روجر إيبرت
جلسنا على الأريكة الخضراء الكبيرة وشاهدنا فيلم «E.T. The Extra-Terrestrial» مع أبويكما. كانت هذه هي المرة الأولى التي تشاهدان فيها الفيلم، لكنكما كنتما تعرفان القليل حوله ويمكنكما توقع محتواه لأننا أخذنا جولة E.T في منتزه يونيفرسال. لقد شاهدت الفيلم عدة مرات منذ صدوره عام 1982، لذلك كنت أراقبكما عن كثب أثناء مشاهدة الفيلم، لأني أردت أن أرى كيف سيتفاعل صبي في ذكرى ميلاده الرابع، وفتاة احتفلت بعامها السابع منذ أسبوع، مع الفيلم. كانت التجربة «مفيدة لكما» بشهادتي أنا الجد روجر.
فأنت يا رافين، لم تبعدي عينيك عن الشاشة أبدًا، حتى عندما بدا الأمر وكأن E.T كان يحتضر وكان ينبغي أن تنتقلي إلى جواري لأنكِ كنتِ خائفةً.
وأنت يا إميل، اضطررت إلى الذهاب والجلوس على ركبة والدك عدة مرات، لكنكِ لم تتوقف عن المشاهدة أيضًا، لم تذهب إلى الحمام أو تبحث عن ألعاب مفقودة: كنت تشاهد هذا الفيلم بكل انتباه.
في أول مشاهد الفيلم، تقوم مركبة فضائية بالهبوط على الأرض، وتشير إلى أن مخلوقًا فضائيًا قد انقطعت به السبل على كوكب الأرض. تهرب المركبة الفضائية بسرعة عندما يأتي رجال في شاحنات صغيرة يبحثون عنها. وتصنع أضواء المصابيح الأمامية للمركبة أشعة تظهر بوضوح في ليلة يكتنفها الضباب، ولقد رأيتما نفس التأثير في أثناء جولتنا في منتزه يونيفرسال. وكانت المفاتيح المعلقة في أحزمتهم تهتز على إيقاع الموسيقى التصويرية. إنها الطريقة التي سيتعرف عبرها الكائن الفضائي E.T التائه على زملائه بعد ذلك.
ثم تظهر لقطات لمنزل في الضواحي، يشبه نوعًا ما المنزل الذي تعيشان فيه، يحتوي على ممر واسع وفناء خلفي كبير. وهناك صبي صغير يُدعى إليوت «هنري توماس» في الفناء يظن أنه يرى أو يسمع شيئًا ما، نحن نعلم بالفعل أنه E.T.
تصوّر الكاميرا الطفل إليوت وهو يتحرك. وفي هذه اللحظة طرحتِ سؤالًا يا رافين قائلة، «هل هذا ما يراه E.T؟» فأجبتك بنعم، نحن نرى كل شيء الآن من منظور E.T. وأظن أنك طرحت سؤالاً جيدًا جدًا، لأن معظم الأطفال في عمرك قد لا يتمكنون من ملاحظة أن الكاميرا لديها منظور، فنحن كنا نشاهد كل شيء يراه هذا المخلوق قصير القامة على الأرض في أثناء استكشافه لغابة على كوكب غريب.
بينما كنا نشاهد الفيلم، أدركت كم كنتِ محقة عند طرح هذا السؤال. فالفيلم بأكمله قائم على ما يسميه صانعو الأفلام «وجهة النظر». فنحن نشاهد تقريبًا كل لقطة مهمة إما كما يراها E.T، أو كما يراها الطفل إليوت. ونفهم الأشياء كما يفهمونها. لا توجد أي لقطات مهمة يتم تصويرها من وجهة نظر شخص بالغ. فعادة ما يتم التصوير من وجهة نظر الطفل – أو وجهة نظر E.T.
عندما يرى الطفل إليوت وE.T بعضهما لأول مرة، يتفاجأ كل منهما ويركضان من الفزع ويصرخان. نرى كل واحد منهم من وجهة نظر الآخر. وعندما ترجع الكاميرا للخلف لإظهار المشهد كامل، لا يتم عرض المشهد من وجهة نظر البالغين. وعلى سبيل المثال، في المشهد عندما تتحرك والدة إليوت «دي والاس ستون» للقيام ببعض الأعمال المنزلية، وهي لا تدرك على الإطلاق أن E.T يتجول في جميع أنحاء الغرفة متخفيًا عنها. تبقى الكاميرا بعيدًا عنها. ولا تصور لنا الكاميرا الاتجاه الذي تنظر فيه، لأن هذا الأمر ليس مهمًا.
بعد ذلك، يصوّر لنا مشهد رائع واحد ما تراه الأم: إنها تنظر في خزانة إليوت حيث توجد جميع الدمى خاصته مصطفة بجوار بعضها، ولا تدرك أن إحدى هذه «الدمى» هو E.T. ضحكنا جميعًا على تلك اللقطة، لكنها كانت لقطة استثنائية. ففي الأساس نحن ننظر بعيون شخص صغير، وليس شخص بالغ. «على سبيل المثال، في المشهد حيث يأخذون E.T للتجول يوم الهالوين ويضعون ملاءة فوق رأسه، ولا نشاهد سوى ما يراه هو من خلال الثقوب الموجودة في الملاءة».
في مشهد لاحق، وهو أحد المشاهد التي أقلقتك حقًا يا رافين، يعود رجال الشاحنات. إنهم يعرفون أن E.T موجود في منزل إليوت، وهم علماء يريدون فحص E.T. لكن لا يقدم المشهد لحظة واحدة يتحدثون فيها ويشرحون ما يفعلونه كبالغين، فنحن نسمع فقط جزءًا صغيرًا من حوارهم، كما قد يسمعها إليوت.
في ذلك الوقت، نعلم أن إليوت وE.T مرتبطان عاطفيًا، لذلك يستطيع إليوت أن يشعر بـE.T عندما يحتضر. يصرخ إليوت على الأشخاص البالغين ويطلب منهم أن يتركوا E.T وشأنه، لكن لا يأخذ البالغون كلامه على محمل الجد. يعرف أي طفل كيف يشعر إليوت في هذه اللحظة. وبعد ذلك، عندما يطلب إليوت من شقيقه الأكبر أن يقود السيارة لمساعدة E.T على الهروب، ويقول الأخ: «لم يسبق لي أن قمت بقيادة سيارة إلى الأمام من قبل!» يمكنك تفهم ذلك. فالأطفال دائمًا يراقبون والديهم وهم يقودون سياراتهم، لكن لا تسمح لهم الفرصة على الإطلاق أن يجربوا ذلك بأنفسهم.
لقد أحببنا المشهد الذي حلقت فيه الدراجات. ظننا أنه قادم، لأن E.T قد أخذ إليوت في رحلة خاصة بالدراجة في وقت سابق، لذلك علمنا أنه يستطيع القيام بذلك. كنت أعتقد أن مشهد المطاردة قبل أن تطير الدراجات كان طويلًا جدًا، كما لو أن ستيفن سبيلبرغ «الذي أنتج الفيلم وأخرجه» كان يحاول إضافة الكثير من التشويق غير الضروري. لكن عندما حلقت تلك الدراجات، كان المشهد مثل الخيال! أتذكر عندما شاهدت الفيلم في مهرجان كان، لقد صاح الجمهور باندهاش، وهم قد شاهدوا آلاف الأفلام، في تلك اللحظة.
وفي مشهد النهاية. اتصل E.T بوطنه، وجاءت مركبة فضائية لإنقاذه. كان في الغابة مع إليوت. ينزل السلم من المركبة، وفي المدخل يمكننا أن نرى مخلوقًا فضائيًا آخر يقف والأضواء خلفه. في هذه الحظة، قال إميل «هذه والدة E.T!» ثم سكت للحظة، وقال: «كيف عرفت الآن أنها والدته؟».
ضحكنا جميعًا، لأن إميل جعل الأمر يبدو مضحكًا، كما يفعل غالبًا، فهو ممثل كوميدي بالفطرة. لكن عندما تذكرت ذلك الآن، سألت نفسي، كيف عرف إميل ذلك؟ كان من الممكن أن يكون هذا الكائن والد E.T أو أخته أو قائد المركبة. لكنني أتفق معك في أنها ربما كانت والدته، لأنها كانت تتصرف مثل الأم تمامًا، فهي من كانت تصدر الأصوات أثناء الاتصال بـE.T.
ثم خطر على بالي بعد ذلك أن توقعاتنا هذه كانت دليلًا على مدى نجاح ستيفن سبيلبرغ في إخراج فيلمه. ففي الرابعة من العمر يكون الطفل صغيرًا جدًا على فهم «وجهات النظر»، لكنه يستطيع التفاعل معها. بالنسبة للفيلم بأكمله، كنتما تريان كل شيء تقريبًا بعيون E.T أو الطفل إليوت. ولذلك، في اللحظات الأخيرة، تمكنتما من توقع أكثر شخص افتقده E.T، فمن الذي كان يريد E.T أن يراه واقفًا في انتظاره على باب سفينة الفضاء؟ إنها والدته.
من المؤكد أن ستيفن سبيلبرغ لم يرَ الأمر بنفس الطريقة، وكان يعتقد أن E.T يظهر فقط كطفل وأنه في الواقع يبلغ من العمر 500 عام. هذا لا يهم، لأن سبيلبرغ أتاح الفرصة أمامنا جميعًا لنتخيل الأمر. وهذا دليل على أنه مخرج رائع: فقد اهتم فقط بتوضيح ما يجب توضيحه، وكلما طالت مدة الفيلم، كان أكثر وضوحًا. ولو قام بإخراج هذا الفيلم مخرج غير متمرس، فلربما أضاف في مشهد النهاية عبارات من قبيل: «يا بني أمك تنتظرك!» وعندها ستكون نهاية الفيلم خالية من الإبداع.
فمثل هذا الأمر كان سيحرمك يا إميل من الشعور بالفرحة عندما تمكنت من معرفة أنها كانت والدة E.T، كما كان سيحرمك من السعادة التي كانت تغمرك عندما كنت تخبرنا بذلك.
حسنًا، هذا كل ما يتعلق بهذه الرسالة. قضينا عطلة نهاية أسبوع رائعة يا أطفال. كنت فخورًا بمدى شجاعتكما خلال ركوب الخيول الأول لكما. كما أنني فخورًا باكتشاف أنكما نقاد سينمائيين رائعين.
ولكما مني كل الحب: جدكما روجر
المصدر: rogerebert