نور سعد
لطالما كانت السينما الإيرانية تعكس معاناة الشعب بكل واقعية، وفيلم «إخوة ليلى» أبرز لنا محاولة الصمود والسعي رغم الظروف والضغوط المادية.
العمل من كتابة وإخراج المخرج الإيراني سعيد رستايي، حيث جسَّد لنا التحديات والصراعات التي يواجهها الأفراد في حياتهم اليومية. ومما يميز هذا العمل هو قدرته على تناول الأمور الإنسانية بعمق وواقعية، ويبقى الواقع مُرًّا.
ولأن الواقع مُرٌّ، سُجن كل من المخرج سعيد رستايي والمنتج جواد نوروزبيجي لمدة 6 أشهر، وتم حرمانهما من ممارسة الأعمال السينمائية لمدة 5 سنوات، كما ذكرت الصحف.
تدور الأحداث حول «ليلى» التي تحاول بكل ما تملك دعم عائلتها الفقيرة التي تعاني من مشاكل مادية. عائلتها تتكون من والدها ووالدتها وإخوتها الأربعة، وفوق كل ذلك نرى والدها المتمسك بالعادات والتقاليد العقيمة، الذي ما زال يتمنى أن يكون شيخًا لقبيلته في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها إيران مما يجعلهم ينتظرون الموت.
ليلى تقترح على إخوتها شراء متجر لإنقاذ عائلتها من الفقر ولتحقيق دخل دائم لهم، لكنها في البداية تجد الرفض من إخوتها. وهنا يسلط الفيلم الضوء على الأهداف الفردية لكل شخص من العائلة التي تتعارض أحيانًا مع مصلحة العائلة ككل.
ثم ننتقل إلى الصراع الأكبر، وهو تمسك والدهم بحلمه في أن يكون شيخ القبيلة ليمتلك النفوذ والسلطة والمكانة الاجتماعية، مع أنهم لا يعيرونه أي اهتمام أو اكتراث، بل يذلونه.
تتصاعد صراعات أفراد العائلة بين والدهم، الذي يريد أن يكون المسؤول عن القبيلة، وذلك سيكلفهم الكثير من المال، وبين حلم ليلى في تحسين حالتهم المادية وحياتهم للأفضل.
تتطور التحديات العائلية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم في قالب درامي عميق يعكس تأثير الفقر والأحلام الفردية على العائلة.
وعندما نتحدث عن الشخصيات بعمق أكبر، نجد أن ليلى هي صوت العقل والتضحية، تتنقل بين اللين والقسوة من أجل مصلحة الجميع. ووالدها يمثل صوت العادات والتقاليد والأعراف التي تجعله لا يسمع ولا يرى ما يحدث حوله. أما الإخوة، فعلى الرغم من اختلاف شخصياتهم وأهدافهم، فإنهم يمثلون صوت الاستمرارية والسعي رغم الظروف.
وإذا ذهبنا إلى جذور القضايا التي حاول الفيلم مناقشتها، فهي تدور بين تأثير الأزمات الاقتصادية على العائلات ذات الدخل المحدود، وبين تناقض الطموحات والسعي لتحقيق الأهداف رغم جميع الظروف، والقضية الأساسية هي محاولة تغيير العادات والتقاليد الموروثة من الأجيال السابقة، التي ليس لها أي معنى، بل لها ضرر كبير.
استطاع المخرج سعيد رستايي توظيف كل مشهد بطريقة واقعية تلمس المشاعر وتنقل العواطف المكبوتة للشخصيات، مما يجعل المشاهد يفهم أبعاد القصة والشخصيات وتطور الأحداث.
«إخوة ليلى» هو رحلة إنسانية بين الأمل والألم، يجعلك تواجه واقعًا مؤلمًا مليئًا بالتحديات التي تسيطر على حياة الشخصيات. طرح الفيلم الكثير من الأسئلة الوجودية في سياق حياة هذه العائلة بسبب الظروف المحيطة بها.. السينما الإيرانية لطالما كانت وما زالت تعكس القضايا الواقعية بكل وضوح وشفافية.