طارق البحار
بعد قراءتي لبعض من التقارير النقدية عن الجزء الثاني من الفيلم الملحمي Dune Part Two أو «كثيب: الجزء الثاني» عبر موقع Rotten Tomatoes الشهير، والتقييمات المرتفعة جدًّا، والتي وصلت لـ97% من قبل 145 شخصًا قاموا بالتقييمات الأولى، كنت أحس بالكثير من السعادة، خصوصًا أني استمتعت جدًّا مع الجزء الأول من الفيلم الذي عرض في 2021.
الفيلم الجديد استمرار لنجاح المخرج دينيس فيلنوف، الذي أعلن رسميًّا، مؤخرًا، عن جزء ثالث بعنوان «Dune: Part Three» على وشك الاكتمال، وهو من تمثيل كل من: تيموثي شالاميت، وزندايا، وفلورنس بوغ، وريبيكا فيرجسون، وخافيير بارديم، وأوستن بتلر، وجوش برولين، وأنيا تايلور جوي.
الفيلم يتكئ على رواية «الكثيب» للأميركي فرانك هيربرت، التي صدرت عام 1965، واستمر تصويره في أبوظبي والأردن.
في هذه المتابعة الجديدة للفيلم في منظوره الخيالي نشاهد حكاية صراع بين الخير والشر، حيث يناضل سكان كوكب صحراوي في مواجهة كوكب آخر يسعى لإحكام قبضته على الكون.
وفيه يتحد بول أتريدس مع تشاني وفريمن، بينما يسعى للانتقام من المتآمرين الذين دمروا عائلته.
ويكون في مواجهة الاختيار بين حب حياته ومصير الكون، ويجب عليه منع مستقبل رهيب لا يستطيع التنبؤ به سواه، وسط كل ذلك نشاهد الأم جيسيكا «ريبيكا فيرجسون» لديها الكثير من التخطيط له؛ لأنها تبذل قصارى جهدها لإقناع فريمن وربما نفسها، بأن ابنها هو الموعود الذي سينقذ أراكيس.
Dune: Part Two «مثير» جدًّا للمشاهدة في شاشات الإيماكس، حيث يعتبر إنجازًا متقدمًا لسينما الخيال العلمي، بسب تحقيق فيلنوف التوازن بين مشهد بناء العالم ورواية قصة مثيرة، ويحتوي على تسلسلات حركة آسرة للعين، وبلا شك أن Dune: Part Two يقدّر حبكته بقدر مشاهد الحركة والمؤثرات الخاصة فيه.
هذا فيلم أكثر تأملًا من الجزء الأول، ولكنه مركز أكثر بكثير مع موضوعات مجازية يتردد صداها بعمق، ويقدم شالاميت أداءً ممتازًا فيه، ويكافح من أجل التصالح مع وكالته الشخصية في مواجهة الإغراء الأخير لمصيره. والأكثر فاعلية في هذا الإصدار الجديد الذي يعرض حاليًّا في كل مكان، هي جيسيكا فيرغسون التي تقاتل من أجل إرث ابنها فقط لتدرك ببطء ما ينطوي عليه حقًا، حيث تقدم شخصيتها بشكل مثير للاهتمام.
من المرجح أن يكتسح الجزء الثاني الفئات الفنية في حفل توزيع جوائز الأوسكار العام المقبل، لكن شالاميت وزندايا، وخاصة فيرجسون، جميعهم يستحقون الذكر في فئات التمثيل.
كما في الجزء الأول، تم صنع Dune: Part Two بإتقان تقني لا تشوبه شائبة، ويساعد التصوير في مواقع التصوير في صحراء أبوظبي والأردن على خلق عالم غريب يبدو ملموسًا تمامًا، مع تصوير سينمائي رائع كامل الإطار IMAX من Greig Fraser، وتضيف النتيجة العاطفية الموسيقية لهانز زيمر بعض المشاعر التي تشتد الحاجة إليها في الأحداث الملحمية الخيالية.
تم تكثيف الجدول الزمني في Dune: Part Two بشكل كبير، من عدة سنوات إلى أقل من سنة واحدة، ولم تولد شخصية رئيسة حتى بحلول الوقت الذي يختتم فيه الفيلم.
فأيًّا كان ما يخبئه المستقبل للأجيال المقبلة، فهناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه بعد خمسة عقود من المحاولات، تمت ترجمة كتاب هربرت الأول أخيرًا بنجاح إلى الشاشة، فالفيلم يفعل لرواية هيبرت ما فعله بيتر جاكسون لأجزاء «سيد الخواتم»، وهنا أطمح أن تكون الرحلة بعيدة عن الانتهاء.
استطاع المخرج دينيس فيلنوف في «Dune: Part Two» بتقديم ملحمة جديدة أفضل من الجزء الأول الذي كان قصة مختلطة مع رواية القصص الباهتة، لكن في «الجزء الثاني» قدم لنا السفينة الحربية الكونية مع الكثير من الصور المذهلة، وجميع الكثبان الرملية العملاقة بصورة أكثر إبداعًا، بالإضافة إلى استكشاف مواضيع أعمق للقوة والاستعمار والإيمان.
تتضاعف إبداع المخرج مع حركة الخيال العلمي أيضًا، مع معارك أكثر في الفضاء، مع المزيد من طائرات الهليكوبتر المتطورة، مع تجسيد تشالاميت بصفته رجلًا معقدًا ممزقًا بصورة مذهلة، مع «كيمياء» جميل مع النجمة زيندايا التي «تغذي» العلاقة الأساسية للفيلم.
نصيحتي هي لا تشاهده في شاشة عادية، بل شاهده على شاشة كبيرة قدر الإمكان وإيماكس بالتحديد؛ لأن فيلنوف يظهر لنا سحر الأفلام، وأعطانا ما لا يقل عن تحفة خيال علمي جميلة وغريبة مليئة بالأفكار الكبيرة والعجائب البصرية.