959، وكان في البداية مسرحية نالت العديد من الجوائز. ويرتكز العمل على قصة علاء الدين الكلاسيكية، والفيلم من إخراج “جون هوبلي”، مبتكر الرسوم المتحركة.
١١- فيلم “زهرة ألف ليلة وليلة” عام ١٩٧٤
“زهرة ألف ليلة وليلة” الإيطالي للمخرج “بيير باولو بازوليني”، المحتوى الجنسي الصريح لـ”ألف ليلة”، لم يظهر في السينما إلا في فيلم “زهرة ألف ليلة وليلة” الذي كتبه وأخرجه “بازوليني” عام 1974 وهو فيلم جريء وغريب لا يجرؤ أحد على صنع مثله الآن، وقد صنعه “بازوليني” كجزء ثالث وأخير من ثلاثيته التي أطلق عليها “ثلاثية الحياة”، والتي سعى من خلالها إلى “أفلمة” ثلاثة من أشهر الكتب الشعبية الخيالية، وهي “الديكاميرون” الإيطالية، و”حكايات كانتربري” الإنجليزية، و”ليالي ألف ليلة” العربية.
يحافظ “بازوليني” على الطابع السردي “الفوضوي” و”السيريالي” للكتاب الأصلي، فيدخل بنا من حكاية لحكاية، ومن الحكاية الثانية لحكاية ثالثة.. وهكذا، في سلسلة شبه لانهائية من القصص التي تعبر عن مدى الغنى والعنف والرومانسية وكل التناقضات التي تمتلئ بها الحياة.
١٢- ” ألف ليلة” في السينما البوليوودية
تعدُّ السينما الهندية “البوليوودية” أكثر السينمات اقتباسًا لقصص “ألف ليلة” في عشرات الأفلام، رغم أن معظمها متأثر بقوةٍ بالأفلام الهوليوودية، سواء في القصص المختارة – علاء الدين والمصباح والسندباد ولص بغداد…- أو على مستوى الصورة والمؤثرات، وتحمل العديد من الأفلام أسماء أبطال القصص الأسطورية، وخاصة علاء الدين.
١٣- فيلم ” علاء الدين ومصباحه السحري”
كان هذا الفيلم بداية كشف القصص والأساطير العربية في روسيا، وعرض بمعالجة رائعة وتقنيات عالية الجودة في هذا التوقيت، وتعود أحداثه للقصة العربية الشهيرة “ألف ليلة وليلة”. ويعدُّ الفيلم واحدة من الحكايات الأكثر شهرة في عالم الفيلم السوفييتي، وأبطال العمل اكتسبوا شهرة واسعة ومارسوا العديد من الأدوار المشابهة في أفلام مختلفة.
١٤- فيلما “علاء الدين” و”١٠٠١ وليلة” في فرنسا
وفي فرنسا صنعت عدة أفلام، منها “علاء الدين والمصباح”، و”1001 ليلة” الذي أنتج عام 1990 ولعبت فيه الممثلة الناشئة في ذلك الوقت “كاثرين زيتا جونز” دور شهرزاد في أول أدوارها.
١٥- فيلم ” ليالي عربية” عام ٢٠١٥
جاءت النسخة الجديدة من فيلم “ليالي عربية” بتوقيع المخرج البرتغالي “ميغويل غوميز”، لكنه استوحى في فيلمه فكرة سرد حكايات “ألف ليلة”، وتجنب اقتباس الأحداث، فقد تبنى وجود امرأة تحكي حكاية كل ليلة للبقاء على قيد الحياة.
الفيلم مؤلف من 383 دقيقة (ست ساعات طويلة و38 دقيقة)، وطور ثماني حكايات من تأليفه ووضعها في ثلاثة أفلام – أجزاء، تحت عناوين منفصلة لكل جزء: “غير المستقر” و”البائس” و”الفاتن”، كما أن الحكايات التي في داخل هذه الأجزاء تحمل عناوين مختلفة أيضًا، من بينها “سباحة الرائعين”، و”مالكو ديكسي”، و”الرجال المثارون دائمًا” وتتعامل، غالبًا، مع قضايا اجتماعية واقتصادية غربية.
١٦- فيلم ” علاء الدين” أو “Aladdin” عام ٢٠١٩
تمَّ إطلاق علاء الدين في الولايات المتحدة في مايو ٢٠١٩، مأخوذًا عن فيلم التحريك الذي تمَّ إنتاجه عام ١٩٩٢، وهو فيلم رومانسي خيالي موسيقي أمريكي، وصوّر في الأردن، وهو من إخراج “جاي” وبطولة “مينا مسعود”، و”نعومي سكوت”، و”ويل سميث”، و”مروان كيزاري”.
تلقى الفيلم مراجعات نقدية مختلفة بسبب التغييرات التي أجريت على الفيلم الأصلي، فأشاد النقاد بأداء “مسعود” و”سميث” و”سكوت” والأزياء والموسيقى، لكنهم انتقدوا إخراج “ريتشي” وآثار الصور المنشأة بالكمبيوتر، بالإضافة إلى التغييرات التي طالت شخصية جعفر. في المقابل، تلقى الفيلم استقبالًا إيجابيًا من المشاهدين الذين استطلعت آراؤهم من قبل CinemaScore وPostTrak.