سوليوود «خاص»
تميزت العديد من الأفلام السعودية بدمجها بين الأصالة التراثية والحداثة المعاصرة من خلال تقديم حبكات وقصص غنيّة بالتاريخ والسرد القصصي، والتي صُوِّر معظمها في مواقع تاريخية وأثرية مهمة في مختلف أنحاء المملكة لتأتي معبرة عن براعة السينما السعودية وعمق قصصها، وهو ما يؤهلها لاستقطاب جمهور الفن السابع محليًا وعالميًا؛ ويجعلها تشارك في المحافل الدولية وتثبت تفوقها وحصدها جوائز بارزة. نستعرض خلال التقرير التالي قائمة تضم 4 أفلام سعودية مميزة حبكتها تجمع بين «التراث والحداثة»، وكان من بينها: «نجد»، و«الخطّابة».
«نجد»
تربط حبكة هذا العمل الماضي بالحاضر بصورة درامية ممتعة، وهو فيلم منوع يتضمن قصة حب ودراما وأكشن وإثارة، وتم تصوير 90% من مشاهده في العاصمة السعودية الرياض، تحديدًا في القرية التراثية في بلدة سدوس شمال الرياض، ليتم الانتقال بعدها إلى الكويت لتصوير باقي المشاهد كتجسيد لمرحلة الوقت الحاضر. قدَّم العمل أحداثًا متنوعة عاشها المجتمع السعودي بفترة السبعينيات الميلادية، في حين كان يسرد بصورة ذكية ولماحة مرحلة التعليم وأرامكو، وتكوين المجتمع النجدي المترابط بتفاصيل حياته البسيطة. وأظهر الفيلم الحياة الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الرياض القديمة في صورة رائعة تنبض بالحنين إلى التراث. كما يمزج الفيلم بطريقة مشوقة، بين عديد من التفاصيل ضمن أسلوب تشويق درامي جيد، بدأها بالرومانسية التي كانت حاضرة بقوة ضمن ملامح الحياة الاجتماعية قبل أكثر من 60 عامًا، ثم الدخول في مستويات متدرجة من الإثارة والدراما والأكشن، وفق تسلسل منطقي يكشف تطور الحياة، وذلك في إطار درامي يروي قصة الفتاة نجد التي تتعلق بحب جارها، ولكن والدها يُجبرها على الزواج من رب عمله بالرغم من فارق السن الكبير بينهما.
الفيلم الذي حصد جائزة الصقر الخليجي الطويل في مهرجان العين السينمائي في دورته لعام 2020، هو من بطولة: حياة الفهد، وميساء مغربي، وزهرة الخرجي، وأميرة محمد، ومريم الغامدي، وإبراهيم الحربي؛ ومن إخراج: سمير عارف.
«الخطّابة»
ينتمي هذا العمل إلى أفلام الإثارة النفسية التي تمتزج فيها عناصر الحاضر والماضي برؤية فنية معاصرة. تستلهم قصته من التراث الشفوي الغني بالأساطير القديمة والقوى الخارقة للطبيعة في المنطقة العربية، حيث يتداخل الأسطوري مع التحديات الاجتماعية في عالمنا الحديث. تدور الأحداث حول طارق، خبير تكنولوجيا المعلومات، الذي يقع في حب متدربته الجديدة سلمى. يقوده فضوله لملاحقتها إلى منتجع قديم يقع في منطقة صحراوية تراثية، حيث يكتشف قوى خارقة للطبيعة ومغامرة غير عادية تكشف له أسرار المنتجع الغامض الذي تديره صبا، المعروفة بخطابتها. ساهم تصوير هذا العمل في مدينة العُلا في تقديم صورة مميزة عن الطبيعة الجغرافية للمحافظة، حيث يلتقط مشاهد فنية للصخور وأشجار النخيل، مما يضيف لمسة سريالية تأخذ المشاهد إلى أجواء تراثية فريدة.
فيلم الغموض والإثارة النفسية السعودي، هو من بطولة: حسام الحارثي، ونور الخضراء، وريم الحبيب؛ ومن إخراج: عبدالمحسن الضبعان.
«نورة»
صوِّر الفيلم بالكامل في مدينة العُلا التاريخية وبين صحرائها وأوديتها التراثية العريقة التي تنقل الكثير عن هذه المنطقة ذات السحر والجمال الخاص. وتدور أحداثه خلال حقبة التسعينيات، حيث تقضي نورة معظم وقتها بعيدًا عن عالم القرية، وعليها الآن أن تخرج من عالمها الصغير لتحقق ما تريده، بعدما تكتشف أن نادرًا ليس مدرسًا جديدًا في القرية فقط؛ لكنه الفنان الذي تخلى عن الرسم وانتقل لتعليم أطفال قرية في غرب السعودية. وتكتشف نورة أن نادرًا فنان، وتبدأ أحداث الفيلم تتناول علاقة اكتشاف فني إنساني بين نادر ونورة. وبينما يُوقظ إلهام «نادر» الفني، يعرّف «نورة» على عالم من الاحتمالات والحداثة والابتكارات المعاصرة خارج القرية.
الفيلم السعودي الذي حصل على تنويه خاص ضمن جوائز قسم نظرة ما، في مهرجان كان السينمائي بدورته الـ77، هو من بطولة: يعقوب الفرحان، وماريا البحراوي، وعبدالله السدحان؛ ومن إخراج: توفيق الزايدي.
https://www.youtube.com/watch?v=swRiSzOfekQ
«مندوب الليل»
نجح هذا العمل في الجمع بين اختلافات مدينة الرياض التي تميزها عن غيرها من مدن العالم، حيث أظهرت مشاهده ازدحام الرياض بالبنايات الشاهقة المشيدة وفقًا لأحدث الصيحات، وكذلك انتشار المطاعم والعلامات التجارية والسيارات الفارهة، مع وجود الأحياء الشعبية والبيوت التراثية والسيارات قديمة الطراز، بما يكشف أن الرياض تجمع بين عبق الماضي ومتعة الحاضر. كما أظهرت المشاهد المتنوعة للعمل كيف تعج المدينة بالصخب والموسيقى والفعاليات البارزة في أثناء موسم الرياض، وكذلك هدوءها في لحظات ما قبل الفجر. وكل ذلك يحدث بعيون مندوب توصيل، يطرق أبوابًا عديدة، وهو الشاب فهد الذي يتوه وحيدًا مهمومًا كل ليلة في زحام وشوارع الرياض بين فقدان العاطفة وضياع الوظيفة وتوصيل الطلبات، تدفعه كل هذه الظروف للتخلي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه شيئًا.
الفيلم السعودي الذي حقق إيرادات خيالية، وفاز بطله الفنان محمد الدوخي بجائزة أفضل ممثل عن الفيلم في مهرجان روتردام للفيلم العربي 2024، هو من بطولة: محمد الدوخي، ومحمد الطويان، وسارة طيبة؛ ومن إخراج: علي الكلثمي.