مقاطع «الذكاء الاصطناعي» تُربك معايير الإبداع في «هوليوود»
سوليوود «متابعات»
تحوّلت مقاطع الفيديو المُولّدة بالذكاء الاصطناعي إلى مشاهد أكثر إقناعًا وإتقانًا، بعد أن كانت قبل سنوات تثير السخرية بسبب عيوب بصرية واضحة، كأيدٍ بست أصابع ووجوه مشوّهة. لكن التطوّر السريع في هذه التقنية بدأ يزعزع مفاهيم الإبداع التقليدي في هوليوود، ويثير اهتمام الفنانين والمعلنين على حد سواء.
ومن أبرز المقاطع التي شكّلت نقطة تحول، فيديو يظهر فيه الممثل «ويل سميث» وهو يأكل طبق «سباجيتي»، والذي بات يُستخدم كمؤشر على مدى التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي. ففي نسخة 2023، بدت ملامح سميث مشوّهة، وحركاته متشنجة، أما اليوم، فباتت النسخ الأحدث، على غرار تلك المولّدة عبر أداة «فيو 3» من «جوجل»، تكاد تخلو من الأخطاء.
وتؤكد الأستاذة الجامعية «إليزابيث ستريكلر» أن “نموذجًا جديدًا يصدر كل أسبوع، ويتفوق على سابقه”. وتشير إلى أن أدوات مثل «دريم ماشين» من «لوما لابس»، و«سورا» من «أوبن إيه آي»، و«جين-4» من «رانواي»، و«فيو 3» من «جوجل»، دفعت بالقطاع إلى إنجازات هائلة خلال بضعة أشهر فقط، وفقًا لـ«franc24».
وتمكنت «رانواي» من توقيع اتفاقيات مع شركات مثل «لاينزجيت» و«إيه إم سي نتووركس»، حيث تُناقش حاليًا أفكارًا لإعادة إنتاج أفلام كلاسيكية بأسلوب رسوم متحركة عائلي، مثل سلسلة «جون ويك» أو «هانغر جايمز»، بدلًا من ابتكار مشاريع جديدة كليًا.
ويقول المدير الإبداعي في «رانواي» «جيمي أمفيرسون» إن بعض صناع السينما بدأوا يستخدمون هذه الأدوات لتصميم القصص المصورة، والبعض الآخر للمؤثرات أو الإضافات الرقمية. كما أشار إلى إمكانية إنتاج مشاهد ضخمة، مثل ظهور عشرة آلاف جندي في عاصفة ثلجية، خلال ثوانٍ وبكلفة زهيدة، مقارنة بتكاليف باهظة سابقًا.
وكان أول فيلم روائي طويل يُنتج بتقنية الذكاء الاصطناعي قد عُرض في أكتوبر الماضي تحت عنوان «وير ذي روبوتس غرو»، وهو عمل بصري بالكامل دون تصوير مباشر. ويقول الشريك المؤسس لـ«رانواي» «أليخاندرو ماتامالا أورتيز» إن الهدف ليس استبدال السينما التقليدية، بل إثبات الإمكانات.
لكن رغم الحماسة، لا يخلو الأمر من مقاومة. ففي مارس، أعلنت شركة «ستيركايس ستوديو» نيتها إنتاج 7 إلى 8 أفلام سنويًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، بكلفة أقل من 500 ألف دولار للفيلم، لكنها أكدت التزامها بالاعتماد على المحترفين النقابيين متى أمكن.
ويعترف المنتج «أندرو وايت» بأن هناك سوقًا فعلية لهذا النوع، لكنه يرفض استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يخشى أن يؤثر سلبًا على سير عمليته الإبداعية. أما «أمفيرسون» فيؤمن بالعكس، ويرى أن التقنية تمنح الفنان قدرة أكبر على تحقيق رؤيته من دون عوائق الميزانية أو الوقت.
وتُعبّر «إليزابيث ستريكلر» عن قلق طلابها من التأثير البيئي والتقني لهذه الأدوات، خصوصًا من حيث استهلاك الطاقة والمياه، إلى جانب استخدام الأعمال الفنية الأصلية دون إذن لتدريب النماذج.
وفي عام 2023، تمكنت نقابة «ساج-أفترا» من ضمان حقوق أعضائها باستخدام صورهم في الذكاء الاصطناعي، ما شكّل سابقة في المجال.
وترى «ستريكلر» أن من يتجاهل الذكاء الاصطناعي، كمن يُطلق شركة دون الاعتماد على الإنترنت. وتُضيف أن هذه التقنيات قد تُحرر الإبداع في هوليوود من سطوة الوسطاء التقليديين، وتمنح الفنان فرصة للوصول إلى جمهوره مباشرة.
وبفضل خلفياتهم في الفن وعلوم الحاسوب، استطاع مؤسسو «رانواي» تجاوز منافسيهم في مجالات السينما، التلفزيون، والإعلانات. كما بدأوا استكشاف آفاق أوسع مثل الواقع المعزز والافتراضي، تمهيدًا لإنتاج محتوى سينمائي داخل بيئات رقمية بالكامل.
ويختم «أمفيرسون» حديثه قائلًا: «قد لا تكون التطبيقات الأكثر إثارة هي تلك التي نفكر فيها الآن.. الهدف الحقيقي هو ما سيبتكره الفنانون بها لاحقًا».

