حكاية «السوار».. من غرفة الولادة إلى صالات السينما السعودية
استقبلت صالات السينما السعودية خلال الأيام الماضية فيلم الدراما السعودي «سوار» المستوحى من قصة حقيقية وقعت في مدينة «نجران» عام 2003، وتحكي عن حادثة نادرة لطفلين حديثي الولادة، أحدهما تركي والآخر سعودي، تم تبديلهما عن طريق الخطأ في إحدى المستشفيات، هذا الخطأ غير المقصود قاد كل طفل إلى أن يعيش حياة الآخر، ضمن بيئة ثقافية مختلفة كليًا، وبين تعقيدات الهوية وتشابك المشاعر، تتصاعد الحبكة الدرامية حتى لحظة الكشف الصادم للحقيقة، ما يطرح تساؤلات عميقة حول الانتماء والهوية.
«سوار».. قصة وهوية
في إطار درامي مشوّق، تنقلب حياة عائلتين – إحداهما سعودية والأخرى تركية – رأسًا على عقب بعد خطأ طبي نادر في مستشفى سعودي يتم فيه تبديل طفلين بفارق دقائق قليلة في توقيت الولادة. القصة المستندة إلى أحداث واقعية تعود لعام 2003، وتنتهي في 2007 حين يتم اكتشاف الحقيقة عبر تحاليل الحمض النووي، وتتصدر الحادثة وقتها عناوين وسائل الإعلام، لتصبح واحدة من أكثر القصص المؤثرة في الرأي العام المحلي.
بعد انكشاف الحقيقة، يجد كل من الطفلين نفسه في مواجهة مفاجئة مع عائلته البيولوجية، مما يدخلهما في صراع نفسي وعاطفي عميق. الفيلم المؤلف من ثلاثة فصول يستعرض التحولات الشخصية، والتحديات المجتمعية، والروابط العائلية التي تعيد تعريف مفهومي الهوية والانتماء في رحلة مشحونة بالمشاعر والصدمات.
واستُلهِم اسم الفيلم «سوار» من السوار الذي يوضع على معصم المولود فور ولادته، كرمز تعريفي له، وفي هذه القصة، يصبح السوار عنصرًا محوريًا، إذ يؤدي خطأ بسيط في استخدامه إلى تغيّر مصير عائلتين بالكامل، في انعكاس دقيق لمفهوم الهويّة وتبعات الأخطاء البشرية.
سينما من الواقع
المخرج السعودي «أسامة الخريجي» أوضح أن فكرة الفيلم بدأت خلال فترة ابتعاثه في الولايات المتحدة، عندما شاهد حلقة من برنامج «داود الشريان» تتناول هذه القصة المؤثرة، وقال: «من محاسن الصدف أن منتج البرنامج كان صديقًا لي، وكلمته مباشرة وقلت له هذه القصة قد تصير فيلمًا سينمائيًا يومًا ما».
الاستاذ داوود الشريان كان من أوائل من سلط الضوء على القضية و كان في قلب الحدث، و الحين رجع يعيش ذات القصة بعد مشاهدته لـ #فيلم_سوار ❤️🩹
الآن تقدر تحجز مقعدك لحضور فيلم سوار عبر الرابط📽️https://t.co/ad7pCs8eja pic.twitter.com/6Vp6zAcyWE
— فيلم سِوار | Siwar (@Hakawati_KSA) July 29, 2025
وتابع الخريجي قائلًا: «في تلك الفترة كنت أدرس الماجستير في صناعة الأفلام، وبقيت القصة في ذهني لسنوات، حتى شاءت الأقدار أن ألتقي بالأخ راشد اليامي، الذي كان قريبًا من العائلة المعنية، ويمتلك تفاصيل دقيقة عنها، فبدأ حينها مشوار تحويلها إلى فيلم».
وأضاف المخرج أن حافزه الأساسي لتقديم العمل هو أن السعودية مليئة بالقصص الواقعية المؤثرة، التي تستحق أن تتحول إلى أعمال سينمائية عالية الجودة، مشيرًا إلى إصراره على أن يُجسّد الأدوار السعودية أشخاص من نجران، حتى إن لم يكونوا محترفين، وهو ما شكل تحديًا تم التغلب عليه بنجاح.
طفلين تبدّلوا بالغلط… وكل واحد عاش عمره في بيت مو بيته! 😱في العرض الأول لفيلم سوار، إذاعة UFM التقت المخرج أسامة الخريجي @OsamaAlkhurayji
وكشف لنا سر تحويل هالقصة الواقعية لفيلم يهز المشاعر 🎬🎬@Hakawati_KSA
🎙️@Yasmine_u #فيلم_سوار #سينما_سعودية pic.twitter.com/J18ayJKSyb
— إذاعة يو اف ام (@ufmradio) July 31, 2025
أما عن التحدي الثقافي في دمج شخصيات من خلفيات سعودية وتركية، فذكر «الخريجي» أن القصة بحد ذاتها تفرض هذا التمازج الثقافي، وأوضح أنه قام بدراسة الثقافة النجرانية عن قرب، وزار المنطقة عدة مرات، واستعان بمستشارين محليين، بالإضافة إلى تعاونه مع النجمة التركية «يولوكو» التي ساعدته على فهم الثقافة التركية وتقديمها بصدق.
واختتم حديثه مؤكدًا أن الفيلم يأتي في سياق الطفرة السينمائية التي تشهدها المملكة بفضل رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشيرًا إلى أن على صنّاع السينما استغلال هذه المرحلة لصناعة محتوى يرتقي باسم الوطن.
العرض الأول
شهد فيلم «سوار» عرضه الأول خلال افتتاح الدورة الحادية عشرة من «مهرجان أفلام السعودية»، التي أُقيمت فعالياتها بين 17 و23 أبريل، قبل أن يُعرض رسميًا في صالات السينما السعودية يوم الخميس الماضي الموافق 31 يوليو. وأصبح الفيلم متاحًا الآن أمام الجمهور لتقييم تجربته من حيث القيمة الإنسانية والإخراج الفني، في أول تجربة سينمائية طويلة لمخرجه.
تصريحات أبطال الفيلم
الممثل «فهيد بن دمنان» من نجران، والذي لعب دور «حمد» – الأب السعودي – قال في تصريح صحفي: «قدّمت شخصية رجل بسيط من بيئة ريفية وقبلية، والجمهور سيلاحظ تحولات في أدائي بين الكوميديا والتعليق الاجتماعي». وأضاف أن تشابه الشخصية مع بيئته الأصلية ونشأته في نجران ساهم كثيرًا في تجسيد الدور بصدق.
أخيرًا #فيلم_سوار في صالات السينما بجميع أنحاء المملكة!!🇸🇦🫡
و اللي ما سمع أغنية الفيلم (ضميني) بصوت الفنان @saleh_alyami يحجز الحين و يسمعها في السينما 🤩🔥رابط الحجز 👇🏻🎟️https://t.co/ad7pCs8eja pic.twitter.com/P86rgFvoFi
— فيلم سِوار | Siwar (@Hakawati_KSA) July 31, 2025
أما الممثلة «سارة البهكلي» التي قدّمت دور «نورا» فقالت: «نورا فتاة يتيمة تعيش مع عمّها، وتتزوج في سن مبكرة وتتحمل مسؤولية مزرعة العائلة، إلى أن يقع حادث صادم يغيّر مجرى حياتهم». وذكرت أنها قضت وقتًا في نجران للتعرف على اللهجة المحلية والعادات، ما ساعدها على إتقان الدور رغم صعوبته بالنسبة لها.
طاقم العمل
«سوار» هو أول فيلم روائي طويل للمخرج والمنتج السعودي «أسامة الخريجي»، من تأليف «رشيد المنجم»، ويشارك في بطولته كل من «فهيد بن محمد»، و«سارة البهكلي»، و«علي آل شكوان»، و«توجس يولكو»، و«سيركان جينتش»، و«يوسف ديميروك». الفيلم من إنتاج شركة «حكواتي إنترتينمنت» بالتعاون مع «فيلم العلا»، وتم تصويره في مدينة «العلا»، التي أضفت بجمالها الطبيعي وأصالتها الثقافية خلفية بصرية مؤثرة على المشاهد.