شباب البومب.. سينما المواسم وصناعة البطل الشعبي
عبدالله الأسمري
في أواخر شهر رمضان من العام الماضي، تم الإعلان، بشكل مفاجئ، عن فيلم شباب البومب، وسرعان ما تفاوتت الآراء حول نجاحه أو كونه عملًا لا ينبغي أن يعرض في صالات السينما، وتعالت أصوات النقاش حتى موعد صدور الفيلم في ثاني أيام عيد الفطر، ليحقق إيرادات عالية في السعودية وخارجها، حيث تصدّر شباك التذاكر لأسابيع في الكويت والإمارات وغيرها من دول الخليج. هذه النجاحات كانت سببًا في استمرار عرض الفيلم في صالات السينما لمواسم أخرى، كما هو الحال في التلفاز، حيث وصل المسلسل إلى جزئه الثالث عشر.
وفعلا تم الإعلان مبكرًا هذه المرة، وبجرأة أكبر من السابق، عن الجزء الثاني من فيلم شباب البومب، مما فتح نقاشًا جديدًا حول إمكانية رؤية مواسم فعلية للأفلام المحلية في صالات السينما، خصوصًا في موسم عيد الفطر، إذ يستثمر نجوم التلفاز نجاح أعمالهم الرمضانية لجذب الجمهور إلى أفلامهم، كما سنشهد ذلك أيضًا مع إبراهيم الحجاج في فيلمه القادم إسعاف. وفي الوقت الراهن، تعد سينما المواسم خيارًا جيدًا ومهمًا لإحداث حراك جديد في المشهد السينمائي وجذب شرائح مختلفة من الجمهور، خاصة جمهور التلفاز.
عامر.. البطل المتفرد
جاء فيلم شباب البومب الجزء الثاني بقصة أكثر قربًا وجاذبية لجمهوره، معتمدًا على قصص مشابهة لما يقدم في المسلسل، وداخل إطار عالمه الخاص مع أصدقائه في الاستراحة. فلم يغامر الفيلم بحبكات جديدة كما فعل في الموسم السابق، بل ظل لصيقًا بما يبرع فيه، وهو ما أراه قرارًا صائبًا جعل الفيلم يحمل هوية واضحة وأكثر تماسكًا مقارنة بالجزء السابق، الذي اعتمدت قصته على المصادفات غير المبررة، مع فجوات هائلة في الحبكة أضعفت الخط الزمني للفيلم، ورغم أن هذا الجزء لم يخلُ تمامًا من بعض العثرات السردية، فإنه قدم في إطار زمني ومكاني بسيط، حيث تدور معظم أحداث القصة حول الاستراحة والشارع المقابل لها، ما جعلها أكثر ضبطًا، رغم أن الكتابة كانت تتمسك بإيقاع التلفاز، مما تسبب في تباين مزعج بين فصول الفيلم.
تدور القصة حول صراع بين عامر وعصابة مكونة من أربعين طائشًا حول استراحتهم الجديدة، التي اكتشفوا لاحقًا أنها مجرد خدعة لتمويل حلبة تفحيط تقام أمامها. لكن شجاعة عامر وإصراره يضعان الشباب في مأزق لمواجهة العصابة، وحينما يجد ياسر طريقة للتخلص منهم، يكون عامر قد ابتكر فكرة لتحويلهم من أعداء إلى أبطال.
ما ميز الفيلم هذه المرة هو التفاعل الحماسي للجمهور داخل القاعة، حيث بدا أكثر ديناميكية مقارنة بالمرة السابقة. فهذه المرة، كان الجمهور يرى بطله منتصرًا دائمًا وطوال أحداث الفيلم، ويحمل على عاتقه رسالة نبيلة ويقدمها بأسلوب كوميدي اعتادوا عليه، ما جعلهم يتجاوبون بحماس لافت. فاستطاع عامر أن يكون مثالًا حيًا لأسطورة تشبه أبطال أفلام الثمانينات، فبتركيبته الشكلية المتعجرفة والعربجية التي قد تنفر البعض، ينجح في إيصال رسائل إيجابية بطريقة ممتعة وقريبة من فئة عمرية تبحث عن شخصية فريدة وممتعة، لكنها في الوقت ذاته تقدم لهم توعية مهمة. لقد استطاع عامر أن يستمر طيلة هذه السنوات، لأنه خلق مساحة واسعة لذاته يستطيع من خلالها فيصل العيسى التنقل بسلاسة بين أقصى اليمين وأقصى اليسار. وهذا ما يجعل عامر أيضًا شخصية صعبة، حيث تم رسم كل تفصيلة فيها عبر سنوات طويلة.