سوليوود «خاص»
يعبر مفهوم السينما الفنية عن الأفلام المستقلة التي تختلف في جوهرها عن الأفلام التجارية والاستهلاكية، وتستهدف جمهورًا ذات ذائقة فنية خاصة؛ حيث يقدم أعمالًا تختلف عن الأعمال التي يتم عرضها للجمهور العام. فمحتواها يكون إبداعيًا ورمزيًا إلى حد كبير؛ ما يجعلها غير نمطية، ويتم إنتاجها بميزانيات محدودة جدًا، وفي غالب الأحيان لا تضم ممثلين كبارًا، ولا تشهد حملة إعلانات كثيفة قبل طرحها، ويكون اعتمادها الأكبر لتحقيق الانتشار ومعرفة الجمهور بها هو جودة ما تقدمه من مضمون سينمائي فريد. وغالبًا ما تلعب القصة في الفيلم الفني دورًا ثانويًا في تطوير الشخصية واستكشاف الأفكار من خلال تسلسلات طويلة من الحوار. وتعتمد حبكات هذه النوعية من الأعمال بصورة كبيرة على تسلسل متجول من الحلقات الغامضة التي تجعل المشاهد يشارك فيها ويسعى لتقديم تفسيراته الخاصة لها.
محتوى غير تقليدي
يستهدف صنَّاع هذه النوعية من الأفلام السينمائية جمهورًا يحمل ذائقة فنية خاصة؛ حيث يتم التركيز خلالها على الأعمال التي تستوحي قصصها من الواقعية الاجتماعية؛ وتعتمد كثيرًا على التعبير التأليفي للمخرج، وتبرز دوافع وطموحات الشخصيات التي تشارك فيه، بدلاً من الكشف عن قصة واضحة مدفوعة بهدف محدد. ومن السمات المميزة للسينما الفنية هو طرحها في صالات ودور عرض خاصة تكون مختلفة عن صالات السينما التقليدية. كما تشارك في المهرجانات المرموقة، ونادرًا ما تكتسب الأفلام الفنية الدعم المالي الذي يسمح بميزانيات الإنتاج الكبيرة المرتبطة بأفلام الإثارة التي يتم إصدارها على نطاق واسع. ويتغلب القائمون على صناعة هذه الأفلام غياب الدعم المالي من خلال الاستعانة بممثلين سينمائيين أقل شهرة أو حتى ممثلين هواة، ومجموعات متواضعة لصنع أفلام تركز بشكل أكبر على تطوير الأفكار واستكشاف تقنيات السرد الجديدة ومحاولة اتفاقيات صناعة الأفلام الجديدة. كما تعتمد الأفلام الفنية على الدعاية الناتجة عن مراجعات نقاد الأفلام، ومناقشة الفيلم من قبل كتاب الأعمدة الفنية والمعلقين والمدونين، والترويج الشفهي من قبل المتابعين.
تاريخ الأفلام الفنية
عُرف مفهوم السينما الفنية الأوروبية في ستينيات القرن الماضي، التي انتقدت ورفضت السينما الكلاسيكية الهوليودية بكل أدواتها وأساليبها القائمة في ذلك الوقت، وكان من ضمن روادها عمالقة صناعة السينما، ومنهم: فيديريكو فليني، وميكلانجيلو أنطونيوني، وإنغمار بيرجمان. وبدأت دور السينما الفنية المتخصصة في عرض الأفلام الفنية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة في أواخر عشرينيات القرن العشرين. وفي فرنسا ظهرت حركة السينما النقية في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين التي استهدفت تطوير أفكار الأفلام الفنية ونشرها على نطاق عالمي واسع. ومثلت الستينيات فترة مهمة في مجال الأفلام الفنية، مع إصدار عدد من الأفلام الرائدة التي أدت إلى ظهور السينما الفنية الأوروبية؛ حيث بدأ الاعتماد على تقنيات بصرية ومونتاج مبتكرة ومنها الكاميرا المحمولة. ومع تطور الصناعة السينمائية بدأت دول العالم المختلفة فتح أبوابها لدور العرض السينما الفنية «Art house»، التي تهتم بعرض الأفلام المستقلة؛ إلا أن هذه الدور ظلت محدودة عربيًا، ليأتي «بيت السينما» بوصفه أول سينما فنيّة بمدينة الرياض العاصمة السعودية، وتستهدف الجمهور المحلي والعالمي المتذوِّق للسينما الفنية، من خلال تقديمه برامج مرموقة لأفلامٍ محلية ودولية تتنوع ما بين الفنية الحديثة المواكبة للمهرجانات السينمائية الدولية، والنوادر الكلاسيكية التي شكَّلت علامة فارقة في تاريخ السينما، بالإضافة إلى مجموعة مُختارة من الأفلام التجارية الضخمة، وبرامج للندوات والحلقات النقاشية المُثرية.
أفلام فنية بارزة
«The 400 Blows»
يعد من أفلام الفرنسية الفنية المميزة للمخرج فرانسوا، الذي صدر عام 1959. وتدور قصته حول طبيب مسن، وهو أيضًا أستاذ جامعي، تقوده كوابيسه إلى إعادة تقييم حياته. يقدم بطولته: جان بيير لود، وألبرت ريمي، وكلير مورييه. وهو أحد الأفلام المميزة للموجة الجديدة الفرنسية، ويعرض العديد من السمات المميزة للحركة.
«Chungking Express»
يُعتبر هذا الفيلم واحدًا من أبرز الأعمال الفنية التي صدرت في عام 1994، وقد وصفه النقاد بأنه تجربة عقلية مثيرة تستحوذ على انتباه المشاهدين. يتألف الفيلم من قصتين تُروى بالتتابع، حيث تركز كل واحدة على رجل شرطة من هونغ كونغ غارق في الحب ويتأمل علاقته بامرأة. الفيلم من بطولة تاكيشي كانيشيرو، ولي نا كون، وفاليري تشاو، ومن إخراج وونغ كار واي.
«Fallen Leaves»
صدر الفيلم عام 2023، للمخرج آكي كوريسماكي، الحاصل على جائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان السينمائي الدولي، وممثَّل فنلندا في جوائز الأوسكار، والفائز بجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما «فيبريسي» لعام 2023. وتدور أحداثه في قالب درامي رومانسي حول لقاء يجمع بين رجل وامرأة يشعران بالوحدة في هلسنكي عاصمة فنلندا، وسرعان ما تنشأ بينهما علاقة تُجدد آمالهما في العثور على الحب.
وهو من بطولة: ألما بويستي، وجوسي فاتانين، وألينا تومنكيوف.
«Seven Samurai»
شارك في كتابة هذا العمل وأخرجه أكيرا كوروساوا. تدور أحداث الفيلم في عام 1586 خلال فترة سينغوكو من التاريخ الياباني، ويتتبع قصة قرية من المزارعين اليائسين الذين يسعون لاستئجار الساموراي لمحاربة قطاع الطرق الذين سيعودون بعد الحصاد لسرقة محاصيلهم.
على الرغم من أن الفيلم تلقى في البداية آراء متباينة من النقاد الغربيين، فإن «الساموراي السبعة» يُعتبر الآن واحدًا من أعظم الأفلام في تاريخ السينما. على موقع مجمع التقييمات «روتن توميتوز»، حصل الفيلم على نسبة موافقة مثالية تبلغ 100% بناءً على 95 مراجعة، بمتوسط تقييم 9.6/10. يقول الإجماع النقدي للموقع: «يمكن القول إن تحفة أكيرا كوروساوا، الساموراي السبعة، هي مغامرة ملحمية كلاسيكية بقصة مثيرة وشخصيات لا تُنسى وتسلسلات حركة مذهلة، مما يجعلها واحدة من أكثر الأفلام تأثيرًا على الإطلاق».