رياضي ثقافي اجتماعي

عبدالله بن بخيت

أعادت وزارة الثقافة سينما الحوش في جدة بعد تعطلها أربعين سنة، لا أعلم أي شيء عن هذه السينما، هذه المرة الأولى التي أسمع عنها، أهل جدة أدرى بأهميتها. من الواضح أن هذا المشروع الإحيائي له دلالاته الثقافية والتاريخية، كأني أرى أن سينما الحوش مرتبطة عاطفياً بسكان جدة في تلك الفترة. المشروع يعيدنا إلى أيام قديمة أخرى وفي كل مكان من بلادنا، في الرياض في الطائف وفي كثير من مدن المملكة التي غابت عنها أرقى أنواع المتع الحلال، رمزية سينما الحوش تتعدى السينما إلى أشياء كثيرة، بيد أن السينما لها تاريخ جميل مع أجيال الستينات والسبعينات.
للتمتع بالسينما في الرياض في السبعينات ثمة سبل عدة، لم توجد صالات سينما رسمية فقرر الواقع خلق البديل، كانت الأسر والشلل يستأجرون الأفلام من مركز السينما الشهير بالمربع، مجموعة من الغرف والدكاكين البدائية يعرض فيها تجار السينما بضائعهم، تشاهد عند مداخل هذه الدكاكين البوسترات لأحدث الأفلام المصرية وقليل من الأفلام الأجنبية. نادية لطفي وعبدالحليم حافظ وسعاد حسني وتحية كاريوكا، ملصقات بطول الأبواب على الأبواب، كانت الرياض تشاهد الأفلام المصرية قبل المصريين، في الوقت الذي ينتظر فيه منتج الفيلم في مصر فرصته للعرض في صالات السينما يكون أهل الرياض شاهدوا فيلمه وملوا من مشاهدته.
غياب صالات السينما التجارية المرخصة هيأ الفرصة للنوادي الرياضية آنذاك أن تبادر وتستغل الفراغ لتحقيق الأرباح، عندما تمر أمام بوابة أي نادٍ رياضي سعودي ستلاحظ أن شعاره “رياضي ثقافي اجتماعي”، تحت مفهوم ثقافي استطاعت النوادي أن تحول مساحاتها الخارجية “الحوش” إلى صالات سينما، لم يكن رواد السينما آنذاك متطلبين، لا بأس أن يجلس المشاهد على الأرض متراصاً مع جاره في انتظار أن يسقط في حضنه عقب سيجارة لكن متعة الفيلم تستحق هذه التضحية.
طالما أن لوحات النوادي مازالت تحمل تلك الشعارات “رياضي ثقافي اجتماعي” فمن حقها أن تعود مرة أخرى إلى المتاجرة بالسينما، سبق أن طرحت هذه الفكرة، عائد السينما والنشاطات الأخرى كالمسرح والسيركات والحفلات الغنائية سوف يحقق للنوادي دخولاً تبعدها عن الارتهان لميزانية الدولة.
هذا أيضاً سوف يساعد على طرح النوادي للاكتتاب العام، تصبح في النهاية كيانات مستقلة تترسخ فيها قيم الاحتراف الحقيقي، وحتى إذا لم تعط حق الاحتكار فعلى الأقل يحق لها أن تدخل في منافسة فتح صالات السينما، حانت الفرصة اليوم أن تكون عند كلمتها، أن تعود إلى تطبيق شعاراتها التي حملتها منذ الولادة “رياضي ثقافي اجتماعي”.

المصدر: صحيفة الرياض