«السيناريو البصري».. تحويل النص المكتوب إلى صورة متخيلة
سوليوود «خاص»
يُعدّ «السيناريو البصري» أحد المفاهيم الأساسية في عالم صناعة الأفلام، وهو المرحلة التي تُترجم فيها الرؤية الإخراجية من النص المكتوب إلى صورة متخيلة، قابلة للتنفيذ على الشاشة. يختلف هذا النوع من السيناريو عن السيناريو الأدبي التقليدي، إذ يركز على وصف المشاهد من الناحية البصرية والسمعية، متجاهلًا الوصف الأدبي المطوّل لصالح رسم دقيق لحركة الكاميرا، والإضاءة، والمونتاج البصري.
في السيناريو البصري، لا يكون التركيز على الحوار أو العواطف بقدر ما هو على كيفية تجسيد الفكرة بصريًا، فهو الأداة التي يتخاطب من خلالها المخرج مع طاقم العمل، لتحديد زوايا التصوير، وحركات الشخصيات، وكذلك الإيقاع العام للمَشهد، ما يجعله أقرب إلى خريطة بصرية للفيلم بصورة عامة.
تطوّر المفهوم
برز مفهوم السيناريو البصري بشكل واضح في مدارس السينما الحديثة، خاصة مع تطور اللغة البصرية في الأفلام الصامتة، ثم ازدهر في أعمال المخرجين الذين أولوا الصورة اهتمامًا خاصًا، مثل ألفريد هيتشكوك، وأندريه تاركوفسكي، وستيفن سبيلبرغ، وصولًا إلى صُنّاع الموجة الجديدة الفرنسية. وفي عصر الرقمنة، أصبح للسيناريو البصري حضورٌ بارز في مراحل ما قبل الإنتاج، حيث يُستخدم في تصميم «الستوري بورد» والمخططات الفنية، مما يسمح للمخرج بتجربة اللقطة قبل تصويرها، وتقليل المفاجآت أثناء التنفيذ.
اللغة البصرية في قلب الفيلم
يعتمد السيناريو البصري على أدوات مثل التكوين البصري، اللون، الحركة، والصمت، ليخلق عوالم تحاكي الأحاسيس دون الحاجة إلى كلمات. في هذا السياق، يُصبح الصمت وسيلة تعبيرية، والإضاءة ناطقة، وحركة الكاميرا عنصرًا سرديًا.
وغالبًا ما يُستخدم السيناريو البصري في الأفلام التي تعتمد على الحد الأدنى من الحوار، أو تلك التي تنتمي إلى النوع البصري البحت، مثل أفلام الخيال العلمي، أو أفلام الإثارة النفسية، أو حتى السينما التأملية.
أمثلة بارزة لأفلام اعتمدت السيناريو البصري
«2001: A Space Odyssey»
اعتمد مخرج العمل على الصورة والموسيقى أكثر من الحوار، لتقديم رؤية فلسفية عن تطوّر الإنسان، من خلال فيلم الخيال العلمي والمغامرة الحائز على عدة جوائز مهمة منها جائزة الأوسكار لأفضل تأثيرات بصرية عام 1969.
الفيلم الصادر عام 1968، من بطولة: كير دوليا، وغاري لوكوود؛ ومن إخراج: ستانلي كوبريك.
«The Revenant»
يروي الفيلم صراع البقاء عبر صور بديعة للطبيعة القاسية، بحوارات شحيحة وأداء جسدي مكثف، خلال حبكة العمل المستوحاة من حياة صياد الفراء ساكن الحدود هيو غلاس، والنص من كتابة مارك إل سميث وإيناريتو، ومقتبس جزئيًا من رواية بنفس الاسم لمايكل بنك.
الفيلم الصادر عام 2015، من بطولة: ليوناردو دي كابريو، وتوم هاردي؛ ومن إخراج: أليخاندرو غونزاليز إيناريتو.
«Gravity»
قصة رائدة فضاء تناضل للبقاء، حيث اللغة البصرية والإيقاع المونتاجي يشكلان العمود الفقري للسرد.
الفيلم الصادر عام 2013، من بطولة: ساندرا بولوك، وجورج كلوني؛ ومن إخراج: ألفونسو كوارون.
«Drive»
يتميّز الفيلم بإيقاعه البصري الهادئ والرمزي، مع اعتماد كبير على التكوين والموسيقى بدلاً من الحوار.
الفيلم الصادر عام 2011، من بطولة: رايان غوسلينغ، وكاري موليجان؛ ومن إخراج: نيكولاس ويندينغ رفن.
«There Will Be Blood»
فيلم يُقدّم بناء الشخصية والنزاع الداخلي من خلال لقطات طويلة، صمت ثقيل، وتصوير درامي للبيئة.
الفيلم الصادر عام 2007، من بطولة: دانيال داي لويس، وبول دانو؛ ومن إخراج: بول توماس أندرسون.


