سوليوود «خاص»
مؤخرا استطعت أن أحظى بفرصة لمشاهدة فيلم جيد، أعنى هنا تحديدا فيلم علاء الدين، وأن يأتي هذا الأمر متأخرا خير من ألا يأتي أبدا، فيلم مغامرة وفانتازيا، خَلطة سحرية جمعت في طياتها كثير من العناصر الفنية المُبهرة، ما بين قصة خيالية مشرقية بامتياز وموسيقى خلابة تبزغ من ثناياها الفرحة، فضلًا عن ديكورات وألوان مُبهجة تملأ الأرجاء بمعنى الحياة.
لم يستطع فيلما آخر منذ مدة كبيرة أن يستلب قلبي هكذا وأن يضعني دون تكلف في تلك الحالة المُفرطة من الأنس والإعجاب، إبهار بصري، عروض راقصة، وأداء تمثيلي متناسق؛ يستند على إنتاج ضخم عودتنا على مثله ولت ديزني، مزج هائل أمسك خيوطه ورتب فصوله المخرج البريطاني غاي ريتشي، والذي في رأيي لم يتكلف كثيرًا من العناء كون العمل وثقله الحقيقي مركزًا أكثر في الجانب البصري وليس القصصي أو الأدائي.
في الفيلم تُبشرك أغنية البدء أن ثمة أيام وليال عربية ساحرة في انتظارك، علاء الدين متشرد لطيف رفقة قرده “آبو”، يمثلان معاً ذلك السارق النبيل، يتسكعان في سوق مدينة “أغربة” بحثا عن ما يسد الرمق، يجتهدان بالحيلة ليسرقا معا بعض الطعام، ينجحان في ذلك بعد مطاردات وهروب حركي آسر، لكن لا مشكلة أبدًا -بعد كل هذا- أن يعطي علاء الدين كامل سرقته لأحد الأطفال الأكثر عوزا.
في حين يعيش علاء الدين تلك الحالة المزرية من العيش، يتحرك القدر موفراً له فرصة إنقاذ فتاة من بطش أحد التجار، تتولد مشاعر الإعجاب بينهما، ليتبين لاحقا أنها الأميرة جاسمين الابنة الوحيدة لملك “أغربة” والتي كانت تحاول متخفية أن تعيش تجربة الامتزاج بالعامة.
تتابع مجريات القصة كما هو معهود لها في الثقافة الشعبية لكن مع بعض التطوير فيما يتعلق بالنص ومسارات الأحداث، وكذا استحداث بعض الشخصيات. حيث عثور علاء الدين على المصباح السحري، وسعيه الحثيث باتجاه نيل إعجاب الأميرة عبر تضخيم شأنه وظهوره في صورة جديدة هي الأمير علي حاكم مدينة خيالية تعرف بـ”أبابوا”. لتتابع من بعد ذلك الأحداث في مسارات تقليدية، تُدلّل على قيمة الروح في مقابلة المظهر، والخير في مقابلة الشر.
يتميز الفيلم عما سبقه من أعمال مُستلهمة من نفس قصتة؛ في الروح الزاهية التي تسري في أوصاله، والتوظيف المثمر للتقنية والجرافيك، فضلا عن تركيبة الأزياء والديكورات الفريدة المتناسقة، التي تبعث في نفس كل من يشاهدها شعورا إيجابيا حول الحياة.
نجحت ديزني في الخروج بالفيلم من دائرة الأعمال التقليدية التي يظهر فيها الأميركي مُجسدا لكل الأدوار، فسبحت عكس التيار مُستعينة لهذا العمل بأبطال من نفس البيئة التي تدور فيها أحداث القصة، حيث الكندي المصري الأصل “مينا مسعود” في دور علاء الدين والهندية “نعومي سكوت” في دور الأميرة جاسمين، والتونسي الأصل
مروان كنزاري في دور الوزير الشرير جعفر، فيما توجت ديزني العمل باسم كبير نعني هنا بالقطع ويل سميث الذي قام بدور الجني.
الفيلم لم يتوقف عند إبهاري من الناحية البصرية والفنية فحسب، بل منحني فرصة للتساؤل والغيرة المشروعة على تراثنا المشرقي الثري، والذي قدره الغرب أشد التقدير فحصدوا به نجاحات كبيرة في عالم السينما على المستوى المعنوي والمادي كذلك، يكفي أن نعلم أن هذا الفيلم حصد منذ عرضه في الثالث والعشرين من مايو لهذا العام نحو أكثر من مليار دولار أميركي.