شباب البومب.. أهم نقاط تحول السينما الجديدة
عبدالله آل هيازع
لم يكن النجاح المستمر لشباب البومب محض صدفة، فالعمل، منذ انطلاقته عام 2012، مر بظروف صعبة، حيث ضم أسماء شابة وغير معروفة، بمن فيهم العيسى، وعرض لأول مرة على القناة الرياضية السعودية، وهي منصة لم يكن أحد يتخيل يومًا أن يشاهد عليها عملًا تلفزيونيًا.
كل المؤشرات في البداية كانت ترجح فشل العمل، لكنه خالف التوقعات وحقق نجاحًا غير مسبوق، ليستمر في التقدم عامًا بعد عام، حاصدًا أوقات عرض مميزة، وساهم في دفع مسيرة العديد من الممثلين الذين أصبحوا نجومًا بعد مشاركتهم فيه. ولم يقتصر نجاحه على التلفاز فقط، بل أثبت حضوره في كل الوسائط المرئية التي عرض فيها، وحتى عندما انتقل إلى المسرح، حقق نجاحًا كبيرًا، ما جعله علامة فارقة يصعب تفسيرها بسهولة.
لقد تحول هذا العمل التلفزيوني البسيط إلى علامة براقة وجذابة للجميع، وتخطى أي عمل آخر قبله زمنيًا. وفي رأيي، يمكن إرجاع هذا النجاح الملفت إلى عدة عوامل، أبرزها واقعية العمل وقرب صناعه من الجمهور، الذي يريد رؤية ما يشغله في حياته العادية الآن، على الشاشات، بدلا من أعمال تتناول حقبًا ماضية أو قصصًا لم يرتبط بها. فالجمهور يريد شيئًا قريبًا منه، والعيسى يدرك ذلك جيدًا، فترى العيسى يحضر مباريات كرة القدم ويتفاعل مع المشجعين في المدرجات، لا من المنصات، كما أن حساباته نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى، ظهوره في لقاء مباشر على قناة روتانا خليجية ليلة العيد، قبل عرض الفيلم، وأظهر مدى عفويته وقربه من الجمهور، حين ظهر يحمل ثلاجة قهوة سعودية، ويصب لنفسه منها ويشرب بكل أريحية، ثم يتصل بوالده على الهواء في لحظة حميمية تعكس طبيعة العلاقات الأسرية. هذا القرب من واقع المجتمع هو ما يجعل شباب البومب حاضرًا بقوة، حتى وإن لم يتقبله بعض الفئات، فإنه يظل الأقرب للثقافة المحلية والأكثر ملامسة لها ومعرفة بما يشغل الناس حاليًا.
يحاول العمل أن يقدم قصصًا متنوعة بشخصياتها ومواقفها لجذب مختلف الشرائح، وهو ما انعكس في الفيلم أيضًا، حيث جمع فئات متعددة داخل فضاء مدينة عملاقة مثل الرياض. هذا التنوع كان مثيرًا، وحتى إن تمت معالجته بأسلوب سطحي أو ساذج، فإنه كان الأقرب للمجتمع من بقية صناع السينما المحليين، الذين ينشغلون بهواجس لا تمت بصلة إلى اهتمامات الجمهور، بينما يجد المشاهد ما يبحث عنه في شباب البومب. ورغم بساطة هذا العامل، إلا أنه كان الوحيد الذي جعل العمل يستمر كل هذه السنوات، محققًا ما لم يحققه غيره، باستثناء تجربة طاش ما طاش، التي كان نجاحها يعتمد على السبب ذاته.
ختامًا
ليس من الممكن أن يكون شباب البومب عملًا غنيًا بكل هذه التركيبة المعقدة، التي ستكون حتمًا مرجعًا في المستقبل لشكل المجتمع الآن، كما نفعل نحن مع طاش ما طاش حاليًا، دون أن يلتفت له المجتمع النقدي ويتعامل معه كظاهرة تستحق الدراسة.
يجب أن تفهم سياقات العمل التاريخية والمجتمعية، أو حتى ينظر إلى إنتاجاته ويتم الحديث عنها بطريقة تجعل العجلة تكتمل، فلا يوجد عمل ناجح إلا وكان النقد والنقاد جزءًا مهمًا منه.
إن النظرة المتعالية التي يتسم بها المجتمع النقدي تجاه العمل، هي نظرة مضرة ولا يستفيد منها أحد. فالضرورة تقتضي وجود تعاطي نقدي معه ، خاصة أنه بدأ يشكل موسمًا جديدًا للأفلام المحلية في صالات السينما.