Phil Hoad
هناك تحوّلٌ في ذروة هذه الدراما الباريسية الليلية عن المهاجرين، والتي تشحن فجأة العنوان المحايد للفيلم بالمعنى. بطل الفيلم، ساعي الطعام سليمان، يمرّ بعملية تغيير مصيره على نحوٍ يبعث على الأمل، ويتمّ حمل هذا المشهد الرئيسي بأداءٍ تمثيليٍّ رائعٍ من أبو سانغاري، يرتجف بعنف بينما يتدفّق منه توتّر وصراع حياةٍ بأكملها، بالإضافة إلى الكدّ اليومي لأجير تطبيقات التوصيل.
سليمان هو نوعٌ من المهاجرين النموذجيين، يتشبّث بالبقاء على هامش العاصمة الفرنسية. ينحدر من غينيا، ويستأجر حساب تطبيق التوصيل الفرعي من الكاميروني «إيمانويل» (Emmanuel Yovanie) من أجل العمل. تحت ضغطٍ مستمرٍّ لتحقيق أهداف توصيل الطعام، يحتاج إلى المال ليدفعه لزميله الغيني «باري» (Alpha Oumar Sow)، الذي يدربه على كيفية اجتياز مقابلة اللجوء الخاصة به في اليوم التالي. لكنّ سليمان المنهك يكافح لإعادة إنتاج تفاصيل قصة القمع السياسي التي يوصيه باري بسردها.
أثناء مرافقة سليمان وهو يعبر الشوارع الباريسية، يضمّ الفيلم بعضًا من أكثر مشاهد ركوب الدراجات إثارةً للقلق منذ أفلام باستر كيتون. يصوّر المخرج «بوريس لوجكين» العاصمة الفرنسية دائمة التغير بجمالٍ انطباعيٍّ ضبابيٍّ، ويخرج أحيانًا من التركيز الضحل بتركيبٍ بلوريٍّ رصينٍ لوضع بطله في هذه المتاهة الرأسمالية. لكنّ سليمان هو نقطة التركيز الثابتة وفي وضعٍ محفوفٍ بالمخاطر، ليس فقط فيما يتعلّق بحركة المرور، ولكن أيضًا اقتصاديًا وعاطفيًا. وبينما يزعج مركز اتصال التطبيق باحتياج، ثم يفقد أعصابه مع صاحب مطعمٍ متأخرٍ في طلباته، يراقب الفيلم كيف تؤدي هذه الإهانات الصغيرة إلى تآكل روحه بشكلٍ مطّرد.
في مرافقته الحميمة لمهاجرٍ يحاول تدبير أموره، يذكّرنا فيلم لوجكين بفيلم «رامين باهراني» «Man Push Cart» الذي تدور أحداثه في نيويورك عام 2005، على الرغم من أنه أقلّ عاطفيةً بكثير في خضم العصر الرقمي، حيث ينهي المشاهد بحدةٍ غالبًا كما لو كان يتبع نفس الجدول الزمني الضيّق لسليمان. لكنّ القضايا هي نفسها جوهريًا: الإخفاء القسري لطبقةٍ من المهاجرين الاقتصاديين الذين أصبحوا الآن كثيرين لدرجة أنّ العديد منهم يتحايلون على النظام، مما يضاعف استغلالهم. يساعد الأداء المثالي وغير المصطنع لسانغاري في جعل أصواتهم مسموعةً.
المصدر: The Guardian

