فيلم المخرج الكوري في «هوليوود»
سلطان فادن
بعد رائعته السينمائية فيلم «Parasite»، يضع المخرج الكوري «بونغ جوون هوو» قدمه في هوليوود، وهو الذي يحمل سجل أفلام كورية مميزة مثل «Memories of a Murder».
جوون هوو تم تسميته واحدًا من أفضل 25 مخرجًا في العالم، ويتميز عمل «هوو» بالتركيز على الموضوعات الاجتماعية والطبقية، وخلط الأنواع الفيلمية، والكوميديا السوداء، والتحولات المفاجئة في النغمة أو الأجواء العامة للفيلم. وفيلم باراسايت أوضح دليل على أسلوبه.
فيلم «Mickey 17» إنتاج عام 2025، هو من نوعية الخيال العلمي والكوميديا السوداء، ومن بطولة روبرت باتينسون. وبالطبع كتابة وإنتاج وإخراج بونغ جوون هوو. وهي فرصة جيدة له كأول أعماله في هوليوود، مع الأخذ في الاعتبار ميزانية الفيلم «118 مليون دولار»، بالإضافة إلى الحاجة إلى الاستغلال الأمثل لإمكانيات وكفاءات هوليوود لمثل هذه النوعية من الأفلام.
وتدور القصة في المستقبل القريب «2054»، حول استعمار كوكب مشابه للأرض، من خلال شخصية عامل ضمن العمال يتم استنساخه لتصبح نسخه “قابلة للاستهلاك” أو سهلة الاستغناء عنها.
الفيلم خيال علمي طويل «وإن كان مملًا أحيانًا» لكنه مسلٍّ للغاية، ونقد لحاضرنا الذي ينزع الإنسانية عنا.
يقدم هوو فرضية خيال علمي تتساءل عن الرأسمالية والهجرة بقدر معين من التظاهر، ولكن بشكل عام، فإن حبكته مجزأة بشكل مفرط، والقوة بين العديد من الشخصيات الفوضوية غير واضحة تقريبًا.
شخصية كينيث مارشال، قائد سفينة الفضاء والسياسي الذي لعب دوره الممثل مارك روفالو، تم تصويره على أنه صورة كاريكاتورية للزعماء الاستبداديين. أوضح بعدها المخرج هوو أن شخصية مارشال لا تستند إلى أي فرد محدد، ولكنها «مزيج من العديد من السياسيين المختلفين»، و«الدكتاتوريين الذين رأيناهم عبر التاريخ».
يُعدّ فيلم ميكي 17 إضافةً مميزةً إلى مسيرة بونغ جوون هوو السينمائية، إذ يجمع بين عناصر الخيال العلمي والسخرية والدراما ليقدم تجربة سينمائية مُلهمة. بفضل أدائه القوي وتعليقه الثاقب، يدعو الفيلم الجمهور إلى التأمل في تعقيدات الهوية والأبعاد الأخلاقية للتقدم التكنولوجي.
ينتقل إيقاع الفيلم ونبرته بسلاسة بين الفكاهة والدراما، محافظًا على تفاعل الجمهور طوال الوقت.
يُعزز عمل المصور السينمائي داريوس خوندجي التجربة الغامرة للفيلم، ملتقطًا المشاهد الغريبة والرحلات العاطفية للشخصيات.
ويمكن اعتبار أن سخرية الفيلم «هشة للغاية»، لكن «هوو» هو أحد المخرجين القلائل الذين يمكنهم العمل على هذا النطاق، مع تصميم إنتاج متقن، وتأثيرات بصرية معقدة، والاحتفاظ بتوقيعه الفني.
إن تم التعامل مع الفيلم كمتمم لفيلم باراسايت، فهو مخيب للآمال. لكن هوو قادر على الخروج تدريجيًا من «تُخمة» باراسايت، مع الأعمال القادمة.
يرى البعض أنه لو كان التركيز أكثر على موضوع الاستنساخ والشبه عبودية للعمال، لكان أفضل. لكن ذلك سيكون مكررًا، تم استهلاكه بكثرة في عدة أفلام.
أداء بطل الفيلم روبرت باتينسون كان مميزًا، بينما ظهرت الشخصيات الأخرى ضعيفة. والفيلم عمومًا مثير للتفكير، ويطرح تساؤلات حول الهوية والإنسانية.
وحتى لو وُصف الفيلم بقليل من السخافة، فإن المخرج لا يأبه بمثل هذه الاتهامات.
قد لا يكون الفيلم رائعًا، لكنه ليس سيئًا. ولا يمكن إغفال أنه عمل مخرج مميز، في مرحلة انتقال وتحول مهمة في حياته المهنية، ويستحق إعطاءه الثقة.
الفيلم عند عرضه غطى تكلفة إنتاجه وبفائض.
تحذير: إحدى الشخصيات الثانوية بالفيلم لها ميول جندرية غير سوية، ولكن لم تظهر بطريقة مباشرة.
التقييم: 7/10
ومناسب للكبار فقط.