إيمان محمد
«الفكرة الجيدة هي البكرة التي ينسج منها كاتب السيناريو خيوط النص ليمتد بعد ذلك العمل لحلقات تلو الحلقات».
مسار جديد تأخذه الدراما السعودية في طرح قصص عن فئات وشرائح ومناطق الوطن، للغوص والتغلغل في أعماق المجتمع، ولكن هذه المرة في عمق أكبر وهو مسار «القبيلة» باعتبارها نسيجًا ومكونًا اجتماعيًا لشريحة كبيرة من أفراد الوطن.
بدأ هذا النوع من الطرح بداية على هيئة مشهد ضمن اسكتشات متنوعة، ثم ولد بعد ذلك في رمضان لهذا العام كعمل متكامل، عن هذه الفكرة تحديدًا وعن مقومات نجاحها التي بدأت تجذب المشاهد بداية من خلال شخصيتين لتتوسع بعد ذلك وتنمو لتكوين وخلق شخصيات جديدة.
عمل حُمل بكفاءة وجدية على عاتق بطلين قدماه بغاية الانسجام للفنانة «ريم عبدالله» والفنان «ماجد مطرب». يصور العمل يوميات زوجين يمثلان لهجة وعادات إحدى القبائل السعودية بقالب كوميدي. ومن بساطة الفكرة وإتقانها ومن النص الجيد ورسم الشخصية المجسد بشكل طبيعي وغير متكلف، نجح العمل في جذب المشاهد.
بالرغم من أن فكرة استخدام لهجة منطقة ما – قد تكررت سابقًا – فإن توظيف اللهجة بلسان قبيلة محددة في عمل متكامل، يعتبر فكرة جديدة في الدراما السعودية، والذي حمل بانتشاره بين المشاهدين مسميات أخرى للعمل كتسميته بمسلسل «العتبان» أو مسلسل.
الفكرة تناولها البعض بداية بشيء من العنصرية، إلا أن ردود الأفعال العامة للعمل تدل على أنه نجح بمواقفه الكوميدية في نشر لهجة محلية وجعلها دارجة ومحبوبة ومفهومة لدى الجميع، وأهم من ذلك أنها طريقة لتمييع الحواجز التي تصنعها العنصرية والازدراء في تفكيك المجتمع، وذلك من خلال تذويب اللهجات والعادات في إطار الوحدة الوطنية بشكل عام.
الشخصيات منذ بداياتها كاسكتش في برنامج «استوديو23» راهن الكثير على نجاحها وطالبوا بامتدادها في عمل منفصل ومتكامل منذ العام الماضي، ثم بعد ذلك طالبوا بتقديم وقت عرض المسلسل بعد أذان المغرب بعد أن كان يعرض في وقت متأخر، وما ذلك إلا دليل على نجاحه جماهيريًا.
في رأيي، أن تفاعل الجمهور بحب مع العمل، ساهم في انتقال العمل من مرحلة لمرحلة، وصولًا إلى بثه في وقت ذروة المشاهدات. وإحدى أدوات النجاح أيضًا، استقطاب رواد برامج التواصل واستثمار جماهيريتهم تلفزيونيًا في الأعمال الرمضانية.
أجمل ما في العمل أنه لم يقدم نفسه بشكل فج، بل سار على طريقة أبطاله أبو صامل ونجر في كلمة: «أرّسل» ليتم استقباله بعد ذلك بكل بساطة من الجمهور.