سوليوود «خاص»
تُعدّ «الشخصيات المركبة» من أبرز العناصر التي تمنح السينما نضجها وثراءها النفسي، إذ تُقدَّم هذه الشخصيات على هيئة بشرٍ حقيقيين، يحملون التناقضات بين الخير والشر، القوة والضعف، فيجعلون المشاهد يراهم كمرآةٍ لذاته، لا كأبطالٍ خارقين أو أشرارٍ مطلقين.
وجوه متعددة داخل شخصية واحدة
تقوم «الشخصيات المركبة» على فكرة العمق الداخلي، حيث لا يمكن اختزالها في سلوكٍ واحد أو صفةٍ واحدة، بل تُبنى على دوافع متشابكة وماضٍ مؤثر وصراعات داخلية تُشكّل مواقفها. فبدلًا من أن تسير بخطٍ واضح، تتبدل اختياراتها بتبدّل الظروف، ما يجعلها أكثر قربًا من الواقع الإنساني المعقد.
واقعية تجذب التعاطف
تُسهم هذه الشخصيات في كسر النمط التقليدي للخير والشر في السينما، إذ يتفاعل الجمهور معها بصدقٍ لأنها تشبهه في خوفها ورغبتها وضعفها. الممثلون يجدون فيها فرصة لإظهار قدراتهم التمثيلية، لأنها تتيح لهم مساحة للتعبير عن الانفعالات المتناقضة والمشاعر العميقة في آنٍ واحد.
أداة لتصعيد الصراع الدرامي
وجود شخصية مركبة داخل العمل يرفع من وتيرة الصراع، لأن المشاهد يبقى في حالة ترقب دائم: هل ستغلب إنسانيتها أم مصالحها؟ هذا التردد بين النقيضين يُولّد توترًا دراميًا يثري الحبكة ويجعل النهايات أكثر تأثيرًا وصدقية.
بناء درامي يعتمد على التفاصيل
نجاح الشخصية المركبة يعتمد على كتابة دقيقة تُراعي تفاصيلها النفسية، فلا يكفي أن تكون متناقضة، بل يجب أن تكون دوافعها منطقية. وهنا يبرز دور السيناريو والإخراج في تقديم خلفية واضحة، وإشارات بصرية وسردية تعبّر عن مكنونها الداخلي دون اللجوء للتفسير المباشر.
حضور لافت في السينما العالمية
تُعد الشخصيات المركبة من أكثر العناصر حضورًا في السينما الحديثة، إذ تمثل انعكاسًا للتحولات الاجتماعية والنفسية في المجتمعات، وتُظهر كيف يمكن للإنسان أن يحمل داخله الخير والشر معًا، دون أن يُصنّف نهائيًا في خانةٍ واحدة.
أمثلة بارزة عن «الشخصيات المركبة» في السينما
«Joker»
يُقدّم المخرج تود فيليبس عبر شخصية آرثر فليك نموذجًا صارخًا للشخصية المركبة، إذ يتحوّل من رجلٍ يعاني اضطراباتٍ نفسية إلى رمزٍ للفوضى. يجمع بين المظلومية والعنف، وبين الرغبة في الحب والحاجة إلى الاعتراف.
الفيلم الصادر عام 2019، من بطولة: خواكين فينيكس، وروبرت دي نيرو؛ ومن إخراج: تود فيليبس.
«Black Swan»
تجسد ناتالي بورتمان شخصية راقصة الباليه التي تمزّقها رغبتها في الكمال، فتغرق في صراعٍ داخلي بين البراءة والظلام، لتتحول تدريجيًا إلى صورةٍ تجسّد الجنون والكمال في آنٍ واحد.
الفيلم الصادر عام 2010، من بطولة: ناتالي بورتمان، وميلا كونيس؛ ومن إخراج: دارين أرونوفسكي.
«Taxi Driver»
يُقدّم روبرت دي نيرو في دور ترافيس بيكل شخصيةً غامضة ومضطربة نفسيًا، تسعى إلى تخليص المدينة من فسادها، لكنها تغرق في هوسٍ بالعنف والعدالة الذاتية. شخصية تجمع بين النية الطيبة والدمار الداخلي.
الفيلم الصادر عام 1976، من بطولة: روبرت دي نيرو، وجودي فوستر؛ ومن إخراج: مارتن سكورسيزي.
«Gone Girl»
ترسم روزاموند بايك شخصية إيمي دن بذكاءٍ وجنونٍ في آنٍ واحد، إذ تتحول من زوجةٍ مثالية إلى مخططةٍ بارعة لجريمةٍ نفسية معقدة.
شخصية تتلاعب بعقول الآخرين لتنتقم من الخيانة ببرودٍ مذهل.
الفيلم الصادر عام 2014، من بطولة: بن أفليك، وروزاموند بايك؛ ومن إخراج: ديفيد فينشر.


